الثلاثاء، 30 يناير 2018

دعوات إلى مشاركة أكبر للمرأة الأميركية في سوق العمل

واشنطن - حسين عبدالحسين

تواجه سوق العمل الأميركية انخفاضاً تاريخياً في «نسبة مشاركة» الأفراد الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و54 سنة، بتسجيلها نسبة 7.62 في المئة. إذ على رغم هبوط نسبة البطالة إلى أدنى مستوياتها في 17 عاماً، وبلوغها نسبة 1.4 في المئة، لا تزال «نسبة المشاركة» متدنية، وهو ما يشي بأن السوق الأميركية استهلكت معظم طاقتها من اليد العاملة، وأن الناتج المحلي لن يتجاوز نسبة 3 في المئة التي حققها على مدى العام الماضي، ما لم يتوافر مزيد من اليد العاملة.

وكانت «نسبة مشاركة» الأميركيين في سوق العمل بلغت ذروتها مع أواخر حكم الرئيس السابق بيل كلينتون عام 2000، إذ بلغت 3.67، ومع «ثورة السبعينات» وبدء انخراط المرأة في سوق العمل، ارتفعت النسبة بسرعة من 5.62 عام 1976 لتصل إلى ذروتها مع نهاية الألفية، ثم تباشر مسيرتها الانحدارية لتعود هذه السنة إلى ما كانت عليه قبل أكثر من أربعين عاماً.

وتشير أرقام «مكتب العمل» الحكومي الأميركي، إلى أن نسبة مشاركة الرجال في سوق العمل بلغت 2.69 في المئة عام 2016، فيما تنحفض النسبة بين النساء الى 8.56 في المئة للعام ذاته. وتوقع المكتب أن تصبح نسب المشاركة 2.66 للرجال و1.56 للنساء مع حلول عام 2026، بسبب الشيخوخة التي تصيب المجتمع الأميركي عموماً.

ويمكن مقارنة تدني «نسبة المشاركة» في سوق العمل الأميركية بنظيراتها في الاقتصادات المتطورة الأخرى حول العالم، إذ تبلغ «نسبة المشاركة» 5.78 في المئة في بريطانيا، و9.71 في فرنسا، و2.69 في روسيا. ويعتقد باحثون أن أحد أسباب ارتفاع النسبة في بريطانيا وفرنسا، يعود إلى مشاركة أوسع للمرأة في سوق العمل، ويعزون ذلك الى التسهيلات التي تقدمها حكومتا الدولتين الأوروبيتين، لجهة مجانية برامج تنظيم الأسرة والإنجاب، وبرامج الحضانة للأطفال، والتي تمنح المرأة حرية أكبر للانخراط في سوق العمل.

وكان أنغل غويرا، الأمين العام لمنظمة دول التعاون الاقتصادي والتنمية، لفت إلى أن النساء «هنّ من أقل الموارد الاقتصادية التي يتم الإفادة منها حول العالم».

وهكذا، دفع تدني «نسبة المشاركة» في سوق العمل الأميركية الشركات، إلى تقديم دراسات جدية تهدف الى رفع هذه النسبة، وهو ما يتطلب رفع نسبة المشاركة النسائية في سوق العمل. واعتبرت دراسة لمركز بحوث «إي أند بي غلوبال» التابع لسوق المال «اس اند بي ٥٠٠»، إمكان «إضافة 5 الى 10 في المئة إلى الناتج المحلي الأميركي، بإغراء مزيد من النساء للمشاركة في سوق العمل».

وذكرت الدراسة أن بين خريجي الاختصاصات المعروفة بـ «ستيم»، أي علوم وتكنولوجيا وهندسة ورياضيات، تبلغ نسبة العاملين 88 في المئة، لكن بين الخريجات من اختصاصات «ستيم» تصل نسبة العاملات إلى 14 في المئة فقط.

وكانت شركات التكنولوجيا في «وادي سيليكون»، مثل «غوغل» و«فايسبوك»، تنبهت لانخفاض نسبة النساء بين العاملين في صفوفها، وعكفت على تعديل سياساتها التوظيفية لفتح باب توظيف النساء وتشجيعهن على الانخراط في العمل في هذا القطاع الواعد. وفي وقت تشهد الحركة النسائية في الولايات المتحدة وحول العالم ثورة متجددة للمطالبة بحقوق أكثر للمرأة في سوق العمل، وبحمايات من التحرش الجنسي وبرواتب متكافئة مع الرجال، أظهرت دراسة «أس أند بي غلوبال»، أن العاملات الأميركيات يتقاضين 83 في المئة فقط مما يتقاضاه نظراؤهن من الرجال العاملين في المواقع الوظيفية ذاتها، ما يعني ان على المرأة العمل 44 يوماً إضافياً حتى تكسبن مرتبات مساوية لما يتقاضاه الرجال».

وعن مشكلة التباين في برامج رعاية الأسرة والطفل بين معظم اوروبا وكندا من جهة، والولايات المتحدة من جهة أخرى، بيّنت الدراسة أن «25 في المئة من النساء العاملات في الولايات المتحدة يتوقفن عن العمل، بل يخرجن من سوق العمل كلياً، للتفرغ لحضانة أطفالهن او رعاية المسنين في عائلاتهن». أما النساء اللواتي يبقين في سوق العمل، فتستهلكن 39 في المئة من عطلهن المدفوعة لأسباب الحضانة ورعاية المسنين، فيما يستهلك الرجال 24 في المئة من عطلة العمل المدفوعة للأسباب ذاتها.

كل هذه التباينات باتت جزءاً من النقاش الأميركي الدائر حول ضرورة تحسين شروط عمل المرأة، وهو لا شك بدأ يؤتي ثماره مع بدء بعض مجالس الولايات بسن تشريعات في هذا الأطار، ما ينبئ بتوسع الحركة الأميركية لتشمل دولاً اكثر، في شكل ينعكس إيجاباً على الاقتصادين الأميركي والعالمي.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق