السبت، 12 أغسطس 2017

واشنطن لا تمانع سيطرة قوات الأسد على مناطق «داعش»

| واشنطن - من حسين عبدالحسين |

يبدو أن التغيير الدولي والإقليمي في الموقف من الرئيس السوري بشار الأسد جار بوتيرة سريعة، في وقت تمضي سورية في تقسيم «أمر واقع» يبدو أن أبرز القوى الدولية المعنية بالشأن السوري، إيران وتركيا وروسيا والولايات المتحدة، وافقت عليه وتستكمل تنفيذه.

آخر المتبقي من استكمال رسم مناطق النفوذ يكمن في انتزاع ما تبقى من مناطق يسيطر عليها تنظيم «داعش»، في ظل محاولة قوات الأسد، والميليشيات المتحالفة معها الموالية لإيران، السيطرة على أكبر مساحة ممكنة في جنوب البلاد الشرقي المحاذي للحدود السورية مع الأردن.

تقاسم النفوذ داخل سورية جرى تحديده في الاتفاقيات الدولية المتعددة لتحديد «مناطق خفض التصعيد». ففي الجنوب، نشرت روسيا «شرطة عسكرية» في المناطق المحاذية للحدود السورية مع إسرائيل لمنع إيران من نشر قواتها في هذه المنطقة التي يمكنها تهديد أمن شمال إسرائيل من خلالها، خصوصاً بعدما أقفلت حرب يوليو 2006 الحدود اللبنانية - الإسرائيلية في وجه أي عمليات قد يقوم بها «حزب الله» اللبناني ضد الدولة العبرية، تحت طائلة قيام الأخيرة بتكبيد لبنان خسائر فادحة في الأرواح والبناء.

في الشمال، كانت المناطق السورية الواقعة شرق الفرات من نصيب الولايات المتحدة وحلفائها: تركيا والميليشيات الكردية. لكن بسبب التوتر السائد بين هذين الفريقين، عمدت الولايات المتحدة إلى نشر قوات خاصة في بلدة منبج للفصل بين المناطق التي تسيطر عليها قوات كل منهما.

وفي حديث مع الصحافيين، أعلن الناطق باسم التحالف الدولي العقيد ريان ديلون أن الميليشيا ذات الغالبية الكردية، المعروفة باسم «قوات سورية الديموقراطية» (قسد)، سيطرت على نصف مدينة الرقة، وأن نحو ألفي مقاتل من «داعش» مازالوا يتمركزون في النصف الثاني من المدينة، ويخوضون قتالاً عنيفاً ضد مقاتلي «قسد»، الذين يحاولون التقدم تحت غطاء جوي أميركي.

وكانت الولايات المتحدة أعلنت تشكيل قوة من الشرطة يبلغ قوامها ألف شرطي لحفظ الأمن في الرقة وبقية المناطق التي يتم طرد «داعش» عنها.

كما أعلنت واشنطن عزمها على تشكيل «الجيش السوري الوطني»، على أن تكون نواته ميليشيا «مغاوير البادية»، للمشاركة في انتزاع مدينة دير الزور من «داعش»، لكن تقدم قوات الأسد نحو دير الزور حمل الأميركيين على التردد في الدفع بحلفائهم في معركة قد تؤدي إلى التحام مع جيش النظام وحلفائه، وهو أمر ترغب واشنطن في تفاديه.

«ألا يقلق الأميركيين أن تسيطر ميليشيات موالية لإيران على المناطق التي يتم انتزاعها من (داعش)»؟ سأل الصحافيون ديلون، الذي أجاب بالنفي، وقال إن المحور الذي تتقدم فيه قوات الأسد والميليشيات الموالية لإيران يقع «جنوب منطقة خفض التصعيد المتفق عليها شمالاً»، وهو ما يعني أن قوات النظام تتقدم وفقاً لخطوط دولية مرسومة سلفاً، لن تخرج عنها.

كرر الصحافيون سؤالهم إلى ديلون: «ألا تخيفكم سيطرة الميليشيات الإيرانية على مناطق (داعش)»؟ فأجاب المسؤول العسكري أن هدف التحالف هو القضاء على التنظيم، وأن عملية القضاء هذه تسير بشكل جيد، وأن التخوف من قوات الأسد أو الميليشيات الإيرانية ليس جزءاً من الخطة المرسومة لتصفية «داعش» وانتزاع المناطق التي يسيطر عليها.

ولطالما أقلق الأميركيين سؤال «اليوم التالي»، أي ما القوة التي يمكنها الإمساك بالمناطق التي يتم تحريرها من «داعش»؟ إلا أنه مع سيطرة الأسد على بعض هذه المناطق، تبدو الولايات المتحدة في حلّ من المشكلة التي تؤرقها منذ بدء الحرب الدولية ضد التنظيم قبل ثلاث سنوات.

وسط هذه الأجواء، لفت المتابعون الأميركيون إلى هدوء معظم الجبهات داخل سورية، واعتبروا أنه «عندما تنتهي الحرب على (داعش)، من المفترض أن يسود سورية هدوء لم تعرفه منذ العام 2011، ومن المتوقع أيضاً أن يتوقف القتال وأن تبقى كل قوة مقاتلة في مكانها من دون الالتحام مع أعدائها».

ويرجح أن يسيطر الأسد على مناطق عدة في سورية من دون أن ينجح في استعادة السيطرة على كامل أجزاء البلاد، كما كان الحال قبل اندلاع الثورة في العام 2011، فيما سيسيطر على المناطق الأخرى أفرقاء خارجون عن سلطة الدولة السورية، وسيتم تثبيت تقسيم «الأمر الواقع» بإشراف دولي. بعد ذلك، ربما يبدأ حكام المناطق السورية في حوار للتوصل إلى تسوية، ولكن إن لم يتوصلوا، لا عجلة في الأمر إذ إن إطلاق النار يكون قد توقف، وتتحول الحرب السورية إلى نزاع سياسي ذي نهاية غير معلومة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق