الاثنين، 27 فبراير 2017

دراسة أميركية تحذّر ترامب من التحالف مع الأسد و... روسيا

| واشنطن - من حسين عبدالحسين |

حذّرت دراسة أميركية، أعدها عشرة من كبار المسؤولين الاميركيين السابقين والباحثين من الحزبين الجمهوري الحاكم والديموقراطي المعارض، الرئيس دونالد ترامب من التحالف مع الرئيس السوري بشار الأسد وروسيا تحت عنوان الحرب ضد تنظيم «الدولة الاسلامية» (داعش).

وجاء في الدراسة ان تحالفا من هذا النوع سيأتي على حساب تكلفة عالية في ارواح المدنيين السوريين، ولن يساهم في حل المشاكل السياسية المحركة للحرب السورية. كما ان من شأن عقد تحالف أميركي مع الأسد وروسيا لمحاربة داعش «تقوية نفوذ ايران في دمشق، في وقت تحتّم مصالح الولايات المتحدة الاخرى في المنطقة احتواء الطموح الايراني (بالتمدد) داخل معاقل العرب السنة».

وجاءت الدراسة برعاية مركز ابحاث «بروكنغز»، الذي عقد ندوة أمس خصصها للاعلان عن الدراسة في قاعة غصت بالحاضرين وتكلم فيها اربعة من المشاركين في الاعداد، هم مستشار الأمن القومي السابق للرئيس الأسبق جورج بوش الابن ستيفن هادلي، ووكيلة وزير الدفاع السابقة ميشال فلورنوي، وسفير أميركا السابق في اسرائيل مارتن انديك، والباحثة كريستين سيلفربرغ.

وبعدما اوردت «الراي» ان جنرالات ترامب الثلاثة - مستشار الأمن القومي اتش آر ماكماستر ووزير الدفاع جيمس ماتيس ووزير الأمن القومي جون كيلي - يعتقدون بضرورة اعادة التوزان بين ايران وخصومها العرب، وفي شكل أخص بين الشيعة والسنة، في الشرق الاوسط، كمدخل لأي حل يؤدي الى تثبيت الاستقرار في المنطقة، ورد في دراسة «بروكنغز» دعوات مشابهة لإعادة التوازن بين ايران وخصومها، وكأن السياسة المذكورة بدأت تلاقي رواجا في اوساط المعنيين بالسياسة الخارجية الاميركية، وكأن هذه السياسة بدأت تتحول الى اجماع في واشنطن، بعد سنوات من اصرار الرئيس السابق باراك أوباما وفريقه على التوصل الى «تسوية كبرى» تقضي بمصالحة مع ايران، وباعادة ايران الى دورها السابق للعام 1979، والذي كانت تلعب فيه دور الضامن لاستقرار المنطقة والمصالح الاميركية.

وحددت الدراسة خمس مشاكل في الشرق الاوسط هي: «ست ازمات في عموم المنطقة في ليبيا، وسورية، والعراق، واليمن، واسرائيل والفلسطينيين، وافغانستان»، و«دول فاشلة فقدت سيطرتها على مناطق ريفية ونائية سمحت لداعش والقاعدة اتخاذها مقرات لها»، و«ايران شيعية تستغل الانقسامات والتوتر داخل العالم العربي السني من اجل تحقيق اطماعها بالهيمنة»، وانهيار سعر النفط بشكل حرم بعض الحكومات العربية الموارد التي تستخدمها من اجل شراء المعارضة، ودخول روسيا عسكريا الى سورية بهدف حرمان الولايات المتحدة من العودة الى المنطقة.

وقدمت الدراسة ستة حلول رتبتها حسب اهميتها، وتصدرتها الحرب على «ارهابيي داعش والقاعدة» وتدميرهم، وهي اولوية اعلنها ترامب اصلا. يلي القضاء على داعش ضرورة احتواء أميركا «لأطماع ايران بالهيمنة، و (وقف) تذكيتها الحرب الطائفية في المنطقة، و (مواجهة) طموحاتها لحيازة اسلحة نووية». في المرتبة الثالثة في اولويات أميركا، حسب الدراسة، «تأكيد أمن حليفتنا اسرائيل، وشركائنا التقليديين في المنطقة: مصر، والأردن، والمغرب، والعربية السعودية، ودول مجلس التعاون الخليجي».

في المرتبة الرابعة في الاولويات «منع تمدد الفوضى من الشرق الاوسط الى اوروبا وافريقيا عبر اللاجئين والكوادر الارهابية». اما في المرتبة الخامسة في الاولويات الاميركية، فحلّت ضرورة «استمرار تدفق النفط باسعار مقبولة الى حلفائنا في اوروبا وآسيا، والى شريكينا التجاريين الصين والهند».

في قعر الاولويات الاميركية، تقول الدراسة، تأتي ضرورة مساندة أميركا للاصلاحات السياسية والاقتصادية في دول المنطقة، وهو ما من شأنه تأمين استقرار وثبات أكثر في المنطقة عموما.

واعتبرت الدراسة ان ولا واحدة من الاولويات التي تبنتها تقضي بشن حرب أميركية جديدة على الأرض، وان بسبب استخراج أميركا للطاقة الاحفورية، صارت الولايات المتحدة بغنى عن النفط الشرق الاوسطي، وهو ما يسمح بتوجيه هذا النفط الى شركاء أميركا ممن يحتاجونه. وتابعت ان شركاء أميركا يتحملون اعباء اكبر في الحروب اليوم، مثل في الحرب ضد داعش، التي تشارك فيها القوة الجوية الاميركية وقوات خاصة فقط، وهو نوع من المشاركة يختلف عن التورط العسكري الكبير الذي فرضه الرئيس الأسبق جورج بوش الابن على القوة العسكرية الاميركية، كما يمكن توسيع التدخل الاميركي لانهاء عملية التقنين التام في المشاركة العسكرية الذي فرضه الرئيس السابق باراك أوباما.

ختاما، اظهرت الدراسة تخبطا لناحية اعتقادها ان جيلا قياديا جديدا يبرز في العالم العربي هو على عكس اسلافه، لا يوجه الغضب العربي باتجاه اسرائيل، بل يسعى للتعاون معها، من باب عداء العرب واسرائيل المشترك لايران، ومن باب اعتقاد هؤلاء القادة العرب الجدد انه يمكن لاسرائيل تأمين مصالح العرب عبر نفوذها داخل واشنطن، والى الاعلان عن العلاقات العربية مع اسرائيل، التي تبقى سرية حتى اليوم.

لكن هذه التكهنات التي قدمتها دراسة «بروكنغز» تبقى تكهنات، وتشكل صدى لما قاله رئيس حكومة اسرائيل بنيامين نتنياهو في مؤتمره الصحافي الذي تلى لقاءه ترامب في البيت الابيض، وهي تكهنات تبدو وكأنها تجافي الواقع ومن باب التمني والمناورة السياسية.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق