السبت، 7 أكتوبر 2017

غضب أميركي من تعامل ترامب مع الموت... كمباراة

| واشنطن - من حسين عبدالحسين |

لا يترك الرئيس الأميركي دونالد ترامب أسبوعاً يمر من دون أن يشغل الإعلام الاميركي والاميركيين بسلسلة من فضائح إدارته وتصريحاته التي تثير اشمئزاز كثيرين.

آخر تصريحات ترامب المثيرة للجدل جاءت أثناء زيارته جزيرة بورتوريكو للوقوف على الأضرار الجسيمة التي تكبدتها بسبب إعصار «ماريا». وواجه ترامب انتقادات قاسية بسبب تلكؤه وادارته عن الإسراع للمساعدة في إنقاذ الجزيرة المنكوبة، وهي تابعة للولايات المتحدة ويسكنها أميركيون، لكنها ليست مصنفة كولاية.

وأظهرت تصريحات ترامب الأولية انه لم يكن يدرك أن الجزيرة تابعة للولايات المتحدة أو أن من يسكنون فيها من الاميركيين، فانتقد البورتوركيين بالقول إنهم كسالى ومتطلبون، ويتوقعون أن تقوم الحكومة الاميركية عنهم بكل عملية الإنقاذ وإعادة الاعمار. وبعدما راح مسؤولو الجزيرة يتوسلون المساعدات الانسانية عبر الاعلام الاميركي، زارها ترامب، وقال ان على البورتوركيين أن «يشعروا بالفخر لأن الحصيلة الرسمية للقتلى هي 16 فقط»، وهو ما أثار حفيظة غالبية الاميركيين الذين أغضبهم استخفاف ترامب بالقتلى.

وقال ترامب كلامه في معرض مقارنة أداء إدارته مع أداء إدارة الرئيس الأسبق جورج بوش الابن، الذي تأخرت حكومته في القيام بدور إنقاذي على اثر العاصفة «كاترينا» في صيف 2005، وهو ما أدى الى مقتل المئات. لكن المقارنة التي أجراها ترامب لم تكن موفقة، في ظل مقتل 16 أميركياً، إذ اعتبرت غالبية المحللين الاميركيين ان ما يهم ترامب فقط هو صورته، ولا يهمه موت أميركيين، وهو لهذا السبب راح يقارن بين عدد القتلى في ولايته وعدد القتلى في ولاية بوش، وكأن الموت مباراة.

وقبل أن يعود ترامب أدراجه، أظهرته صور الفيديو وهو يحاول المشاركة في عمليات الإغاثة، لكن بدلاً من أن يقوم بها كما يلزم، راح يرمي لفافات ورق المطبخ فوق رؤوس المحيطين به وكأنه يلعب كرة سلة.

أداء ترامب المزري تزامن مع إطلاقه تصريحين، الاول كاد يهز الاسواق المالية وقال فيه إنه ينوي محو ديون بورتوريكو التي تبلغ 70 مليار دولار، وهو ما دفع الدائنين إلى محاولة التخلص من السندات البورتوريكية خوفاً من انخفاض قيمتها.

أما التصريح الثاني، فعلّق فيه على إعلان وزير خارجيته ريكس تيلرسون ان أميركا تتفاوض مع كوريا الشمالية حول امكانية استئناف المفاوضات لاقناع الاخيرة بالتخلي عن برنامجها النووي. وقال ترامب انه يرغب في ابلاغ وزير خارجيته، عبر الاعلام، انه يضيّع وقته في المفاوضات مع الكوريين الشماليين، التي لن تأتي بنتيجة مع وجود «رجل الصواريخ» في الحكم، وهي التسمية التي يطلقها ترامب على الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون.

واعتبر الكثيرون أن تصريحات ترامب قوّضت جهود تيلرسون وربما نسفتها بالكامل، بدلاً من دعم ترامب ديبلوماسية إدارته.

وجاءت ثرثرة ترامب الكارثية في أسبوع توالت فيه التقارير عن فضائح الفساد التي ارتكبها عاملون في إدارته، والتي أظهرت آخرها ان وزير داخليته ريان زنكي قام برحلات لجمع التبرعات الانتخابية لحملة اعادة انتخاب ترامب رئيساً لولاية ثانية في العام 2020، وان هذه الرحلات كانت على نفقة وزارته، وهو ما يحظره القانون الاميركي.

وتظهر أرقام التبرعات المالية للحزب الجمهوري انخفاضاً بواقع 40 في المئة، وهو ما عزاه البعض إلى غضب قاعدة الجمهوريين، وإحجام المتمولين منهم عن التبرعات بسبب الأداء المزري لترامب وحزبه، في البيت الابيض والكونغرس معا.

هكذا، وسط التخبط الذي فرضه ترامب على البيت الأبيض، والكونغرس، وعلى الولايات المتحدة بشكل عام، في سياساتها الداخلية كما الخارجية، قال السيناتور الجمهوري المخضرم رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشيوخ بوب كوركر ان رئيس موظفي البيت الابيض الجنرال جون كيلي، ووزير الدفاع الجنرال جيمس ماتيس، ووزير الخارجية ريكس تيلرسوهو ما يعفيه من الحسابات السياسية، ويطلق لسانه في سلسلة من التصريحات التي تتسم بالصدق والصراحة «هم الذين يبقون الحاجز اليوم بين الولايات المتحدة والفوضى».

وعلى الرغم من إحجام المشرعين عادة عن انتقاد الرئيس الذي ينتمي إلى حزبهم، لا يبدو أن كوركر يهتم بالالتزام بهذا التقليد، إذ سبق ان أعلن نيته عدم الترشح لولاية ثالثة في العام 2018، والتي لا يطلقها أي من زملائه الجمهوريين في الكونغرس، على الرغم من الإحباط الذي تسبب لهم به ترامب منذ وصوله البيت الابيض مطلع العام الحالي.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق