الخميس، 1 ديسمبر 2016

أولبرايت وهادلي يقدمان دراسة مفصّلة عن استراتيجية أميركية جديدة للمنطقة

| واشنطن - من حسين عبدالحسين |

في 20 يناير المقبل سيرحل الرئيس باراك أوباما عن الحكم وسترحل معه جملته الشهيرة في خطاب حال الاتحاد، مطلع هذا العام، والتي قال فيه ان الاميركيين لايفهمون، ولا مقدرة لديهم، على حل صراع بين السنة والشيعة يعود الى الفية من الزمن او اكثر، وسيحل محله الرئيس المنتخب دونالد ترامب، والذي لم يقدم حتى الآن صورة واضحة لسياسته الخارجية في الشرق الاوسط. وبين رحيل أوباما ومجيء ترامب، يسعى عدد كبير من الاميركيين - خصوصا من المسؤولين السابقين - الى محاولة ملء الفراغ الفكري الذي تسبب به ترامب.

في هذا السياق، قدمت وزيرة الخارجية السابقة مادلين اولبرايت، وهي من الديموقراطيين، بالاشتراك مع ستيفن هادلي، مستشار الأمن القومي للرئيس الجمهوري السابق جورج بوش الابن، دراسة شاملة ومفصلة حول اتجاه جديد للسياسة الخارجية الاميركية يختلف جذريا عن أوباما وسياسته.

ويتمتع هادلي بحظوظ لتبوؤ منصب وزير دفاع في حكومة ترامب، لكنه وعد، بغض النظر عن مستقبله السياسي، ان يقوم واولبرايت بتسويق رؤيتهما لدى الادارة الجديدة والحزبين في الكونغرس في مسعى لتحويلها الى استراتيجية رسمية للولايات المتحدة في عهد ترامب.

ويبني المسؤولان السابقان رؤيتيهما على اعتبار ان المصلحة القومية للولايات المتحدة تقضي بانهاء سياسة الوقوف والتفرج على أزمات الشرق الاوسط، وانهاء الاعتماد اكثر من اللازم على الجهود الديبلوماسية، والأهم، يعتقد كل من اولبرايت وهادلي ان على الولايات المتحدة ان تطوي صفحة أوباما لناحية اصراره على حصر سياسة أميركا تجاه الشرق الاوسط بمكافحة «العنف المتطرف»، وهو الاسم الذي ابتكرته ادارة أوباما لاستبدال كلمة ارهاب.

ويرى المسؤولان السابقان ان استراتيجيتيهما الجديدة تعتمد على الدروس الاميركية من السياسات السابقة، وان على واشنطن ان تتحلى بالصبر في عملية انهاء الحروب الاهلية واعادة الاعمار، وان عليها ان تفعل ذلك في اطار مجهود دولي اقليمي متكامل تشارك فيه روسيا واوروبا، وان على الولايات المتحدة والمؤسسات الدولية - مثل الامم المتحدة وصندوق النقد والبنك الدوليين - التوقف عن محاولة املاء السياسات التي يعتقدونها ناجحة في المنطقة، وان يدعموا عوضا عن ذلك سياسات الحكومات المحلية في محاولتها قيادة شعوبها نحو مستقبل افضل.

بكلام آخر، لن يكون تغيير الانظمة شرطا للتغيير في العالم العربي، لكن الدراسة التي قدمها المسؤولان السابقان تضع في صدارة اولوياتها تشكيل حكومات وحدة وطنية تتمتع بأوسع واصدق تمثيل لشعوبها، تماشيا مع التغيير الذي طالبت به بعض الشعوب العربية في العام 2011.

وجاء في الدراسة ان «لا عودة للنظام القديم» في منطقة الشرق الاوسط، وان «على المنطقة ان تتحمل المسؤولية الاساسية في تحديد شكل النظام الجديد»، وان «عدم الانخراط ليس حلا عمليا للغرب»، الذي اعتبرت الدراسة ان مفاعيل الحروب الشرق اوسطية انعكست عليه لناحية خروج بريطانيا من الاتحاد الاوروبي، وتعرض الاخير للتفكك تحت ضغط وفود اللاجئين من سورية والعراق وليبيا وغيرها من الدول.

وتابعت الدراسة انه يمكن «للقوى الخارجية ان تساعد في الخروج من ازمة الشرق الاوسط»، وان «ذلك في مصلحتها»، لكن «عليها ان تلعب ادوارا مختلفة عما قامت به في الماضي». واضافت الدراسة ان «اي استراتيجية للمنطقة لا يمكنها التركيز على مكافحة الارهاب وحده»، وان «الاستقرار لن يحل طالما تقوم بعض الدول الاقليمية بالتدخل بشؤون بعضها البعض». وشددت الدراسة على وحدة اراضي دول الشرق الاوسط، لكنها اعتبرت ان اللامركزية وتقوية الحكم المحلي داخل كل دولة امر ضروري لتفادي التقسيم.

واطلت اولبرايت وهادلي معا في مقابلة عبر شبكة «بي بي اس» شبه الرسمية، وشددت وزيرة الخارجية السابقة على ضرورة التدخل لانهاء الحرب في سورية، وقالت ان على الرئيس ترامب زيادة المجهود العسكري الاميركي، لا عن طريق ارسال قوات ارضية، «بل عبر دعم مجموعات الثوار وتطعيمها بقوات (اميركية) خاصة… وعن طريق القوة الجوية، واقامة منطقة آمنة».

بدوره، قال هادلي انه «على رغم ان سياسة ترامب الخارجية مازالت غامضة، الا ان الرئيس المنتخب حدد امرين: الاول الحاق الهزيمة بتنظيمي الدولة الاسلامية (داعش) والقاعدة، والثاني مواجهة ايران». وقال هادلي انه «مثلما قامت أميركا بتقوية مجموعات حليفة على الارض في العراق وسورية للضغط على داعش والقاعدة، يمكن لها ان تقوي مجموعات حليفة لتواجه ايران وحلفاءها على الارض في العراق وسورية كذلك. هذا سيضع بعض الحدود لما يمكن لايران القيام به… وبعض الحدود لما يمكن للروس القيام به».

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق