الجمعة، 19 مايو 2017

ترامب يختبئ خلف «الوحدة الوطنية» وسط تداعي رئاسته

| واشنطن - من حسين عبدالحسين |

الفضائح والتحقيقات تنذر بإمكان الإطاحة برئاسة ترامب قريباً ليحل محله نائبه بنستلاحق الفضائح المتوالية الرئيس دونالد ترامب حتى صارت تهدد بقاءه في البيت الابيض، وهو تهديد كانت صحيفة «وول ستريت جورنال»، المحسوبة على ترامب الجمهوري، أول من اشارت اليه في معرض اعتراضها على «ثرثرة» ترامب عبر تغريداته او في مقابلاته، اذ ان غالبية تصريحات ترامب تقوض تصريحات مساعديه او اعضاء الكونغرس الجمهوريين ممن انبروا للدفاع عنه في فضيحة تورطه وحملته الانتخابية الرئاسية مع روسيا.

ومن اليسار، انبرت مجلة «ذي اتلانتيك» بعنوان «رئاسة ترامب تتداعى».

وعلّق روبرت رايخ، وزير العمل في ادارة الرئيس السابق بيل كلينتون، بالقول انه في الايام المئة الاولى على تسلمه الحكم، كان يمكن لترامب ان «ينسف كل من يعارضه الرأي، او ان يغير الموضوع، او ان ينتظر حتى تخطئ (منافسته المرشحة الديموقراطية للرئاسة) هيلاري كلينتون وتقدم له هدية سياسية، او ان يوقع مراسيم اشتراعية تبهر قاعدته».

لكن بعد مرور ما يعتبره الخبراء فترة «شهر العسل» لأي رئيس مع مؤيديه، «اصبح ترامب في موقع مغاير». ويقول الخبير دايفد غراهام ان «التحقيقات القانونية بطيئة ومنتظمة، ويصعب تشتيت انتباهها مثل تشتيت انتباه الناخبين». ويتابع انه «في اللحظة التي تبدأ فيها المذكرات القضائية بالصدور، يصبح ظهور الاثباتات عملية لا يمكن لترامب، صاحب الانتباه الذي يقاس باللحظات وحب النفس الذي يقاس بالسنين الضوئية، ان يتهرب من التحقيقات».

وتكاثرت ازمات ترامب منذ اطلالة وزيرة العدل السابقة بالوكالة سالي يايتس في جلسة استماع امام مجلس الشيوخ في التاسع من الجاري، وقالت ان البيت الابيض انتظر 18 يوما قبل طرد مستشار الأمن القومي الجنرال مايكل فلين في يناير، حتى بعدما حذرته من ان الروس يمسكون بفضائح سرية على فلين قد يستخدمونها لابتزازه. وبعد يوم من اطلالة يايتس، التي سبق لترامب ان طردها لرفضها الدفاع عن قرار حظر السفر على المسلمين امام المحاكم، قام ترامب بطرد مدير «مكتب التحقيقات الفيديرالية» (اف بي آي) جيمس كومي، بداعي ان كومي اخطأ التقدير في عدم ملاحقته كلينتون قضائيا بسبب استخدامها بريدا الكترونيا خاصا اثناء عملها وزيرة للخارجية. لكن ترامب نفسه، نسف الحجة التي قدمها في رسالته الى كومي، وقال في مقابلة في اليوم التالي انه طرد كومي بعدما شعر ان موضوع فضيحة روسيا أخذ اكثر من حجمه، وان المطلوب هو اقفاله.

وربما لم يتراجع ترامب الا تحت تهديدات وكيل وزير الخارجية رود روزنستاين، الذي عينه ترامب في منصبه، بالاستقالة في حال تابع البيت الابيض تصوير طرد كومي وكأنه جاء على اثر توصية من روزنستاين. وفي الايام التي تلت، توالت التسريبات الاعلامية التي اظهرت احداها ان ترامب طلب من كومي اغلاق تحقيق تورط فلين مع روسيا، فرد ترامب بتغريدة انه ربما بحوزته تسجيلات للحوار الذي اجراه مع كومي في حفل عشاء في البيت الابيض. وبعد تلويحه بتسجيلات ذكّرت الاميركيين بالتسجيلات التي اطاحت برئاسة الراحل ريتشارد نيكسون، انبرى المشرعون من الحزبين باعتبار ان الطلب من كومي اقفال التحقيق هو بمثابة عرقلة للعدالة. وطالب المشرعون ترامب بتقديم اي تسجيلات قد تكون بحوزته، والا تكون عرقلة للعدالة كذلك.

وفيما الاعلام يغرق في فضائح ترامب المزعومة، فجّر اعلاميون فضيحة اخرى بكشفهم انه اثناء استقباله وزير خارجية روسيا سيرغي لافروف وسفيرها في واشنطن سيرغي كيسلايك، في وقت سابق من هذا الشهر، قدم ترامب لهما معلومات استخباراتية حساسة كشف ان مصدرها هو اسرائيل، وهو ما يهدد أمن مصدر اسرائيل داخل تنظيم «داعش».

وقبل ان يستفيق ترامب من متاعبه، أعلن روزنستاين تعيين مدير (اف بي آي) السابق، سلف كومي، روبرت مولر «مدعيا عاما خاصا» للتحقيق في امكانية تورط ترامب او افراد فريقه مع الروس، وهو ما لاقى ترحيبا من الحزبين، كما من البيت الابيض، الذي نقل عن لسان ترامب انه يتطلع قدما لانتهاء التحقيقات وبراءته.

وفي وسط السباق بين الفضائح والتحقيقات، التي صارت تنذر بامكانية الاطاحة برئاسة ترامب في وقت قريب حتى يحل محله نائبه مايك بنس، أطل الرئيس الاميركي في مؤتمر صحافي مشترك جمعه وضيفه نظيره الكولومبي خوان ايمانويل سانتوس. وبدا ترامب هادئا على غير عادته، ولم يهاجم الصحافيين او الديموقراطيين، وحاول الاختباء خلف «الوحدة الوطنية»، معتبرا ان تحقيقات مولر ستضر بالمصلحة الاميركية، وستؤخر مشاريعه التي من شأنها ان تحقق نموا كبيرا في الاقتصاد.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق