الجمعة، 1 يوليو 2016

لماذا يحمي ساندرز الأسد؟

حسين عبدالحسين

وثيقة الديبلوماسيين الاميركيين الواحد والخمسين المعارضة لسياسة الرئيس باراك أوباما والمطالبة بتوجيه ضربات جوية لقوات الرئيس السوري بشار الأسد، والدراسة الصادرة عن كبار المرشحين للعب ادوارا قيادية في ادارة المرشحة الديموقراطية هيلاري كلينتون في حال وصولها للبيت الابيض والمطالبة باقامة مناطق “حظر قصف” لمقاتلات الأسد ومروحياته، والبيان السياسي للحزب الديموقراطي في شقه المتعلق بالسياسة الخارجية والرافض لأي شروط تلزم الرئيس المقبل بتفادي اقامة مناطق حظر جوي او مناطق آمنة في سوريا، كل هذه المؤشرات تؤكد ان الاتجاه العام لدى النخبة الاميركية سيملي على الرئيس الاميركي المقبل توجيه ضربات تجبر الأسد على الخروج من الحكم لفرض تسوية سياسية من بعده.

لكن اصدقاء الأسد في واشنطن والعالم لم يستكينوا بعد، وهم مازالوا يعملون على تأليب الراي العام الاميركي ضد اي محاولة أميركية لحسم الأزمة السورية عسكريا، ابرزهم رئيس “المعهد العربي الاميركي” جيم زغبي، الذي عيّنه المرشح الديموقراطي للرئاسة بيرني ساندرز عضوا في لجنة كتابة البيان العام للحزب الديموقراطي، والمتوقع اقراره في ٢٥ تموز يوليو.

في البند المتعلق بالسياسة الخارجية وسوريا، اقترح زغبي اضافة فقرة تعارض أي تدخل عسكري أميركي، بما في ذلك معارضة اقامة منطقة حظر جوي او مناطق آمنة. 

وتكمن المفارقة انه بتمثيله ساندرز، وبتقديمه الفقرة التي تهدف لحماية الأسد من اي تدخل جوي اميركي في عهد الرئيس المقبل، يكون زغبي قد ألبس ساندرز موقفا معارضا لاقامة “مناطق آمنة” تقي المدنيين السوريين عملية الموت المستمرة منذ خمس سنوات، وهو ما يطرح عددا من الاسئلة، منها ان كان ساندرز يدرك ماهية الموقف الذي اتخذه الزغبي باسمه في اجتماع اللجنة المركزية للحزب الديموقراطي، ومنها ان كان ساندرز يعرف من الذي يمول جمعيات زغبي ونشاطاته السياسية ويملي عليه مواقفه السياسية.

فاذا كان ساندرز يعرف ان خلف موقف زغبي اموالا طائلة ويسكت، فهذه ادانة بحق ساندرز الذي بنى حملته على عدائه لتدخل المال في السياسة عن طريق اللوبيات على انواعها. اما ان كان ساندرز لا يعرف من يحرك زغبي، فهذه ادانة ايضا بحق المرشح الذي ينتدب ممثلين عنه من دون ان يعلم من هي الجهات التي تقف خلفهم.

ومن نافل القول ان مناصري كلينتون في لجان الحزب، وهم كثر واصحاب نفوذ، خرّبوا على زغبي محاولته، واجبروه على سحب التعديل الذي قدمه لحماية الأسد.

ربما حان الوقت كي يدرك زغبي، وربما ساندرز، ان النخبة الاميركية سئمت سياسة أوباما اللانسانية تجاه سورية، وقررت استبدالها بسياسة أكثر فعالية لانهاء الأسد وطي صفحة المعضلة السورية.

على ان مجموعة كلينتون لا تتصرف لدوافع انسانية، بل هي تعتقد انه لا بد من ابدال السياسة الاميركية تجاه الأسد، لأن السياسة الحالية مازالت تؤدي الى مصائب متوالية. 

ومن يطالع اسماء ابرز مستشاري السياسة الخارجية في حملة كلينتون قد يفطن الى ان هؤلاء ليسوا بالضروة اصدقاء للعرب، او انهم سيتخذون مواقف بالجملة معاكسة لسياسات أوباما، فرأس هرم مستشارين كلينتون جايك سوليفان شارك في المحادثات السرية مع ايران في عمان في صيف ٢٠١٣، وهي المفاوضات التي افضت الى اتفاقية مؤقتة فأخرى نهائية حول ملف ايران النووي. 

اما من هزم زغبي في لجنة صياغة بيان الحزب الديموقراطي فوكيلة وزارة الخارجية السابقة وبطلة المحادثات مع الايرانيين ويندي شيرمان.

صحيح ان سوليفان وشيرمان وصحبهما سيستمرون في سعيهم لمصادقة ايران، لكن الثابت ان النخبة الاميركية لم تعد ترى ارتباطا بين مصير الأسد ومستقبل العلاقة الاميركية مع ايران. هذه الرؤية الجديدة هي ابرز ما سيتغير في عهد الرئيس الاميركي الجديد تجاه سوريا، وهذا ما يحاول الزغبي ومن يعمل لديهم، وربما معهم ساندرز، وقفه، او على الاقل عرقلته قدر الامكان.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق