الخميس، 19 أكتوبر 2017

تساؤلات عن خطة واشنطن لما بعد انهيار «داعش»

| واشنطن - من حسين عبدالحسين |

العمليات العسكرية في مناطق الرقة ودير الزور في شمال سورية الشرقي، والتي تشكل «قوات سورية الديموقراطية» (قسد) ذات الغالبية الكردية رأس حربتها، في معركة القضاء على تنظيم «داعش»، لا تزال تحت إشراف الطاقم المتبقي من فريق الرئيس السابق باراك أوباما، يتصدرهم الديبلوماسي بيرت ماكغورك المبعوث الأميركي للتحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة.

وتظهر تصريحات القادة العسكريين الاميركيين، خصوصاً في التعليق على اجتياح ميليشيات «الحشد الشعبي» العراقية مناطق كردية شمالية، ان القادة الاميركيين الميدانيين - من العسكريين والمدنيين - لم يتلقوا تعليمات جديدة حول الوجهة التي تتبناها واشنطن، خصوصاً مع اقتراب الانهيار الكامل لـ «داعش».

وكان ضباط في القيادة الوسطى الاميركية ردوا على احداث كردستان العراق بالقول ان مهمتهم هي القضاء على «داعش»، داعين الاطراف العراقية الى وقف القتال بينهما والعودة الى التركيز على قتال التنظيم الإرهابي.

الا ان الاحداث لا تنتظر واشنطن ورأيها، فسيطرة «قسد» على الرقة، وانتزاعها مساحات واسعة من الاراضي السورية شرق الفرات، كما انتزاع مقاتلين أكراد مراكز مدنية وعسكرية تابعة للرئيس السوري بشار الأسد في مدينة الحسكة ذات الغالبية الكردية، كلها احداث جعلت من تعاطي الولايات المتحدة مع «اليوم التالي» لانهيار «داعش» أمراً ملحاً، خصوصاً أن «قسد» والفصائل الكردية الأخرى بدأت تمارس حكماً في المساحات التي تسيطر عليها قد تؤدي لاستفزاز بعض السكان العرب.

ويشتبه المسؤولون الاميركيون المتابعون للوضع السوري شرق الفرات ان الأسد، ومن ورائه ايران، يحاول النفاذ الى قلب المناطق التي تشرف أميركا على معارك القضاء فيها على «داعش»، وذلك عبر استغلال الانقسامات الكردية - العربية وتغذيتها.

وتشير تقارير غير مؤكدة إلى ان الادارة الكردية تطبق على كل موارد المساحات التي تمسك بها، وتتحكم في شؤون الادارة، بما في ذلك فرض تعليم اللغة الكردية في المدارس، حتى على الطلاب العرب.

وفي هذا السياق، أعلنت مجموعة من الشبان الملثمين الذين ظهروا في فيديو إنشائهم «حركة القيام»، التي وعدوا فيها بمحاربة «الإرهاب» و«الإمبريالية»، أي مواجهة «قسد» والمجموعات الكردية الاخرى. وعلى المدى الايام القليلة التي تلت إعلان انشائها، نفذت «القيام» عدداً من عمليات «اضرب واهرب» التي أدت الى قتل أو جرح عدد من مقاتلي «قسد».

ولدى دراسة بيان «حركة القيام»، قال خبراء اميركيون ان المجموعة هي في الغالب تابعة للايرانيين والأسد، على الرغم من محاولتها الايحاء بأنها من المعارضة السورية باستخدامها ألوان علم المعارضين. ولفت الخبراء الى بعض الاشارت التي قالوا ان المعارضين لا يستخدمونها في الغالب في بياناتهم، مثل أسلوب البسملة الاسلامية، والحديث عن وحدة وسيادة «الجمهورية العربية السورية».

ودفع الاعتقاد الأميركي أن إيران والأسد قد يحاولان استغلال وتذكية الانقسامات الكردية - العربية، لإضعاف «قسد» واستعادة السيطرة على شرق الفرات، الى التسريع في الحصول على مباركة اقليمية - عربية، فزار الوزير السعودي لشؤون الخليج ثامر السبهان محافظة الرقة، برفقة ماكغورك، والتقى عدداً من شيوخ العشائر، وحضهم على التماسك، وعلى عدم الاشاحة بنظرهم عن قتال «داعش» والتلهي بالخلافات الشخصية والداخلية، إنْ بين العرب أنفسهم، أو بينهم وبين الاكراد. كما وعد المسؤولان، الاميركي والسعودي، بتقديم مساعدات لإعادة الإعمار فور الانتهاء من العمليات الحربية والقضاء تماماً على «داعش».

واشنطن غائبة عن تطورات العراق وسورية، بما في ذلك الحرب على «داعش»، التي يبدو أنها تسير على «الطيار الآلي»، حسب التعبير الاميركي، تحت إشراف قيادات عسكرية وديبلوماسية من الصف الثاني، والتي لا تملك القدرة على القيام بتغييرات استراتيجية، على أمل ان تستفيق واشنطن الغارقة بقصص ترامب في الوقت المطلوب لاعادة توجيه قوتها بما يتناسب والمرحلة المقبلة في المنطقة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق