الثلاثاء، 21 مارس 2017

ترامب: كان علينا ألا ننسحب من العراق

| واشنطن - من حسين عبدالحسين |

أبلغ الرئيس الأميركي دونالد ترامب ضيفه رئيس حكومة العراق حيدر العبادي، أثناء اللقاء بينهما في البيت الابيض ليل أول من أمس، انه كان على الولايات المتحدة ألا تسحب جيشها من العراق أبداً، لأن الانسحاب الاميركي خلّف فراغاً وأدى إلى عودة الارهاب.

وأثنى ترامب على العبادي، مشيراً إلى أنه يبلي بلاء حسناً في موقعه رئيساً للحكومة العراقية.

وقال الرئيس الأميركي «بالتأكيد كان يجب ألا نرحل… كان لا يجب أن نرحل أبداً. (أدى رحيلنا الى) خلق فراغ، وناقشنا اليوم ما حصل».

وتوجه إلى العبادي بالقول «أنا أكن احتراماً كبيراً لك، وأنا أعرف أنك تعمل بكد، والجنرال جيمس ماتيس والجنرال ماكماستر وريكس تيلرسون يقولون لي انك تقوم بعمل جيد، وهو عمل ليس سهلاً، بل صعب جداً، وجنودك يقاتلون بقوة».

وتشكّل تصريحات ترامب افتراقاً مع السياسة الأميركية المتبعة منذ العام 2009، وهي تناقض الرأي العام الأميركي الذي يكاد يجمع على ضرورة بقاء الولايات المتحدة بعيدة عن الصراعات المسلحة حول العالم، خصوصاً في الشرق الاوسط.

وشملت المشاورات التي جرت بين ترامب والعبادي حواراً في شأن إيران والاتفاق المبرم بينها وبين الدول الكبرى بشأن برنامجها النووي.

وقال ترامب للعبادي، حسب مصادر مطلعة على مجريات اللقاء، ان «إيران دولة راعية للارهاب الاسلامي المتطرف»، وإن على العراق المساهمة في مواجهة الخطر الإيراني في المنطقة.

من جهته، حاول العبادي إقناع ترامب أن «رأس الارهاب» هو تنظيم «الدولة الاسلامية» (داعش)، الذي تساهم ايران في الحرب ضده، وانه «من دون القضاء على داعش في العراق وسورية، قد تتعرض منطقة الشرق الاوسط لهزات أمنية كبيرة».

وفسرت المصادر كلام العبادي بأنه إشارة الى تصدي صواريخ أرض - جو سورية، يشغّلها إيرانيون، لمقاتلات اسرائيلية كانت أغارت الجمعة الفائت على مواقع خاضعة لسيطرة قوات الرئيس السوري بشار الأسد وحلفائه.

وأصر ترامب على أن إيران هي «رأس المشكلة»، معتبراً أن إسرائيل «تحاول الدفاع عن نفسها في وجه التهديد الايراني الوجودي لها».

وخلص الرئيس الأميركي إلى أن أولويته هي «القضاء على الارهاب بكل اشكاله، من داعش وإيران»، وأنه سعيد بالشراكة مع العبادي في هذه الحرب.

ولقاء ترامب والعبادي هو الثالث من نوعه بين الرئيس الاميركي ومسؤول عربي، بعد لقاء ترامب الأسبوع الماضي مع ولي ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان ولقائه الشهر الماضي مع العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني.

ويحرص البيت الابيض على الاحجام عن عقد أي لقاءات قمة مع الزعماء العرب بانتظار من سيكون الزعيم العربي الأكثر حظوة الذي سيتمتع بهذا الشرف، وسط ترجيحات بأن ترامب سيمنحه للرئيس المصري عبدالفتاح السيسي.

ويعتبر البيت الأبيض أن لقاء القمة هو الذي يتضمن عقد الرئيس الاميركي مؤتمراً صحافياً مشتركاً مع ضيفه، على غرار المؤتمرات التي عقدها بعد اجتماعيه مع رئيسي حكومتي بريطانيا تيريزا ماي وكندا جستن ترودو، وبعد لقائه المستشارة الألمانية انجيلا ميركل.

وبعد اللقاء، القصير نسبياً، بين ترامب والعبادي في المكتب البيضاوي، انتقل الرجلان الى قاعة اجتماعات الحكومة الأميركية، حيث عقدا لقاء موسعاً بين حكومتي البلدين، شارك فيها من الطرف الاميركي، الى ترامب، وزيرا الخارجية ريكس تيلرسون والدفاع جيمس ماتيس، ورئيس موظفي البيت الابيض رينس بريبس، ومستشار الأمن القومي هربرت ماكماستر، وصهر الرئيس ومستشاره جارد كوشنر. وكانت لافتة مشاركة وزير التجارة الاميركي ويلبر روس، في خطوة تشي بأن ادارة ترامب تسعى لتقوية التبادل التجاري بين أميركا والعراق، وفتح السوق العراقية أمام البضائع والاستثمارات الاميركية.

أما الوفد العراقي، الذي ترأسه العبادي، فتضمن وزراء الخارجية ابراهيم الجعفري، والدفاع عرفان الحيالي، والنفط جبار اللعيبي، والاعمار آن نافع اوسي، وممثل اقليم كردستان فؤاد حسين، والسفير العراقي في واشنطن فريد ياسين، ورئيس صندوق اعادة الاعمار مصطفى الهيتي.

وكان العبادي استهل اللقاء مع ترامب بالحديث عن مخاطر «داعش» والتفجيرات التي يشنها التنظيم حول العالم.

ولفت إلى أن علاقات العراق مع الولايات المتحدة هي علاقات طوعية اختارها العراقيون، ولا تقتصر على التعاون أمنياً، بل أيضاً في مجالات الاقتصاد والطاقة والثقافة.

وقال العبادي لترامب إن «مخاوفنا ومخاوفكم واحدة، وجنودكم يمنحون الغطاء الجوي لجنودنا».

وتوجه العبادي من البيت الأبيض الى «معهد السلام الأميركي» حيث ألقى خطاباً، ومن المقرر ان يشارك اليوم وغداً في «مؤتمر مكافحة داعش»، الذي تعقده وزارة الخارجية الاميركية في واشنطن بمشاركة ممثلين عن الدول الثمانية والستين المنخرطة في التحالف الدولي للحرب ضد «داعش».

وخلال مشاركته في ندوة «معهد السلام الاميركي»، اعتبر العبادي أن الإدارة الاميركية الجديدة تبدو «أكثر انخراطاً» من سابقتها في مكافحة الارهاب.

وأكد أن وتيرة الدعم الأميركي للقوات العراقية في معركتها لاستعادة مدينة الموصل من قبضة «داعش» «تسارعت» منذ تسلمت الادارة الجديدة دفة الحكم.

وقال «أعتقد أن هذه الادارة تريد أن تكون أكثر انخراطاً في مكافحة الارهاب. أشعر بفارق في ما يتعلق بمقارعة الارهاب».

وعلى صعيد العلاقات العراقية - السعودية، اعتبر العبادي أن هناك «انفتاحا على علاقة جوار حسنة جداً» بين البلدين.

ونفى العبادي، في رده على أسئلة من حضور الندوة، أن تكون إيران متسلطة على العراق، لكنه قال إن الشعب العراقي «لا يريد أن يكون جزءاً من الصراع (بين السعودية وإيران)».

وأكد أن بلاده تريد أن تربطها علاقات حسن جوار مع المحيطين بها.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق