الأربعاء، 11 أبريل 2018

اساطير حزب الله في روايته تاريخه

حسين عبدالحسين
سينديكايشن بيرو

قلة هم الكتاب الذين يمكنهم ازعاج ”حزب الله“، التنظيم الشيعي الذي يصف نفسه على انه ”مقاومة“ في لبنان. على ان الامر لا ينطبق على مهند الحاج علي، وهو شيعي المولد من جنوب لبنان. في كتابه ”القومية، والقومية العابرة، والاسلام السياسي“، يذهب الحاج علي بعيدا في تفكيك الزخرفة والاساطير التي يستند اليها الحزب لتبرير وجوده.

الحاج علي يتمتع بحرية غير مسبوقة في الوصول الى الأدب المحلي، والاساطير المروية، والسكان المحليين، وهو ما سمح له بتفكيك بيان ”حزب الله“، واستخراج العناصر المؤلفة له — التي منها ما هو مستعار من الاساطير الشيعية المحلية، ومنها ما هو مستعار من المرويات الايرانية — وتقديمها في كتابه، المنبثق عن اطروحته في ”جامعة لندن للاقتصاد“، الذي يتعامل فيه مع اسئلة الهوية الجماعية وكيفية بنائها.

كباحث في العلوم السياسية، يحلل الحاج علي صعود ”حزب الله“ من منظور الهوية، وهو خيار جيد، يقدم فيه ببراعة رواية ”حزب الله“ للتاريخ، وهي رواية تعجّ بالاخطاء الى حد يجعلها دعاية من النوع السيء. على ان الحاج علي لا يقوم بتصحيح هذه الرواية، ربما لان مجهود من هذا النوع كان يمكن ان يحول كتابه الى نقاش مضني حول عقيدة الحزب، وهو ما يعني ان الرد على مزاعم الحزب حول تاريخه يمكنها ان تشكل اساسا لنسخة موسعة من الكتاب مستقبلا.

لكن قبل ان نستعرض كتاب الحاج علي، لا بد من تقديم حادثة قد تكون الافضل في شرح كيفية مزج ”حزب الله“بين القضايا المحلية والاقليمية بما يخدم مصلحته.

في غضون ١٠ اسابيع بعد اعلان ”حزب الله“ انتصاره ”الالهي“ على اسرائيل، في منتصف آب (اغسطس) ٢٠٠٦، قام الحزب بارسال مناصريه لاحتلال وسط بيروت ومحاصرة رئيس الحكومة السابق فؤاد السنيورة. وعلى الرغم ان الحزب كان وصف انجازه على انه ”اكبر انتصار على اميركا وحلفائها منذ نهاية الحرب الباردة“. لم يحتفل ”حزب الله“ بـ ”انجازه الدولي“، بل انهمك بالسجالات اللبنانية الداخلية. على ان تحريض الحزب الشيعي ضد رئيس الحكومة السني لم يكن بالصدفة، بل كان مجهودا محسوبا لتشتيت الغضب الشيعي، بعيدا عن الدمار الذي عانى منه الشيعة على ايدي اسرائيل. اي انه في اللحظة التي طفح فيها كيل الشيعة من مغامرات ”حزب الله“ الاقليمية، نجح الحزب في اعادة توجيه غضبهم عبر اعادة احياء العداوات القديمة بين الشيعة والسنة داخل لبنان وشيطنة السنيورة. ذاك المجهود قدّم بوضوح كيف يمكن للحزب مزاوجة جدول اعماله الاقليمي، مع سياسة لبنان الداخلية، بهدف تحقيق مصالحه.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق