الجمعة، 19 مايو 2017

«حزام أمني» أميركي من جنوب سورية إلى... شمالها

| واشنطن - من حسين عبدالحسين |

أثارت الغارة التي شنتها، أول من أمس، مقاتلات أميركية على 26 آلية تابعة لقوات الرئيس السوري بشار الأسد والقوات المتحالفة معه تساؤلات الخبراء الأميركيين حول ان كانت بلادهم تفرض «حزاماً أمنياً» أو «منطقة آمنة» داخل سورية، بقوة الأمر الواقع، تحت مسمى «منطقة تخفيض الصراع».

ويبدو أن الحزام الأمني الأميركي يمتد نحو 500 كيلومتر، من التنف على الحدود السورية - الاردنية جنوباً، إلى عين العرب (كوباني) على الحدود السورية - التركية شمالاً، ويحرسه مقاتلو «قوات سورية الديموقراطية» (قسد) براً، بالاشتراك مع قوات أميركية خاصة ومقاتلين من المارينز، فيما يتمتع بحماية جوية من المقاتلات الأميركية.

وترافق قصف المقاتلات الأميركية، الاول من نوعه، لقوات في تحالف الأسد، مع رصد المقاتلات الأميركية وطردها لمقاتلة «سوخوي» روسية تابعة للأسد كانت تقوم بطلعة استطلاعية في المناطق القريبة من قاعدة التنف العسكرية، التي تعرضت قبل ستة اسابيع لهجوم شنه تنظيم «داعش»، اثر الهجمة الصاروخية التي وجهتها أميركا لقاعدة الشعيرات الجوية التابعة للأسد في ابريل الماضي.

وعلى مدى الأسابيع الماضية، ترددت في العاصمة الأميركية تقارير مفادها ان واشنطن تسعى لاقامة حزام أمني، بري وجوي، لقطع خط طهران - بغداد - دمشق - بيروت، ومحاولة حرمان ايران من تموين حلفائها، مثل الأسد و«حزب الله» اللبناني وميليشيات شيعية عراقية وافغانية، بالسلاح والمال والمستشارين العسكريين الايرانيين.

وبعد اقامة الحزام المذكور، ستسعى واشنطن، بالتعاون مع حلفائها، إلى دعم اقامة حزام عازل شبيه بطول 300 كيلومتر من الشرق الى الغرب، يمر على بعد عشرات الكيلومترات جنوب دمشق، ويمتد من قاعدة التنف العسكرية المذكورة الى محافظة القنيطرة، لمنع الميليشيات الموالية لايران، وفي طليعتها «حزب الله» اللبناني «من التمدد»، او من اقامة بنية تحتية عسكرية في المناطق السورية المجاورة لهضبة الجولان السورية، التي تحتلها اسرائيل. لكن الحزام الأمني الجنوبي لا يرجح ان يكون بحماية جوية أميركية، اذ يتوقع خبراء ان تستمر اسرائيل في مهمة الحراسة الجوية، التي تقوم بها منذ سنوات والتي شنت خلالها عشرات الغارات الجوية ضد اهداف تابعة خصوصا لـ «حزب الله».

ويبدو ان «المناطق الآمنة» التي اعلنتها روسيا وتركيا وايران في مؤتمر آستانة في وقت سابق من الجاري، هي فعلياً مناطق آمنة للمعارضين السوريين من حلفاء الولايات المتحدة، وانه على عكس ما ادعت موسكو في قولها ان اتفاقية الآستانة اغلقت المجال الجوي على المقاتلات الأميركية، فان الواقع يشي بأن واشنطن هي التي اغلقت المجال الجوي، فوق مناطق حلفائها، في وجه مقاتلات روسيا والأسد.

وكانت تركيا حاولت توجيه ضربات جوية للمعارضة السورية المتحالفة مع أميركا، أي «قوات سورية الديموقراطية» المؤلفة في غالبها من مقاتلين كرد وبعض العرب، فما كان من واشنطن الا ان ارسلت قواتها للانخراط في صفوف الميليشيا الكردية، وهو ما جعل من أي قصف تركي لها عملية محفوفة بالمخاطر من ان تقوم تركيا في قتل أميركيين.

وفي وقت جعلت الولايات المتحدة الميليشيات الكردية عصية على الضربات التركية شمالاً، بنشرها قوات أميركية إلى جانب الاكراد، كذلك يبدو ان واشنطن عازمة على فرض منطقة عصية جواً وبراً جنوباً على حلفاء ايران في سورية، مثل قوات الأسد و«حزب الله»، ما يشي بأن أميركا تنوي فرض «منطقتها الآمنة»، التي ستطرد منها «داعش»، وتسلّم أمنها الى الميليشيات الكردية، باشراف اميركي.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق