الخميس، 5 مايو 2016

روسيا صعّدت في سورية بعد فشل اقتراحها حول الدستور الجديد

| واشنطن - من حسين عبدالحسين |

إحراق حلب ليس هدفه الحسم بل إجبار المعارضين على القبول بالأفكار الروسيةبعد عشرة أيام من القصف الجوي الكثيف على حلب، تمسكت الولايات المتحدة وحلفاؤها برفضهم الطلب الروسي اجراء «مفاوضات جنيف بمن حضر من المعارضين السوريين» للتباحث في العملية الانتقالية والتوصل الى حل سياسي. وكانت موسكو، حسب مصادر في الأمم المتحدة، طلبت استكمال المفاوضات، رغم اعلان هيئة التفاوض السورية المعارضة انسحابها من محادثات جنيف اثر قيام قوات الرئيس السوري بشار الأسد بتصعيد غير مسبوق في ضواحي دمشق وفي حلب.

وتعتقد مصادر الأمم المتحدة ان تسلسل الاحداث الذي سبق انهيار «وقف الاعمال العدائية في سورية» حدث على الشكل التالي: توقف القتال، سمح الأسد بشكل محدود بادخال مساعدات الى بعض مناطق المعارضة، وبدأت عملية التفاوض السياسية بين النظام والمعارضة في جنيف حيث قدم مبعوث الأمم المتحدة ستيفان دي مستورا حلولاً عملية لوقف الحرب والتوصل الى حل عن طريق اقامة هيئة انتقالية بصلاحيات تنفيذية كاملة.

تضيف المصادر الأممية، ان وفد المعارضة السورية وافق على كل مقترحات الأمم المتحدة، ان كانت الشكلية لناحية قبول التفاوض وجهاً لوجه مع وفد النظام، أوالفعلية لناحية قبول تشكيل هيئة انتقالية بصلاحيات تنفيذية كاملة من أعضاء في المعارضة والنظام.

في الاثناء نفسها، كانت موسكو وواشنطن تعملان بشكل ثنائي وبالتنسيق مع حلفائهما على صياغة مسودة دستور سوري جديد مستوحى من الدستور الحالي لناحية الحفاظ على الاسلام كدين للدولة السورية مع الحفاظ على شكل الدولة المدني وحقوق الأقليات. كذلك، تباحث الأميركيون والروس في سيناريوات متعددة حول منصب رئاسة الجمهورية السورية مستقبلاً، واعتبر الأميركيون انه يمكن حصر ولاية الرئيس بولايتين، مع مفعول رجعي يأخذ بعين الاعتبار ولايتي الأسد. الروس عارضوا المفعول الرجعي، واقترحوا اناطة صلاحيات أكبر برئاسة الحكومة السورية، وهو ما يفتح فعلياً المجال للأسد للبقاء في منصبه وان في دور رمزي.

على ان حلفاء الولايات المتحدة، خصوصاً السعودية وقطر وتركيا، عارضوا أمر بقاء الأسد، وإن رئيساً شكلياً، واعتبروا أن في الأمر التفافا على التسوية، وان بقاء الأسد في الحكم، ولو من دون صلاحيات، يبقي الحرب السورية مشتعلة. اما مصر، التي تمثل الكتلة العربية في مجلس الأمن الدولي في أحد المقاعد العشرة ذات عضوية السنتين، فهي وقفت الى جانب روسيا، حسب مصادر الأمم المتحدة.

في الفترة التي بدا فيها وكأن الوقت يتسارع نحو التسوية، حاول الأسد عرقلة المفاوضات، واعتذر وفده عن الحضور بحجة انشغاله باجراء انتخابات برلمانية في البلاد، واستمر في المماطلة حتى باءت المحاولات الأميركية - الروسية في التوصل الى مسودة دستور الى الفشل، «تلى ذلك فوراً تصعيد غير مسبوق على كل الجبهات السورية».

ولا تعتقد المصادر الديبلوماسية الأوروبية في الأمم المتحدة ان لدى روسيا أو الأسد خطة فعلية للحسم العسكري، بل ترى ان الهجوم غير المسبوق على حلب هدفه اخضاع المعارضين واجبارهم على القبول بالافكار الروسية للحلول. لكن عندما رفضت المعارضة، حاولت موسكو فرض استمرار المفاوضات «بمن حضر»، أي بوفد الأسد ووفدي المعارضة المحسوبين على موسكو والقاهرة والقريبين فعلياً من موقف الأسد.

الا ان المفاوضات السورية تحتاج، مع الأسد ومعارضيه، الى رعاية دولية مكتملة كذلك، ولا يكفي ان تحضر روسيا والأمم المتحدة، بل المطلوب موافقة ورعاية الدول الاثنتي عشرة المشكلة لمجموعة الدعم لسورية، ويمكن لموسكو تأمين حضور ثلاث أو اربع من هذه الدول، مثل مصر ولبنان والعراق وايطاليا، ولكن لا يمكنها اجبار أميركا أو تركيا أو السعودية أو قطر على الحضور، وهو ما عطل المحاولة الروسية لمتابعة المفاوضات في غياب هيئة التفاوض المعارضة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق