الاثنين، 21 أغسطس 2017

«تعاطف» ترامب مع «النازيين»... يُغضب اليهود

| واشنطن - من حسين عبدالحسين |

انعكس الانقسام داخل الحزب الجمهوري، واليمين الأميركي بشكل عام، على اليهود الأميركيين وعلى يهود إسرائيل، الذي يبدو أن بعضهم وقع في حيرة حيال كيفية التعامل مع الرئيس دونالد ترامب، فالرئيس الأميركي أعلن منذ أيام رئاسته الأولى ولاء مطلقاً لإسرائيل، ووعد بالمصادقة على نقل السفارة الأميركية من تل أبيب الى القدس. ثم سافر الى إسرائيل في أول جولة خارجية له، وأصبح أول رئيس في التاريخ الأميركي يزور حائط المبكى أثناء رئاسته.

لكن لترامب جانب آخر يقلق اليهود، في الولايات المتحدة كما في اسرائيل، وهو الجانب المتعلق بانحيازه لمجموعات التطرف العنصري البيضاء، كما بدا في سلسلة مواقفه التي تلت مواجهات شارلوتسفيل العنيفة بين النازيين الجدد وحلفائهم، من ناحية، وخصومهم، من ناحية أخرى، وهي مواجهات سقطت ضحيتها مواطنة أميركية.

وكان المتظاهرون البيض المتطرفون رددوا شعارات عنصرية متنوعة، كان من بينها «لن نسمح لليهود بأن يحلّوا مكاننا»، في ما يعكس اعتقاد هؤلاء أن اليهود يسيطرون على مرافق السلطة في البلاد، خصوصاً على القطاعين المصرفي والاعلامي. وبدلاً من أن يتخذ ترامب مواقف قاسية ضد المتطرفين البيض، دافع عنهم، وقال إن بعضهم من «أحسن الناس»، وان هؤلاء كانوا يتظاهرون ضد اقتلاع تماثيل شخصيات الكونفيديرالية، أي مجموعة الولايات الجنوبية التي حاولت الانفصال عن الاتحاد الأميركي في حرب أهلية انتصر فيها الشماليون في ستينات القرن التاسع عشر.

وفي إحدى الوثائقيات التي بثتها شبكة «فايس»، ظهر أحد أبرز منظمي التظاهرة العنصرية جيمس كانتويل وهو يقول ان مشكلته مع ترامب ان الأخير وافق على زواج ابنته ايفانكا «الجميلة» من «ذاك اليهودي»، في إشارة إلى صهر الرئيس ومستشاره جاريد كوشنر.

وزاد في الطين بلّة اعتصام رئيس حكومة إسرائيل بنيامين نتنياهو الصمت على الرغم من تحريض العنصريين البيض ضد اليهود، فيما انتشر فيديو لابن نتنياهو وهو ينتقد «معادي الفاشية» والأميركيين من أصل إفريقي.

وحاول بعض اليهود وأصدقاء إسرائيل الدفاع عن صمت نتنياهو بالقول إن الأخير يدرك مدى «معاداة السامية» حول العالم، وان هذه العدائية هي سبب قيام دولة اسرائيل في العام 1948 كملجأ ليهود العالم من اضطهاد غير اليهود لهم. لكن هذا النوع من التبريرات صوّر اليهود وكأنهم لا يتعاطفون مع ضحايا العنصرية الآخرين، وكأن جلّ ما يعنيهم هو أمنهم وأمن دولتهم إسرائيل.

ويبدو أن نتنياهو كان في عداد القلة القليلة من اليهود و«أصدقاء إسرائيل» ممن التزموا الصمت، في ما اعتبره كثيرون انتهازية سياسية، وهو ما دفع اللوبي الاسرائيلي في واشنطن المعروف بـ «ايباك» لإصدار بيان فريد من نوعه في تناوله شأناً أميركياً داخلياً، إذ لطالما نأى هذا اللوبي بنفسه عن شؤون أميركا الداخلية، واعتبر نفسه خارج انقسام اليمين واليسار، واعتبر ان مهمته هي حشد التأييد الأميركي، من كل المواقع السياسية، خلف إسرائيل، وهو ما يجبره على الابتعاد عن الانقسامات الأميركية الداخلية والتعالي عنها، وحصر اهتماماته وبياناته في أمور السياسة الخارجية.

وجاء في بيان «ايباك» التاريخي انه يشارك «الغضب والقلق العميق لدى الأميركيين من أمثالنا حول العنف غير المبرر والاستعراض المثير للغثيان للعنصرية ومعاداة السامية في شارلوتسفيل».

واضاف اللوبي أن على الجميع إدانة «النازيين الجدد» و«كو كلوكس كلان» وجماعات «التفوق العنصري للبيض»، داعياً كل المسؤولين المنتخبين لرفض المساواة بين من يؤيدون الكراهية ومن يعارضونها.

وفضلاً عن «ايباك»، انبرى أبرز الكتاب اليهود الأميركيين لمهاجمة، لا ترامب فحسب، بل مجموعة اليهود العاملين في فريقه، وفي طليعتهم صهره كوشنر ووزير ماليته ستيف منوشن ومستشاره للشؤون الاقتصادية غاري كوهن. وكتب دانا ميلبانك في صحيفة «واشنطن بوست» ان «في العبرية الاوروبية (يديش) تعبير يصف الثلاثة، وهو شاندا، أي العار».

ووصف ميلبانك كوشنر ومنوشن وكوهن على انهم «يهود القصر» ممن يعملون ما في وسعهم لإرضاء الملك، ولو كان ذلك على حساب يهوديتهم وأبناء ملتهم اليهود. وقال ان الحاخام حسقيل لوكستاين، وهو الذي أشرف على تحوّل إيفانكا ترامب من المسيحية الى اليهودية حتى تقترن بكوشنر، دان قيام ترامب بمساواة العنصريين البيض بمعارضيهم.

«حتى شيلدون اديلسون»، الملياردير اليهودي الجمهوري الذي جمع ثروته من كازينوات لاس فيغاس وممول حملات نتنياهو السياسية، طالب، حسب ملبانك، «بوضوح أخلاقي أكبر من ترامب»، معتبرا أنه «لا يوجد من النازيين من هم جيدين».

وانضم دييفد رمنك، اليهودي الديموقراطي ورئيس تحرير مجلة «نيويوركر»، إلى مجموعة اليهود ممن دانوا ترامب لمغازلته اليمين المتطرف. وكتب انه في الأيام التي سبقت انتخاب ترامب رئيساً، وقف سلفه باراك أوباما في ولاية نورث كارولاينا يحشد التأييد للمرشحة الديموقراطية هيلاري كلينتون، وتوجه للجمهور بالقول إن «الرئاسة لا تغيّر من شخصيات الاشخاص، بل تضيء على شخصياتهم، فإن كانوا يتلقون دعماً من (كو كلوكس كلان) ويقولون إنهم لا يعرفون، فتأكدوا أن ذلك سيتكرر أثناء ولايتهم الرئاسية»، في تعليق من الرئيس السابق بدا وكأنه نبوءة عن رئاسة خلفه ترامب.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق