الخميس، 4 مايو 2017

ترامب أضعف رؤساء أميركا

| واشنطن - من حسين عبدالحسين |

يحتاج الرئيس دونالد ترامب إلى معجزة لإنقاذ نفسه من الورطة التي وقع بها منذ دخوله البيت الأبيض، فخبرة الرجل في الشؤون الحكومية والسياسية معدومة، وهو يأتي من خلفية رجل أعمال، ورث ثروته التي لا يشاركه كثيرون بها، وهو كان يتصرف من تلقاء نفسه من دون الحاجة إلى استشارات وبناء تحالفات.

لكن عالم الأعمال شيء والرئاسة شيء آخر، إذ بات جلياً أن الخبرة التي يملكها ترامب لا تؤهله لقيادة الحكومة الفيديرالية، فهو دأب منذ ما قبل انتخابه على تقديم لائحة طويلة جداً من الوعود، حتى ناقضت بعضها بعضاً. واعتقد مؤيدوه أن إحدى نقاط قوته تكمن في أنه يأتي من خارج عالم السياسة، وهو ما يجعله مترفعاً عن العداوات، وقادراً على تقديم رؤية جديدة. لكن خبرة ترامب تحولت الى احدى نقاط ضعفه وسبب تعثره، إلى درجة صرّح الرئيس أنه «يشتاق» الى عمله السابق، وانه لم يكن يعرف أن الرئاسة تتطلب هذا الكم من العمل.

وفي عالم أعماله، كان ترامب يستند الى دائرة ضيقة من الأشخاص، معظمهم من أفراد عائلته وأصدقائه المقربين ممن يثق بهم. لكن الحكومات لا تسير على من يثق بهم الرئيس، بل على من يتمتعون بالخبرة اللازمة في الحكم.

هكذا، صار الفشل بادياً على أداء إدارة ترامب، لا في السياسات الكبرى وفي محاولة استصدار قوانين في الكونغرس فحسب، بل في الامور الروتينية البسيطة. مثلاً، لا يبدو أن لدى أي من العاملين في مكتب الناطق باسم البيت الابيض شون سبايسر خبرة في الاعلام، فبيانات الحوارات الثنائية بين ترامب وزعماء العالم تأتي خالية من العناوين العريضة، على جري العادة، وغالباً ما تقتصر على عبارة «كان الاتصال إيجابياً»، وهو خروج عن الاعراف الاعلامية المعتمدة في واشنطن وفي معظم عواصم العالم.

كذلك، يبدو ان المكتب الاعلامي في البيت الابيض لا يعرف هدف البيانات التي يصدرها، فالإدارات عادة ما تصدر مواقفها في بياناتها. أما إدارة ترامب، فتصدر بيانات فيها مجموعة من التصريحات المأخوذة خصوصاً من كبار العاملين في الادارة، وفي طليعتهم الوزراء، وهي تصريحات مديح وإشادة برؤية ترامب وحكمته، على غرار بيانات الحكومات الديكتاتورية في العالم. ولم يمر وقت طويل قبل أن تتحول هذه البيانات الى مواد للبرامج الفكاهية المتلفزة.

حتى وزارة الخارجية، الذائعة الصيت لناحية حسن إدراتها ومعرفتها ببروتوكولات الحكومة، وقعت في أخطاء فادحة، من قبيل رفعها بياناً على موقعها يتحدث عن نادي ترامب للغولف في ولاية فلوريدا الجنوبية، الذي يطلق عليه الاميركيون اسم «البيت الابيض الشتوي» بسبب كثرة زيارات ترامب إليه وإقامته فيه على مدى الاشهر القليلة الماضية. وعلى الفور، انبرى الإعلام الاميركي لبيان الخارجية، واعتبره دعاية لنادي ترامب، وهو نادٍ تجارٍ يبغي الربح ويسدد أعضاؤه رسوماً سنوية باهظة للانتساب إليه، فحجبت الوزارة بيانها بهدوء.

وخطوة وزارة الخارجية لم تكن الأولى التي نظر إليها الاميركيون على أنها استغلال ترامب لموقعه في الرئاسة للإفادة التجارية، فايفانكا ترامب، ابنته الأكثر قرباً إليه من عائلته، حصلت على 175 إبراء تجاريا لمبيعاتها في الصين، أثناء زيارة الرئيس الصيني الرسمية الى فلوريدا ولقائه ترامب الشهر الماضي.

وسط ارتباك من هذا النوع، كان واضحاً أن ادارة ترامب ستتخبط في معظم مشاريعها، فمحاولة الغاء واستبدال قانون الرعاية الصحية الذي أقره الرئيس السابق باراك أوباما فشلت للمرة الثالثة في الحصول على غالبية الاصوات في مجلس النواب، وهو فشل بمثابة فضيحة، إذ يسيطر حزب ترامب الجمهوري على غالبية الكونغرس بغرفتيه.

وإلى فشله في إلغاء قانون الرعاية الصحية، تلقى ترامب صفعة ثانية من الكونغرس، الذي رفض المصادقة على الموازنة حسبما طلبها البيت الابيض، بما في ذلك رصد مبلغ 10 مليارات دولار من أجل البدء بتشييد جدار ضخم على الحدود الأميركية-الجنوبية مع المكسيك. لكن أعضاء أقصى اليمين في الحزب الجمهوري رفضوا الموافقة على أي أموال إضافية في الموازنة فد ترفع من العجز السنوي، وتالياً من الدين العام، فاضطر ترامب للاستعانة بالديموقراطيين، وهؤلاء استغلوا أزمة ترامب للحصول على الاموال لابقاء الحكومة تعمل، ففرضوا رؤيتهم، وأجبروا الرئيس على تقديم موازنة هي بمثابة تمديد للموازنة الحالية التي ترصد أموالاً لبرامج اجتماعية وعلمية متعددة كان ترامب وعد بالقضاء عليها اثناء حملته الرئاسية.

ومع خساراته المتكررة في الكونغرس، ولأنه من الواضح أن ترامب لا يعرف كيف يبني تحالفاً سياسياً عريضاً حول أمور محددة يمكنه تمريرها في الكونغرس، بات من شبه المؤكد أن تصطدم وعود ترامب بتقديم تخفيضات ضريبية ضخمة للاميركيين بقلة خبرة الرئيس السياسية، وبذلك تفشل في الكونغرس.

وفي ظل الاخفاقات، حاولت إدارة ترامب الحديث عن أي إنجاز يمكنه أن يسعف شعبيته، التي تظهر استطلاعات الرأي انها الادنى في التاريخ الاميركي في هذه المرحلة من عمر رئاسته، فأشارت إلى أنه بسبب وساطة ترامب، أعادت الشركات الاميركية ستة آلاف وظيفة الى الولايات المتحدة، ليرد الاقتصاديون من الحزبين ان الاقتصاد الاميركي أضاف 12 مليون فرصة عمل أثناء رئاسة أوباما، وان رقم ستة آلاف هو بمثابة العدم عند المقارنة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق