الخميس، 11 مايو 2017

«روسيا غيت»... تطيح مدير «اف بي آي»

| واشنطن - من حسين عبدالحسين |

فجّر الرئيس الأميركي دونالد ترامب قنبلة سياسية بطرده مدير مكتب التحقيقات الفيديرالي (اف بي آي) جيمس كومي، الذي يشرف على التحقيقات في تورط مستشارين لترامب مع موسكو في تدبير هجوم إلكتروني على حسابات بريد تابعة للحزب الديموقراطي وقيادته في ما يطلق عليها الاميركيون اسم فضيحة «روسيا غيت»، وهي الفضيحة التي يعتقد كثيرون أنها أهدت الرئاسة لترامب على حساب منافسته الديموقراطية هيلاري كلينتون.

وفيما كان كومي يتحدث أمام مجموعة من العاملين في «اف بي آي» بمدينة لوس انجليس على الساحل الغربي للبلاد، ظهرت على شاشات التلفزة خلف كومي الأنباء العاجلة عن إقالته. وأفادت المعلومات أنه بعد ظهور الخبر العاجل على الشاشة، ضحك كومي، ووصفه بأنه «خدعة إعلامية ناجحة»، لكن مرافقيه أرسلوا إشارات له مفادها أنه مضطر لقطع كلمته والانسحاب من القاعة. وبعد ساعة، أعلم ترامب كومي، في رسالة وجهها إليه، أنه قرر طرده «بسبب سوء إدارته التحقيقات في موضوع البريد الالكتروني (الخاص) الذي كانت تستخدمه كلينتون» أثناء عملها وزيرة للخارجية بين العامين 2008 و2012.

وأشار إلى أن إنهاء عمل كومي تم بناء على «توصيات واضحة» من وزير العدل جيف سيشنز ونائبه رود روزنشتاين.

وأمس، قال ترامب في تغريدة «سيتم تعيين شخص في منصب جيمس كومي يقوم بعمل أفضل بكثير ويعيد الى (اف بي آي) هيبته»، مضيفاً «لقد خسر كومي ثقة الجميع في واشنطن من المعسكرين الجمهوري والديموقراطي. عندما تهدأ الامور سيشكرونني!».

وفي موسكو، قال الناطق باسم الكرملين ديميتري بيسكوف «إنها قضية داخلية تماماً للولايات المتحدة، قرار سيادي اتخذه الرئيس الاميركي وليس له ولا يمكن أن يكون له أي علاقة بروسيا»، مضيفاً «نأمل في ألا يترك أي أثر» على العلاقات الثنائية.

وفور صدوره، أثار قرار ترامب طرد كومي ردود فعل عنيفة، خصوصاً من الديموقراطيين، إذ ردّ شريك كلينتون المرشح السابق لمنصب نائب الرئيس السيناتور تيم كاين على القرار بالقول إن طرد كومي يعني أن ترامب بدأ يشعر بالخوف من اقتراب التحقيقات منه بشأن التورط مع روسيا.

ورأى زعيم الديموقراطيين بمجلس الشيوخ شاك شومر أن إقالة كومي «خطأ فادح»، ودعا إلى تعيين قاضٍ مستقل كي يتسلم التحقيق في قضية التدخل الروسي المحتمل.

وأطلق الأميركيون على طرد ترامب كومي اسم «ليلة الثلاثاء الأسود»، تيمناً بـ«ليلة السبت الاسود»، التي قام فيها الرئيس الراحل ريتشارد نيكسون، وهو الوحيد من الرؤساء الذي استقال بعد تصويت مجلس النواب على عزله وقبل تصويت مجلس الشيوخ، بطرد المحقق الخاص آريتشبالد كوكس، الذي كان مكلفاً التحقيقات في «فضيحة ووترغيت». وكان نيكسون أمر باقتحام مكاتب الديموقراطيين الانتخابية في مبنى «ووترغيت» للتجسس على نشاطاتهم إبان الانتخابات، وهي الفضيحة التي اودت برئاسة نيكسون العام 1974، قبل عامين على نهاية ولايته الثانية.

وقرار ترامب طرد كومي هو الثالث من نوعه، بعد طرده وزيرة العدل بالوكالة سالي يايتس، التي كانت حذرت البيت الابيض من تورط مستشار الأمن القومي السابق مايكل فلين مع الروس. وفي وقت لاحق، طرد ترامب المدعين العامين في الولايات الخمسين، بمن فيهم مدعي عام نيويورك بريت بارارا. وتبين في وقت لاحق أن بارارا كان يحقق في عمليات تبييض أموال متورط فيها مقربون من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، بالاشتراك مع مستشارين لترامب، كان في طليعتهم مدير حملته الرئاسية السابق بول مانوفورت.

وترافق طرد ترامب المسؤولين الثلاثة ممن كانوا مولجين بتحقيقات تشمل ترامب وشركاء روس مع استقالة بعض كبار العاملين في وزارة العدل، وتنحي عضوين في الكونغرس من الجمهوريين ممن كانوا مكلفين الاشراف على التحقيقات في تورط ترامب مع روسيا.

وفي خضم الأزمة السياسية والدستورية التي تغرق فيها الولايات المتحدة، دعا أعضاء الكونغرس من الديموقراطيين بغالبيتهم الساحقة، والسيناتور الجمهوري المخضرم جون ماكين، الى تعيين محقق خاص، أي مستقل عن الحزبين والحكومة، لاستئناف التحقيقات في تورط ترامب مع الروس.

وفور شيوع أنباء طرد كومي، غصت البرامج الاعلامية الاميركية بالتحليلات، وسرت تقارير عن أن التحقيقات في تورط ترامب مع الروس لا تشمل تورط عاملين في حملته فحسب، بل تشمل أيضاً أعماله التجارية في روسيا وفي دول أخرى، والتي يبدو انه يشوبها عمليات «تبييض أموال».

وكان مستشار الأمن القومي السابق فلين، الذي أقاله ترامب في فبراير الماضي بعد أقل من شهر على تعيينه، عرض على الكونغرس تعاونه مع التحقيقات وكشف ما يعرفه، مقابل حصانة يمنحه إياها الكونغرس، وهو ما يشي بأن خلف الأكمة ما وراءها من مؤامرات وعمليات غير قانونية يمكنها الاطاحة بعدد كبير من كبار مسؤولي الادارة الاميركية، قد يكون ترامب في طليعتهم.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق