الخميس، 30 مارس 2017

إدارة ترامب تخوض الحرب ضد «داعش»... بسرية

| واشنطن - من حسين عبدالحسين |

في خطوة تبدو كأنها أشبه بالتطورات التي رافقت حرب أميركا في فيتنام في ستينات وسبعينات القرن الماضي، فرضت إدارة الرئيس دونالد ترامب طوقاً من السرية على عدد القوات التي تنوي نشرها في العراق وسورية للمشاركة في الحرب ضد تنظيم «داعش».

وأبلغت وزارة الدفاع (البنتاغون)، أول من أمس، الإعلاميين أنها لن تزودهم بعد الآن بعدد القوات الاميركية المنتشرة على الأرض، بل ستكتفي بتقديم صورة عامة عن «الامكانيات» العسكرية التي ستستخدمها في هذه الحرب، مثل ذكر عدد أو نوع الكتائب الاميركية المنخرطة في القتال.

جاء ذلك فيما كانت التقارير المتداولة في العاصمة الأميركية أشارت الى أن إدارة ترامب تنوي رفع عدد قواتها البرية في سورية إلى نحو ستة آلاف، وهو نفس عدد الاميركيين المنخرطين في الحرب ضد «داعش» في العراق. وكانت طلائع القوات الاميركية بدأت بالوصول الى الكويت كمحطة أولى في طريقها الى سورية، وأعلن قادة الجيش آنذاك أن سبب إرسال القوات الى الكويت هو من باب «الاحتياط والتحسب» لأي طارئ، ولإمكانية حاجة القادة الميدانيين في العراق وسورية الى قوات اضافية.

لكن التقارير التي أشارت الى زيادة عدد القوات البرية في سورية أثارت فضول الإعلام الاميركي وقلق الرأي العام من التورط في حرب جديدة في الشرق الاوسط، وهو ما دفع البعض إلى مطالبة البيت الأبيض بإعلام الكونغرس بخططه الحربية، عملاً بالدستور. لكن بدلاً من أن تطلب ادارة ترامب من الكونغرس إقرار قانون يخولها استخدام القوة العسكرية في العراق وسورية، تمسكت بتفسير الرئيس السابق باراك أوباما، الذي اعتبر أن انخراط أميركا في الحرب ضد «داعش» هو في سياق الحرب العالمية ضد الارهاب، التي مازال قانونها الصادر في العام 2001 ساري المفعول، أي أنها لا تحتاج لموافقات جديدة من الكونغرس.

وبدلاً من أن يذهب ترامب الى الكونغرس أو أن يصارح الرأي العام الاميركي، آثر تحويل الحرب الاميركية ضد «داعش» الى حرب سرية، أي من دون إعلام الاميركيين عن عدد القوات البرية المنتشرة في سورية والعراق.

ومع إغلاق «البنتاغون» باب الشفافية في وجه الاعلام، تواترت تقارير من داخل أروقة القرار الاميركي مفادها أن الضباط الأميركيين في القيادتين الوسطى والافريقية يطلبون من وزارة الدفاع قوات برية للانخراط في الحرب ضد الارهاب في أماكن غير العراق وسورية. وتأتي في صدارة هذه الاماكن ليبيا والصومال واليمن، على أن أي مشاركة أميركية في اليمن ستقتصر على محاولة اقتلاع تنظيم «القاعدة» في مناطق غير تلك التي يخوض فيها التحالف العربي والقوات اليمنية الشرعية حرباً ضد ميليشيات الانقلابيين.

ورغم التعتيم الذي فرضته ادارة ترامب على تطورات المشاركة الاميركية في الحروب في العراق وسورية، وربما ليبيا والصومال واليمن، تواترت تقارير عزت الارتفاع في عدد الضحايا المدنيين الناجم عن غارات مقاتلات التحالف الدولي في الموصل العراقية والرقة السورية، إلى إصدار «البنتاغون» أوامر رفع بموجبها القيود التي كانت تفرضها إدارة أوباما على مجريات القتال وانخراط المقاتلات الاميركية.

في زمن أوباما، كان يلزم شن غارات أميركية ضد «داعش» استحصال موافقات من واشنطن. أما ترامب فسمح للقادة الميدانيين «طلب» الاسناد الجوي حسب مجريات المعركة وتقديرهم الاوضاع، من دون المرور بوزارة الدفاع في واشنطن. ولأن «المستشارين» الاميركيين صاروا منخرطين في الصفوف الامامية للقتال ضد «داعش»، ولأن هؤلاء الاميركيين يعتمدون أحياناً في معلوماتهم حول تطورات المعركة على حلفائهم المحليين، صارت إمكانية ضرب أهداف قد يكون فيها مدنيين أكبر من الماضي.

على ان الارتفاع الكبير والمفاجئ في أعداد القتلى المدنيين العراقيين والسوريين لفت انتباه المنظمات الانسانية، الاميركية والدولية، وبدأ على الفور الضغط السياسي داخل واشنطن لإجبار الادارة على إظهار شفافية أكبر في شرح الاهداف التي يتم قصفها.

وعلمت «الراي» من جمعيات مناهضة للحرب على العراق وافغانستان انها بدأت عقد اجتماعات لفروعها في الولايات الاميركية المختلفة لشن حملة للضغط على البيت الابيض لكشف عدد القوات الاميركية البرية المنخرطة في الحروب حول العالم. وتنوي هذه الجمعيات، وفي طليعتها «موف اون» المحسوبة على الديموقراطيين، تحريك مشرعي الكونغرس في الحزب الديموقراطي لبدأ ممارسة الضغط على ترامب «حتى لا يشن حرباً باسم الاميركيين من دون علمهم».

واعتبر خبراء أنه من الصعب أن يبقي ترامب أي مشاركة للقوات الاميركية البرية طي الكتمان، خصوصاً إذا بدأت «رسائل النعوات» تصل الى عائلات العسكريين، إذ ذاك من المرجح ان تعود الفورة الشعبية ضد مشاركة أميركا في حروب حول العالم الى التعاظم، وهو ما يهدد سطوة الحزب الجمهوري السياسية وسيطرته على الكونغرس بغرفتيه وعلى البيت الابيض.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق