الخميس، 4 يناير 2018

بانون «يَصفع» ترامب: ابنه وصهره... خائنان

واشنطن - من حسين عبدالحسين

تعرّض الرئيس الأميركي دونالد ترامب لانتكاسة سياسية جديدة مع خروج عدائه مع مستشاره السابق للشؤون الاستراتيجية ستيفن بانون إلى العلن، بشكل غير مسبوق، وهو ما أثار عاصفة في واشنطن.
جاء ذلك في مقابلة مع بانون وردت في كتاب عن ترامب وحملته الانتخابية، يُتوقع صدوره الثلاثاء المقبل بعنوان «النار والغضب داخل بيت ترامب الأبيض»، كتبه الصحافي مايكل وولف.
واتهم بانون ابن الرئيس الأميركي دونالد جونيور، وصهره جاريد كوشنر، ومدير حملته الانتخابية للرئاسة بول مانافورت، بـ «الخيانة» وبالقيام بـ «عمل غير وطني» بعقدهم لقاء مع مجموعة من المسؤولين الروس المقربين من الرئيس فلاديمير بوتين، بهدف الحصول على معلومات سرية ضد منافسة ترامب المرشحة الديموقراطية هيلاري كلينتون.
واتهم بانون الثلاثة بالتورط بعمليات تبييض أموال، وتلقي أموال روسية عن طريق «دويتشه بنك» الألماني، مشيراً إلى أن المحقق الخاص روبرت مولر يسعى لاصطياد هؤلاء، وتالياً ترامب، عن طريق كشف جرائمهم المالية. 
وفي اتهام واضح للرئيس الأميركي، قال مستشاره السابق إنه من المستحيل أن يكون ترامب الابن قام بالتنسيق مع الروس من دون معرفة ترامب الأب. 
وهذه ليست المرة الأولى التي يهاجم فيها بانون ترامب، إذ سبق أن قال إنه يعتقد أن فرص إكمال ترامب ولايته الرئاسية الأولى لا تتعدى 30 في المئة. وكان بانون صرّح، اثر اعلان استقالته من البيت الابيض، ان «رئاسة ترامب التي قاتلنا من أجلها، وفزنا بها، انتهت».
ويقول المقربون من البيت الأبيض إن مستشاري الرئيس نجحوا بإقناعه في الماضي بالتعالي عن انتقادات بانون وتفادي الرد عليه، إلا أن تصريحاته الأخيرة التي لم يهاجم فيها ترامب بل شن هجوماً ضد عائلته، يبدو انها قصمت ظهر البعير، فقام ترامب بالرد بشكل غير مسبوق ولا متعارف عليه بروتوكولياً.
وأصدر مكتب الناطق باسم البيت الابيض بياناً، جاء نصه بصيغة «أنا» والمتكلم فيه ترامب، قال فيه إن بانون «لم يفقد عمله» فحسب بخروجه من البيت الابيض، بل «فقد عقله» كذلك. وحاول الرئيس التقليل من أهمية الدور الذي لعبه بانون في فوزه بالرئاسة، قائلاً إن بانون انضم للحملة الانتخابية بعدما كان ترامب ألحق الهزيمة بمنافسيه الجمهوريين السبعة عشر. واضاف ترامب ان بانون يخال نفسه أنه هو الذي يقف خلف الفوز، لكن بانون «لا يمثلني ولا يمثل قاعدتي، وهو لا يمثل إلا نفسه».
ويبدو أن الرجلين، ترامب وبانون، ينسبان لنفسيهما إنجاز الفوز بالرئاسة الأميركية: ترامب يعتقد أنه يتمتع بكاريزما وذكاء اكتسح بهما الحزب الجمهوري والبلاد بأكملها، فيما بانون يرى أن سبب فوز ترامب على منافسيه الجمهوريين هو قيام اليمين المتطرف داخل الحزب، والذي يعتقد بانون نفسه أنه يمثله، بتأييد ترامب على حساب منافسيه.
وبالتوازي مع موقف البيت الأبيض الناري، وجه محام يمثل ترامب رسالة إلى بانون تتهمه بانتهاك اتفاق عدم الكشف عن معلومات، بعدما تحدث إلى مؤلف الكتاب، وتأمره بالكف عن ذلك.
وكتب المحامي في الرسالة لبانون: «انتهكتم الاتفاق باتصالكم، من بين أشياء أخرى، بالمؤلف مايكل وولف بشأن السيد ترامب وأفراد أسرته» وحملته الرئاسية. وتتهم الرسالة بانون بـ«الكشف عن معلومات سرية للسيد وولف والادلاء بتصريحات تنطوي على ذم وفي بعض الحالات تصريحات تشهيرية صريحة للسيد وولف عن السيد ترامب وأفراد أسرته».
وللخلاف العلني الذي انفجر بين ترامب وبانون تأثيرات سلبية عديدة، أولها أن بانون وضع نفسه في موقع الشاهد، الأمر الذي سيجبر المحقق مولر على الاتصال به للوقوف على أقواله بصفة شاهد، وثانيها أن القاعدة اليمينية داخل الحزب الجمهوري قد تجد نفسها مُنقسمة على نفسها، كما حصل في الانتخابات الفرعية لمجلس الشيوخ في ولاية ألاباما ذات الغالبية الجمهورية الساحقة.
ففي ألاباما، فاز روي مور، مرشح بانون، على لوثر ستراينج، مرشح ترامب، في الانتخابات التمهدية الحزبية، لكن مور خسر الانتخابات أمام منافسه الديموقراطي دوغ جونز، في سباق يبدو أنه سيتحول نموذجاً لكيفية انعكاس الصراعات داخل الحزب الجمهوري على أداء الحزب انتخابياً، وتالياً إضعافه أمام منافسيه الديموقراطيين.
في سياق متصل، كشف غلين سمبسون وبيار فريتش، وهما مؤسسا شركة «فيوجن جي بي اس» التي أصدرت «الملف» حول تورط ترامب مع الروس، بعض تفاصيل الشهادة التي أدليا بها أمام الكونغرس، بغرفتيه، واستغرقت أكثر من عشر ساعات. 
والشركة كانت أول من كشف عن تورط ترامب مع الروس، وكلفت العميل البريطاني بيتر ستيل بالتحري، فقام الأخير بالسفر إلى موسكو، حيث عثر على معلومات اعتبرها خطيرة الى درجة دفعته بالاتصال بمكتب التحقيقات الفيديرالي (اف بي آي). لكن المكتب المذكور لا يبدو أنه استند إلى ستيل أو «الملف» للتحقيق في الأمر، بل الأرجح أنه كان يراقب تورط ترامب وحملته مع الروس منذ فترة، حسب سمبسون وفريتش، وهو ما يدحض ادعاءات ترامب والجمهوريين، التي يحاولون من خلالها الانتقاص من مصداقيه تحقيق مولر بالقول انه يستند الى «الملف»، الذي موّلته جزئياً كلينتون وبثت خطأ أجزاء منه.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق