الخميس، 1 سبتمبر 2016

نموذج ايران في نزع الارواح

حسين عبدالحسين

لم يتأخر رد “انصار الله” الحوثيين على مبادرة السلام الاميركية، التي تبنتها الامم المتحدة ووافقت عليها دول الخليج، والتي تنص على تشكيل حكومة وحدة وطنية يمنية، ووضع السلاح الثقيل الموجود في حوزة الفصائل المتحاربة في عهدة طرف حيادي، في الغالب قوة حفظ سلام دولية.

ورد الحوثيون في بيان، وزعه الناطق باسمهم محمد عبد السلام، جاء فيه: “من يطمع في انتزاع سلاحنا سنطمع في نزع روحه من بين جنبيه”. 

وتصريح الناطق باسم “انصار الله” يكاد يتطابق مع تصريح أدلى به امين عام “حزب الله” السيد حسن نصرالله، في فندق البريستول في بيروت في آذار ٢٠٠٦، قال فيه: “من يريد ان ينزع سلاح المقاومة في يوم من الأيام بالقوة سنقطع يده ورأسه وسننزع روحه”.

و”نزع الارواح” الذي تهدد به الميليشيات المسلحة المرتبطة بايران يترافق مع تطابق في المواقف والسياسات لدى هذه الميليشيات، فهو تهديد يأتي في الغالب ردا على مطالبة شركائهم في الوطن بتخلي الميليشيات عن سلاحها، والموافقة على حصر استخدام العنف بايدي حكومة وحدة وطنية يشارك فيها الجميع.

في لبنان، وبدءا من العام ٢٠٠٤، تحرك مجلس الأمن الدولي في الأمم المتحدة لنزع سلاح “حزب الله” باصداره سلسلة قرارات لاقت اجماعاً بين اعضائه. وترافقت القرارات مع دعوة الحزب الى الدخول في الحكومة اللبنانية كشريك والتخلي عن جيشه الخاص. الا ان “حزب الله” احتفظ بسلاحه، واجتاح بيروت، وذهب الى مؤتمر مصالحة لانتزاع إقرار هزيمة من خصومه، وفرض ترتيبات أمنية وسياسية وانتخابية تناسبه. ولم تكد تمر بضع سنوات على اتفاقية الدوحة، حتى انقض“حزب الله” على التسوية التي كان فرضها بسبب التغييرات التي طالت المنطقة. هكذا تحول “حزب الله” الى الحاكم الاوحد في لبنان.

واذا كان التطابق في التصريحات وتوالي الاحداث ينبىء بأن ما سيحصل في اليمن سيكون تكرارا للاحداث اللبنانية، التي شهدت انتقال البلاد من السيطرة السورية الى السيطرة الايرانية التامة، يعني ذلك ان تشكيل الحوثيين ميليشيا، واجتياحهم العاصمة صنعاء، وذهابهم الى محادثات مصالحة في الدوحة لفرض تسويتهم، ورفضهم التراجع بل تشكيلهم ما يسمى “المجلس السياسي الاعلى” — وهو هيئة تنفيذية بمثابة حكومة — ثم رد الحوثيين على المبادرة الدولية للسلام في اليمن بتكرار ما دأب على قوله نصرالله بـ “نزع روح” من يحاول تحييد سلاح “انصار الله”، كلها خطوات على طريق الانتقال الكامل للسيادة اليمنية من ايدي علي عبدالله صالح الى ايدي حلفاء ايران.

وكما في لبنان وسوريا، حيث استنجد بشار الأسد، الديكتاتور الذي يغرق، بأهداب الثوب الايراني، فتحول الأسد من حاكم أوحد الى شخصية ثانوية في الاحداث، كذلك في اليمن، تراءى للديكتاتور علي عبدالله صالح ان بامكانه استغلال الايرانيين لتحقيق مآربه والبقاء في السلطة، فتحول الى شخصية ثانوية، فيما يطوف المسؤولون الحوثيون عواصم المنطقة، ويأتي الرد على المبادرة الاميركية على لسانهم.

النموذج الايراني صار واضحا ويقضي بانشاء ميليشيات ذات امكانيات عسكرية متفوقة على جيوش حكومات الدول المضيفة، ثم استخدام هذه القوة لفرض سطوة الميليشيا المؤيدة لايران وتحويل الحكومة الى لاعب ثانوي. هكذا يتحول مرشد لثورة الايرانية علي خامنئي الى والي ولاة لبنان واليمن والعراق وسوريا، او ملك الملوك، اي شاهنشاه بالفارسية.

يحكى ان ايران حكمها في القرن الرابع الميلادي ملك من الساسانيين اسمه شابور الثاني، عرفه العرب باسم ذي الاكتاف لأنه كان يأمر بخلع اكتاف العرب الذين يرفضون الولاء له. وفي يوم من الايام سأل احد المؤرخين الغربيين زميله حول تفسيره لظاهرة خلع الاكتاف الفريدة من نوعها في التاريخ، فأجاب الزميل بالقول: “شابور كان يريد ان يحكم العرب، لا ان يفنيهم”.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق