الجمعة، 5 مايو 2017

لقاء ترامب - عباس: إيجابية في الشكل... وغياب المضمون

| واشنطن - من حسين عبدالحسين |

لخّص مصدر مطلع على مجريات اللقاء بين الرئيسين دونالد ترامب والفلسطيني محمود عباس بالقول انه «كان يمكن للرجلين تبادل وجهات النظر عبر البريد الالكتروني»، معتبرا ان الاجتماع في المكتب البيضاوي، الذي تلاه غداء عمل، أول من امس، لم يخرج عن الشكليات، والتزم النصوص المعدة سلفا.

وشارك في لقاء الغداء، من الجانب الاميركي، نائب الرئيس مايك بنس، ووزير الخارجية ريكس تيلرسون، ورئيس موظفي البيت الابيض رينس بريبس، والناطق باسم البيت الابيض شون سبايسر، ومستشار الرئيس وصهره جارد كوشنر، وهو المكلف تقنيا الاشراف على عملية التوصل الى سلام بين الاسرائيليين والفلسطينيين.

اما من الجانب الفلسطيني، فشارك، الى عباس، كبير المفاوضين صائب عريقات، ونائب رئيس الحكومة زياد ابو عمر، والمستشار الرئاسي للشؤون الديبلوماسية مجدي خالدي، ومستشار الشؤون السياسية نبيل ابوردينة، ومدير الاستخبارات الفلسطينية مجدي فرج، وممثل السلطة الفلسطينية في واشنطن حسام زملط، والناطق باسم حركة «فتح» اسامة قواسمة، ومسؤول اعلام الوفد احمد عساف.

ورغم المجهود الذي يقوم به كوشنر من اجل «تثقيف» نفسه حول تفاصيل الصراع وعملية السلام المتوقفة، ورغم المجهود الذي يقوم به الديبلوماسي المحترف جايسون غرينبلات لتلقيم جارد وتعليمه، ورغم الصداقة الوثيقة التي تجمع كوشنر ببعض كبار الديبلوماسيين العرب في العاصمة الاميركية، الا ان لقاء ترامب عباس بقي في اطار العموميات، ولم يبد ان لدى اي منهما افكارا جديدة يقدمها لتحريك مسار العملية السلمية، حسب المصادر المتابعة للقاء.وعلمت «الراي» ان عباس كرر ما دأب على قوله، لناحية تمسك السلطة بمبدأ قيام دولتين، فلسطينية في حدود العام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، واسرائيلية بجوارها. كما دأب عباس على الاشادة والمديح بترامب، وبقيادته وحكمته، وقوله انه يعتقد ان ترامب من القلائل ممن يمكنهم ايصال العملية السلمية الى خاتمتها.

ويبدو ان الايجابية من الجانب الفلسطيني، وكذلك من جانب المسؤولين الاسرائيليين الذين يشددون على اعتقادهم بأن ترامب قادر على رعاية التوصل الى سلام، هي موقف يحرص كل من الطرفين على اتخاذه، اذ لا يبدو ان ايا منهما يرغب في ان يظهر في موقع المعرقل او المعارض لاستئناف المفاوضات والتوصل الى سلام.

ولاحظ مراقبو زيارة عباس ان الاخير بدا أكثر تشددا في مطالبه تجاه السلام اثناء حواراته مع وجوه الجالية العربية في واشنطن، منه اثناء نقاشاته مع ترامب. ولم يثر عبّاس الا نقطة واحدة خارج السياق اثناء لقاء ترامب، وهي تمثلت بمطالبته ان يكون الاعتراف بين الفلسطينيين والاسرائيليين بدولتي بعضيهما البعض متبادلا، اذ لا يمكن ان يعترف الفلسطينيون بدولة يهودية سلفا وقبل المفاوضات، كما تطالب حكومة اسرائيل، فيما تحارب حكومة اسرائيل في الوقت نفسه المجهود الفلسطيني والدولي من اجل الاعتراف بالدولة الفلسطينية.

ويبدو ان عباس شدد على تمسكه بمبادرة بيروت العربية للسلام للعام 2002 كخطة سلام، في حواراته الخاصة واثناء لقاءاته الجانبية، لكنه ابدى ليونة أكثر اثناء لقائه ترامب.

وتثير مبادرة بيروت العربية اعتراضات اسرائيلية بسبب تمسك الخطة المذكورة بمبدأ عودة اللاجئين الفلسطينيين الى اراضيهم، بما في ذلك اراضي 1948.

في هذه الاثناء، ورغم الايجابية المصطنعة من كل الاطراف المعنية، عدا ترامب الذي يبدو تفاؤله حقيقيا ولا يمكن تبريره الا باعتبار ان الرئيس الاميركي لا يدرك حقيقة تعقيدات العملية السلمية، مازالت اسرائيل تتمسك بمعظم مطالبها التي من شأنها ان تفشل عملية السلام برمتها. ولم تكتف اسرائيل بهذه المطالب، اذ يبدو انها اقنعت ترامب وادارته بمطلب جديد يتضمن قيام السلطة الفلسطينية بايقاف مرتبات أي عائلة فلسطينية يتورط احد من ابنائها او بناتها في اي هجوم على اسرائيليين، بما في ذلك عمليات الطعن التي قام بها فلسطينيون بحق اسرائيليين في الآونة الاخيرة.

الجانب الاميركي أكد ان لقاء ترامب عباس كان «ممتازا»، وكذلك فعل الفلسطينيون الذي ابلغوا من التقاهم ان الاجتماع مع ترامب كان من افضل الاجتماعات التي شاركوا بها منذ فترة. لكن وسط الايجابية الكلامية، يصعب العثور على اي ايجابية فعلية، اذ لا تصور لكيفية اعادة اطلاق العملية السلمية، ولا جدول زمنيا، ولا ترتيبات. فقط كلام واصرار من قبل ترامب انه سينجح في التوصل الى سلام، وانه «لا يرى اي سبب، ايا كان، لعدم التوصل الى سلام حتى الآن»، حسب ما قال الرئيس الأميركي في آخر مقابلاته التي سبقت لقاءه عباس.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق