الأربعاء، 1 نوفمبر 2017

«سوء تقدير» قد يُحوِّل «الحرب الباردة» بين إسرائيل و«حزب الله»... إلى «ساخنة»

| واشنطن - من حسين عبدالحسين |

عندما نسأل المسؤولين الأميركيين المتابعين عن مضاعفات كشف إسرائيل هوية القيادي في «حزب الله» اللبناني أبو علي شعيتو، المعروف بـ «الحاج هاشم»، بصفته قائداً لقوات الحزب في الجولان، وعن إمكانية أن تؤدي خطوة كهذه إلى إشعال حرب بين اسرائيل و«حزب الله»، يُجيب المسؤولون الأميركيون، مشترطين عدم ذكر أسمائهم، ان «إسرائيل و(حزب الله) منخرطان في الوقت الحالي في حرب، لكنها حرب استخباراتية باردة ذات قواعد شبه معروفة».

السؤال هو «متى تتحول الحرب الباردة إلى مواجهة عسكرية مباشرة؟»، حسب المسؤولين الذين يقولون في معرض إجابتهم: انه «في المدى المنظور، يتعذر القضاء التام على (حزب الله) أو (حماس) أو أي ميليشيات قد تهدد أمن اسرائيل… كما أن مواجهة التوسع الإيراني في المنطقة أمر يتعدى الامكانيات الاسرائيلية، ويتطلب جبهة إقليمية بقيادة الولايات المتحدة».

وبسبب معرفتها أن «الحلول الجذرية» متعذرة، تلجأ إسرائيل، وفقاً للمسؤولين الأميركيين، إلى مواجهة إيران وميليشياتها دفاعياً فقط، وهذا النوع من المواجهة يجري في أسلوبين، بارد وساخن، أي أن إسرائيل تواجه «حزب الله» وتعمد إلى تصفية كوادره واختراقه استخباراتياً وقصف شحنات الأسلحة المتطورة المرسلة إليه، وهذه المرحلة الباردة من المواجهة.

وتتابع إسرائيل حربها الباردة «لتأجيل المواجهة الساخنة، وفي الوقت نفسه للحفاظ على تفوقها في الجولة الساخنة المقبلة».

متى ستندلع «الحرب الساخنة» بين الطرفين؟ يقول المسؤولون الأميركيون ان «الحرب المباشرة بين اسرائيل و(حزب الله) قد تندلع في أي لحظة، والأسباب قد لا تكون دائماً عسكرية». ويعتقد المسؤولون الأميركيون ان جزءاً لا بأس به من قرار الحزب إشعال «حرب لبنان الثانية»، في يوليو 2006، كان بسبب حسابات داخلية للحزب اللبناني مع حلفائه في سورية وإيران.

لكن كما في معظم الحروب، تتخذ الحرب مجرى خاصاً بها، ويندر أن تسير كما تصوّر من أشعلوها: «حزب الله» كان يتصورها مواجهة محدودة عبر الحدود تعيد له بريقه الذي كان فقده مع السنة اللبنانيين والعرب على اثر مقتل رئيس حكومة لبنان رفيق الحريري في العام 2005، و«إسرائيل استخفت بالمواجهة وبقدرات الحزب الذي حافظ على تماسكه، ولكنه فشل في الدفاع عن مناصريه، الذين يدّعي أن سبب وجوده هو الدفاع عن حياتهم وممتلكاتهم، بل تسبب بخسائر كبيرة لهم في الأرواح ودمار كبير في الممتلكات»، حسب ما يقول المسؤولون الأميركيون.

إذاً، سوء التقدير من أي من الطرفين وارد، وهو ما ينذر بفتح جبهة بينهما في أي لحظة، مع الاشارة إلى ان «حزب الله» قد يفعل أقصى ما بوسعه لتفادي الحرب، على الأقل لمدة سنة حتى يكون استتب الوضع لمصلحته في سورية، ويكون قد أقام بنية تحتية تسمح له بفتح جبهة الجولان السوري.

وسبق لأمين عام «حزب الله» حسن نصرالله أن هدد بأن أي حرب مقبلة ضد إسرائيل قد تتضمن الجولان، وأن الحزب قد لا يكون الطرف الوحيد المشارك فيها، في اشارة إلى ان الميليشيات الشيعية المؤيدة لايران، والتي تقاتل في سورية، قد تنخرط في أي مواجهة عسكرية ضد اسرائيل، وهو ما يعطي الحزب اللبناني تفوقاً عددياً أكبر بكثير من حروبه السابقة ضد الاسرائيليين.

إسرائيل لا ترغب في تسريع المواجهة، بل هي تسعى إلى تعطيلها قدر الامكان، وهي لهذا السبب كشفت هوية «الحاج هاشم»، وربما ستحاول مطاردته لمنعه من إقامة بنية تحتية عسكرية للحزب في الجولان.

يقول المسؤولون الاسرائيليون ان «الخطوات الإسرائيلية هي تكتيكية وعلى المدى القصير، وليست استراتيجية أو على المدى الطويل، وهي خطوات تهدف لإبقاء ميزان القوى على ما هو عليه حتى لا تضطر لخوض مواجهة أوسع في ما بعد».

على أن السؤال يبقى هو إن كان الطرفان، اسرائيل و«حزب الله»، يقرآن نوايا بعضيهما البعض بشكل صحيح، ويحاولان تفادي تحويل الحرب بينهما من «باردة الى ساخنة»،أم لا؟!

أميركا، بدورها، يبدو أنها تسعى لضبط التوتر، وهي لهذا السبب تستخدم علاقاتها المتينة مع الجيش اللبناني، لتأكيد عدم انزلاق الجانب اللبناني إلى مواجهة مع الاسرائيليين، إن عبر لبنان أو عبر سورية.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق