الجمعة، 3 نوفمبر 2017

خدعة السلام الخليجي الاسرائيلي

حسين عبدالحسين

يصعب على المتابعين قراءة تطورات احداث السلام ”الخليجي الاسرائيلي“، الذي وعد به الرئيس الاميركي دونالد ترامب وخصص اولى جولاته الدولية من اجله، فترامب يغرق في عدد من الفضائح التي قد تطيح برئاسته قبل نهاية ولايته، وهو في الاشهر العشرة الاولى من رئاسته لم ينجح في تحقيق انتصار تشريعي واحد في الكونغرس، بعد تعثر محاولاته لنسف قانون الرعاية الصحية، وانهيار مشاريعه لاصلاح تشريعات الهجرة، وفشله في الحصول على تمويل لبناء حائط على الحدود الاميركية الجنوبية مع المكسيك.

ولكن على الرغم من تراكم خيبات امل ترامب في الحكم، ومع تكاثر الفضائح التي تهدد رئاسته، وجد مستشاره الأقرب اليه صهره جارد كوشنر وقتا لزيارة المملكة العربية السعودية، بعيدا عن الانظار، لدفع السلام الخليجي الاسرائيلي قدما، حسب صحيفة ”بوليتيكو“. ورافق كوشنر في زيارته دينا باول، المصرية الاميركية العاملة في ”مجلس الأمن القومي“، وجايسون غرينبلات، مهندس خطة آل ترامب للسلام الخليجي الاسرائيلي.

وفي اسرائيل، أعلن رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو تأجيله التصويت على ضم مستوطنات الى ”القدس الكبرى“، وهو اعلان يشي بأن كوشنر يعتقد انه قارب تحقيق اختراق في السلام الخليجي الاسرائيلي، وهو اختراق يستأهل قيام نتنياهو — على غير عادته — بتأجيل التصويت المذكور.

وسط الانتظار، يبقى السلام الخليجي الاسرائيلي في مهب التكهنات. ”مجلس التعاون الخليجي“ معطّل وسط الأزمة الخليجية التي تدخل شهرها الخامس، والكويت لا تبدو متحمسة لسلام مع الاسرائيليين حسبما بدا في المواجهة التي قادها رئيس ”مجلس الأمة“ مرزوق الغانم ضد الوفد البرلماني الاسرائيلي اثناء اللقاء الدولي للبرلمانيين، ولا مصالح لعمان تملي عليها الدخول في سلام يهندسه كوشنر وغرينبلات من خارج ”جامعة الدول العربية“ او ”مجلس التعاون“.

حتى ”حركة حماس“ التي بدت وكأنها تقترب من مصر والامارات، زارت ايران والتزمت موقفها المناهض للاتفاقيات المعروضة.

ما يمكن استخلاصه من تطورات احداث السلام الخليجي الاسرائيلي المزمع التوصل اليه هو انه، في ظلّ ترامب، كل السياسات هي عبارة عن ارتباك وتضارب وفوضى، ومن يراهن على الرئيس الاميركي قد يخيب رهانه. 

اما سبب اصرار ادارة ترامب على سلام الخليج مع اسرائيل فاسبابه داخلية في الأساس لاعتقاد ترامب ان الصوت والمال اليهودي الاميركي يمكنه اعاقة عملية اخراج ترامب من البيت الابيض، وربما المساعدة في انتخابه لولاية ثانية.

ومن الاسباب ايضا طموح كوشنر الشخصي، فصهر الرئيس رجل اعمال يحتاج الى ممولين دائمين لمشاريعه العقارية، وفي هذا السياق زارت شقيقته الصين ووعدت الصينيين ببطاقات اقامة اميركية ان هم استثمروا في مشاريع شقيقها وعائلتها، وهو ما يعني انه حتى لو لم يتوصل كوشنر الى سلام خليجي اسرائيلي، هناك فائدة شخصية له في اقامة صداقات في الخليج ستبقى على الارجح بغض النظر عن مدة اقامة حماه في البيت الابيض.

غرينبلات والاسرائيليون، بدورهم، يعتقدون حكم ترامب فرصة ذهبية لتجاوز عقبة ”مبادرة السلام العربية“ والالتفاف على ما تبقى من تضامن عربي لدعم الموقف الفلسطيني، الضعيف اصلا، في اي مفاوضات ممكنة مع اسرائيل.

في ابوظبي، شارك وفد رياضي اسرائيلي في دورة جودو دولية استضافتها العاصمة الاماراتية. فاز اسرائيليون ووقفوا على منصة التتويج، لكن المنظمين لم يعزفوا النشيد الاسرائيلي ولا رفعوا العلم، فاحتجت اسرائيل، وقالت انها تلقت وعودا اماراتية بأن الامر لن يتكرر.

تخبط ترامب وادارته هو الذي ينعكس على أميركا والعالم، وهو الذي ادى الى وقوف ابطال اسرائيل في الجودو في ابوظبي على منصة الفائزين، لكن فوزهم بقي صامتا، من دون نشيد ولا علم، في حادثة تبدو وكأنها تشبه السلام الخليجي الاسرائيلي المزمع عقده.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق