الاثنين، 27 فبراير 2017

الرئيس الأميركي يُصعّد الحرب «المفتوحة» ضد الاعلام

| واشنطن - من حسين عبدالحسين |

تكاد العاصمة الاميركية تتوقف عن الحياة السياسية وتتفرغ لمشاغبات الرئيس دونالد ترامب وتغريداته وحربه ضد الاعلام، التي كان آخرها اقدامه بشكل غير مسبوق على حظر مشاركة صحف «نيويورك تايمز» و«بوليتيكو» و«لوس انجليس تايمز»، وشبكات تلفزيون «سي ان ان» و«بي بي سي» البريطانية، في المؤتمر الصحافي اليومي الذي يعقده الناطق باسم البيت الابيض شون سابيسر.

وانفجرت الأزمة بين ترامب والاعلام بعدما وصف الرئيس الاميركي عددا من المؤسسات على انها «اعلام مزيف»، واطلق عليها تسمية «عدوة الشعب الاميركي». وفيما ترامب يهدد ويتوعد، كشفت وسائل اعلامية ان رئيس موظفي البيت الابيض رينس بريبس تواصل مع «مكتب التحقيقات الفيديرالي» (اف بي آي) ليحض المسؤولين فيه على تكذيب قصة، وردت في عدد من الوسائل الاعلامية، وجاء فيها ان المكتب يجري تحقيقات في اتصالات اقامها عدد من مساعدي ترامب بالاستخبارات الروسية، اثناء الحملة الرئاسية الانتخابية العام الماضي.

وكان لافتا ان ترامب ومستشاره للشؤون الاستراتيجية ستيفن بانون، بدآ باستخدام عبارة «قتال» لوصف مواجهتهم ضد الوسائل الاعلامية التي يصفونها بالمعارضة. وكلمة قتال قد تحمل دعوات الى المتطرفين اليمينيين من انصار ترامب الى التحرش باعلاميي هذه المؤسسات، والتعرض لهم، وربما ايذائهم.

وانضم الحزب الديموقراطي المعارض الى المواجهة السياسية الحامية بين ترامب والاعلام، ووجه اسئلة عبر رئاسة الكونغرس الى البيت الابيض حول اتصال بريبس بالـ «اف بي آي»، وهو اتصال يتنافى مع القوانين الاميركية اذ انه يعتبر بمثابة تدخل السلطة التنفيذية في مجريات التحقيق وصلاحيات السلطة القضائية.

وكان الديموقراطيون اعلنوا انهم، نزولا عند رغبة انصارهم، قرروا تبني سياسة مواجهة متشددة ضد ترامب وادارته. وقال مشرعون ديموقراطيون انهم لا يمانعون ان يلعبوا دور «حزب لا»، وهو اللقب الذي اكتسبة الحزب الجمهوي اثناء حكم الرئيس السابق باراك أوباما. وكان الديموقراطيون انقسموا الى مجموعتين، اعتبرت الاولى انه يمكن اتخاذ موقف معتدل يستقطب المعتدلين الجمهوريين ممن يتعرضون لهجوم ترامب وجناحه المتطرف، ومجموعة اخرى طالبت بخوض اقسى مواجهة ممكنة ضد ترامب وحكمه. ويبدو ان انصار المواجهة الشاملة ضد ترامب هم الذين فرضوا رأيهم، وذلك بدعم من القواعد الشعبية للحزب.

في هذه الاثناء، أطلّ ترامب في خطاب عنيف في المؤتمر السنوي الذي تعقده «لجنة العلاقات العامة للمحافظين» في الحزب الجمهوري، حمل فيه على الاعلام وعلى معارضيه. ويستمر مساعدو ترامب في تكرار الحديث عن تزوير في الانتخابات الرئاسية، التي فاز بها تقنيا ولكنه حل ثانيا في التصويت الشعبي بعد كلينتون. وتحولت القضية الى مشكلة للجمهوريين دفعت بعض كبار مسؤوليهم، مثل محافظ ولاية نيوهامبشير جون سنونو، الى الطلب من البيت الابيض اثبات مزاعم الرئيس التي اشار فيها الى تزوير في الاقتراع حصل في الولاية.

الأزمة السياسية العنيفة التي تعصف بالعاصمة الاميركية صارت أزمة مفتوحة، وغير مسبوقة في نوعها، وهي صارت تعوق معظم اعمال الحكومة والكونغرس، مع ما يعني ذلك من امكانية انعكاسها على شعبية ترامب، التي ستعاني في حال فشل الرئيس في الوفاء بالوعود التي قطعها للاميركيين اثناء حملته الانتخابية، والتي تتطلب حكومة تعمل من دون تشويش وكونغرس يشرّع.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق