الأربعاء، 3 يناير 2018

لا خطة أميركية واضحة للتعامل مع احتجاجات إيران

واشنطن - من حسين عبدالحسين

بعيداً عن التصريحات الأميركية الداعمة للحراك الشعبي ضد النظام الإيراني، أجمع الخبراء الأميركيون على أن حكومتهم تفتقر إلى الأفكار المطلوبة لوضع خطة متكاملة لدعم المتظاهرين الايرانيين.

وكتب الباحث في «معهد واشنطن لشؤون الشرق الأدنى» مايكل سينغ في «واشنطن بوست» انه على الرغم من أن الرئيس دونالد ترامب تبنى سياسة معاكسة لسياسة سلفه باراك أوباما تجاه إيران، إلا أن إدارته تواجه المعضلة نفسها التي واجهت الادارات الاميركية المتعاقبة: «ما الذي يمكننا فعله بالضبط غير إصدار البيانات؟»

المشكلة التي تواجه واشنطن، حسب غالبية الخبراء، تكمن في شحّ المعلومات المتواترة من داخل إيران. ويقول الباحث الاميركي من أصل إيراني في «معهد كارنيغي» كريم سدجادبور إن الصورة التي يحاول الإعلاميون الأميركيون نقلها من إيران غالباً ما تكون مشوّهة، بسبب الضغط الذي يمارسه النظام الايراني على الصحافيين الغربيين، وهي ضغوط غالباً ما تؤدي لاعتقالهم ومحاكمتهم بتهم واهية.

ويشير سدجادبور، في حديث مع «الراي»، الى أن الضعف في فهم الصورة المتواترة من إيران جعل من الصعب جداً التكهن بوقوع الأحداث، مثل التظاهرات التي اندلعت الأسبوع الماضي وفاجأت كل الخبراء الغربيين. ويوضح الباحث الإيراني - الأميركي أن الخبراء لم يتوقعوا التظاهرات، وهم يقفون عاجزين عن تقديم توقعات مستقبلية لمصير هذه الاحتجاجات.

ويلفت سدجادبور إلى بعض الملاحظات التي يمكن التوقف عندها، أولها أنه على عكس تظاهرات «الثورة الخضراء» المليونية في العام 2009، التي تركزت في العاصمة، تجري التظاهرات الحالية في الارياف، حيث يتمتع النظام عادة بتأييد قوي. ومن الفوارق أيضاً أنه في العام 2009، كان مجموع الهواتف الذكية في أيدي الايرانيين يتراوح بين مليون ومليونين، فيما يبلغ العدد اليوم نحو 48 مليون هاتف ذكي، حسب التقديرات، في بلد يبلغ تعداد سكانه قرابة 80 مليوناً.

على أن انتشار هذه التقنية تسمح للإيرانيين بالحصول على صورة واضحة حول العالم خارج إيران، على الرغم من أن الصورة من إيران الى العالم لا تتسم بالوضوح ذاته بسبب الرقابة الحكومية. ويُجمع الخبراء الأميركيون على أن التظاهرات الايرانية بدأت بسبب «الخبز والزبدة»، ولكنها، مثل التظاهرات التي تندلع لأسباب معيشية، ما تلبث أن تتطور لتحمل رسائل سياسية، هذه المرة مُطالبة بسقوط النظام الاسلامي الايراني بأكمله.

 ومثل المذكرة التي سربتها وزارة الخارجية الاسرائيلية عن تقييمها للأوضاع في ايران، يُجمع الخبراء الأميركيون على أن النظام الايراني يتمتع بقدرات هائلة على ممارسة قمع عنيف بحق المتظاهرين، وأن لطهران خيارات متعددة في عملية ممارستها القمع، بما في ذلك استقدام حلفائها الخارجيين، مثل «حزب الله» اللبناني وبعض الميليشيات العراقية، لتثبيت الأوضاع داخل ايران. على أن الخبراء الأميركيين، كما المذكرة الاسرائيلية، يجمعون أيضاً، على أنه في حال استمرت التظاهرات واتسعت، فإنها ستُضَعْضِع النظام الاسلامي، وستنتقص من شرعيته عالمياً بصورة كبيرة، وقد تحوله الى «نظام مارق» على غرار نظام حليفه الرئيس السوري بشار الأسد.

ما الذي يمكن للولايات المتحدة فعله للتعامل مع التطورات في ايران؟ ما يزال سؤال يُحيِّر المسؤولين والخبراء الأميركيين، مع عودة الحديث عن الأساليب التقليدية المعتادة، لناحية بناء تحالف دولي يهدف لممارسة الضغط الاقتصادي والمالي والديبلوماسي على طهران لثنيها عن القمع الوحشي وحضها على التغيير، بالتزامن مع تقديم وسائل الصمود للمتظاهرين، مثل الإيعاز لمواقع التواصل الاجتماعي بمحاولة إبقاء قنوات مفتوحة للمتظاهرين على الرغم من محاولات الرقابة الحكومية، كما في الايعاز للاعلام الغربي بمحاولة اجتياز الرقابة نفسها لمواصلة البث للإيرانيين.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق