الثلاثاء، 4 أكتوبر 2016

السباق إلى البيت الأبيض بين المرشحة الأقل تأييداً .... والمرشح الأكثر كرهاً في التاريخ الأميركي

| واشنطن - من حسين عبدالحسين |

معظم كلام هيلاري في المناظرة كان عبارة عن «افخاخ» انتخابية وقع ترامب في شركهارغم الاسبوع الكارثي الذي بدأ مع ادائه المزري في المناظرة الرئاسية الاولى، وانخراطه في اسبوع من العراك الكلامي مع «ملكة جمال العالم» السابقة آنا ماخادو، وكشف صحيفة «نيويورك تايمز» انه صرّح عن خسارة قاربت مليار دولار في العام 1995 ما أهّله لعدم تسديد اي ضرائب فيديرالية على مدى العقدين الماضيين، مازال المرشح الجمهوري دونالد ترامب صامدا في استطلاعات الرأي الاميركية، التي لم تسجل الا تقدما طفيفا لمصلحة منافسته الديموقراطية هيلاري كلينتون.

وتتواتر تقارير من داخل حملة ترامب تشير الى ان انقساما حادا يسيطر على القيمين على الحملة بين جناح معتدل بقيادة مديرة الحملة كيلي آن كونواي، وهو جناح يعتقد بضرورة تقديم المرشح الجمهوري على انه «طبيعي» وممكن تسويقه لدى مختلف الفئات، وجناح متطرف بقيادة روجر ستون يحاول تقديم ترامب على «سجيته»، اي انه مرشح متمرد على المؤسسات الحزبية والحاكمة.

وبعدما نجح الجناح المعتدل في اعادة تقديم ترامب «الثوري» بصورة ترامب «الرئيس»، استقطب المرشح الجمهوري قرابة 70 في المئة من الناخبين الجمهوريين ممن كانوا مازالوا يشككون في مقدراته العقلية على تولي رئاسة البلاد. لهذا السبب، ارتفعت شعبية ترامب، حسب استطلاعات الرأي، على مدى شهر سبتمبر الماضي، وقلّص الفارق مع كلينتون الى اقل من نقطتين مئويتين.

وترافق صعود ترامب مع اسبوع صعب لكلينتون، تخلله وعكة صحية شهدت سقوطها ارضا.

لكن المناظرة الرئاسية الاولى اظهرت جبروت الماكينة الانتخابية لعائلة كلينتون، اذ يعتقد المتابعون ان معظم الكلام الذي أدلت به كلينتون في المناظرة كان عبارة عن «نصب افخاخ» انتخابية وقع ترامب في شركها كلها. وعلى رغم ان السباق الرئاسي هذا العام هو، حسب البعض، سباقا بين المرشحة التي تتمتع بأقل تأييد، اي كلينتون، واكثر مرشح مكروه شعبيا في التاريخ الاميركي، اي ترامب، الا ان كلينتون اثبتت تفوقها في المناظرة بظهورها بمظهر رئاسي، فهي كانت مستعدة ويقظة ومتماسكة، فيما بدا عدم الاستعداد والتعب على ترامب، الذي قدم افكارا متناقضة ومبعثرة.

لكن بدلا من محاولة دفن المناظرة، التي شهدت فشله المريع، في الدورات الاعلامية المتعاقبة، ارتكب فريق ترامب خطأ فادحا باعطاء التعليمات لمناصريه بالتمسك بمقولة انه فاز بالمناظرة، وراح ترامب نفسه يصرّ على الانخراط في عراك كلامي مع ماخادو، فاغضب الاميركيين من جذور اميركية جنوبية، والنساء، في وقت راح حلفاؤه يهاجمون عائلة كلينتون بسبب «الخيانات الزوجية» للرئيس السابق بيل كلينتون. على ان خطة ترامب لم تنجح في تحسين وضعه المتقهقر، خصوصا مع النساء، فترامب نفسه مطلق مرتين وهو يعيش زواجه الثالث.

وفي اللحظة التي بدا فيها ان اوقاته العصيبة كانت تنحسر، اطلت صحيفة «نيويورك تايمز» بثلاث صفحات مسربة تعود للبيانات الضريبية للمرشح الجمهوري، وتكشف ادعائه خسارة بلغت 915 مليون دولار في العام 1995، وهو ما يخوله عدم تسديد اي ضرائب دخل للحكومة الفيديرالية على مدى 18 عاما تلتها، حسب قانون الضرائب.

ولم تنف حملة ترامب التقرير، بل راحت تتبجح بـ «ذكاء» المرشح الجمهوري، الذي يفترض انه نجح في استغلال ثغرة في القانون للافادة منها.

وقال المرشح الجمهوري إنه «استخدم ببراعة» قوانين الضرائب لمصلحته بمحاولته الحد من المبلغ الذي دفعه للضرائب مشيرا إلى أن ذلك ساعده على البقاء خلال فترة صعبة في سوق العقارات.

وتابع ترامب أمام حشد في بويبلو في ولاية كولورادو «كنت قادرا على استخدم قوانين الضرائب في هذا البلد وبصيرتي المهنية في الخروج من الفوضى العقارية... في حين تمكن قليلون من فعل ما فعلت».

لكن تفادي ترامب تسديد الضرائب، في وقت يعاني الاميركيون من الطبقتين الفقيرة والمتوسطة من تسديد ضرائبهم تحت طائلة الملاحقات القانونية التي تقوم بها دائرة الضرائب، لم تحسن من نظرة الاميركيين لترامب.

وامام الغرق الانتخابي الذي عانى منه ترامب، أطل رئيس موقع «ويكيليكس» جوليان اسانج ليعلن نيته نشر وثائق «فضائحية» من شأنها ان تنهي حملة كلينتون الرئاسية. وفيما هللت حملة ترامب للانباء، توجس بعض مناصري المرشح الجمهوري بسبب الاعتقاد ان اسانج كان ينوي نشر فضائح للمرشحين بهدف نفي التهم الموجهة اليه انه يعمل بأمر الاستخبارات الروسية، التي تسعى لترجيح كفة ترامب، صديق الرئيس الروسي فلاديمير بوتين. لكن اسانج تراجع فيما بعد عن اعلانه لاسباب غير معروفة. امام الضربات القاسية التي تلقاها ترامب، الذي امضى اسبوعين يتصدر الاخبار سلبا، عادت حظوظ كلينتون للارتفاع الى مستويات ما قبل سبتمبر، فوصلت حظوظ فوزها في الانتخابات الرئاسية المقررة في ٨ نوفمبر الى 70 في المئة، مقابل 30 في المئة فقط لترامب، حسب ابرز خبراء الاستفتاءات نايت سيلفر.

لكن على رغم تقدمها الشاسع شعبيا، لم تستعد كلينتون الفارق - الذي كان يتعدى العشرة في المئة احيانا - في الولايات «المتأرجحة» الثمانية، التي سجلت تقدما لكلينتون يتراوح بين نقطتين وخمسة. ويعتبر سيلفر ان اداء كلينتون في المناظرة منحها تقدما تراوح بين 1 و3 في المئة، وهو امر ايجابي، ولكنه لا يعكس التباين الكبير في الاداء الذي كان لمصلحة المرشحة الديموقراطية.

وفيما تحتدم النقاشات المتلفزة والمسموعة عبر قنوات التلفزيون والراديو، عقد المرشحان لمنصب نائب رئيس، الديموقراطي تيم كاين والجمهوري مايك بنس، المناظرة الوحيدة المخصصة لنائب الرئيس في وقت متقدّم من ليل أمس، فيما اتجهت الانظار الى المناظرة الرئاسية الثانية المقرر انعقادها الاحد.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق