الاثنين، 9 أبريل 2018

الضربة الأميركية - الأوروبية الوشيكة في سورية ... أكبر من «الشعيرات» وأصغر من إسقاط النظام

واشنطن - من حسين عبدالحسين

بسبب مصادفة الهجوم الكيماوي على دوما، في غوطة دمشق الشرقية، مع عطلة نهاية الأسبوع، تأخّرت الولايات المتحدة في الانخراط بالنقاش حول الضربة العسكرية المحتملة ضد النظام السوري وإمكانيات الردود عليها، لكن الموضوع طغى على «الدورة الاعلامية» الأميركية، منذ صباح أمس، قبل ساعات من انعقاد مجلس الأمن القومي الأميركي برئاسة مستشاره، المعيّن حديثاً، العقائدي المثير للجدل جون بولتون.
ولليوم الثاني على التوالي، ندّد ترامب بـ«الهجوم المشين على مدنيين أبرياء في سورية»، مشيراً إلى أنه «سيتم اتخاذ قرارات مهمة» بشأن سورية «خلال 24 الى 48 ساعة»، بعد دراسة الوضع والحديث مع القادة العسكريين.
وأضاف في سلسلة تغريدات على «تويتر»، مساء أمس، «سنعرف إن كانت المسؤولية تقع على عاتق روسيا أو سورية أو إيران أو جميعها»، في الهجوم الكيماوي على دوما. ليضيف «سنتخذ قرارا بشأن سوريا بشكل سريع وعلى الأغلب مع نهاية اليوم (أمس)».
وأشارت التقارير المتواترة من أروقة القرار الأميركي إلى أن البحث يدور حول محورين: الأول هو حجم الضربة والخيارات المتاحة أمام أميركا وفرنسا وبريطانيا، والثاني هو «ما بعد الضربة»، ويتضمن - من وجهة نظر واشنطن وحلفائها الشرق أوسطيين وحدهم من دون الأوروبيين - صياغة سياسة مواجهة على المدى المتوسط لـ«تقليص النفوذ الإيراني في سورية».
في سياق الخيارات المتاحة، سمعت واشنطن من حليفتيها باريس ولندن، استعداد العاصمتين الاوروبيتين للمشاركة في ضربة عسكرية ضد قوات الرئيس السوري بشار الأسد، من خارج مجلس الأمن، الذي تعطّله روسيا من خلال حقها في استخدام النقض (الفيتو). 
ووفقاً لمصادر أميركية مطلعة، فإن حجم وشكل الضربة العسكرية الغربية الذي يجري البحث لتحديد تفاصيلها، يترواح بين رغبة في جعلها أكبر من «ردة فعل»، على غرار الضربة الصاروخية التي وجهتها أميركا لقاعدة الشعيرات، العام الماضي إثر هجوم خان شيخون الكيماوي، وأصغر من إسقاط نظام الأسد برمته، خوفاً من انعدام البديل، الذي تعتقد العواصم الغربية أنه يتراوح بين المجموعات الاسلامية بشقيها: الشيعي الايراني والسني التابع لجماعة «الإخوان المسلمين». 
هكذا، تقدّم إلى الواجهة خيار «تدمير القوة الجوية للأسد بالكامل»، بما في ذلك تدمير مقاتلاته ومروحياته كلها، والقضاء على البنية التحتية لمنظومة الدفاع الجوي الروسية «سام 200» الموجودة بحوزته. ويعتقد الأميركيون والأوروبيون أن تعطيل قدرات الأسد الجوية من شأنه تقليص عدد الضحايا المدنيين، والحد من قدرة النظام مستقبلاً على توجيه ضربات بالأسلحة الكيماوية. 
وأول من أمس، أيّد عدد من كبار المسؤولين الأميركيين، في طليعتهم السيناتور الجمهوري المخضرم ليندسي غراهام، وهو طيار حربي متقاعد، خيار قضاء الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا على القوة الجوية للأسد، عن بكرة أبيها، كعقاب قاس تأمل العواصم الغربية أن يُثني الأسد، نهائياً، عن استخدام أي من الأسلحة المحظورة دولياً، مستقبلاً.
على أن عدداً من السيناريوهات الأميركية أضاف إلى خيار القضاء على القوة الجوية للأسد، ضرورة إقامة مناطق آمنة ومناطق حظر جوي، يمكن أن يتم تسليم إدارتها للمعارضين السوريين حتى يتم التوصل إلى تسوية سياسية. 
وبسبب سيطرة تركيا على الشمال السوري، وسيطرة الولايات المتحدة على الشرق، ينحصر خيار إقامة مناطق آمنة في الجنوب، حيث تسيطر فصائل معارضة وحيث يستعد الأسد لاستعادة السيطرة، حسبما بدا من إرساله تعزيزات عسكرية إليها، بما في ذلك دخول المنطقة المنزوعة السلاح بين الأراضي السورية والجولان السوري الذي تحتله إسرائيل.
وعلى غير عادته، ربما بسبب تسلمه منصب مسؤول، التزم بولتون الصمت، وأوصى بالحد من التسريبات إلى الاعلاميين، فأضاف بذلك الى الغموض الذي يكتنف الموقف الأميركي تجاه الخطوة العقابية المقبلة ضد الأسد. 
وما يعزز الغموض الأميركي التقلب المتواصل في مواقف الرئيس دونالد ترامب، فهو طلب سحب القوات الأميركية، البالغ عددها ألفي جندي، من الشرق السوري، في تصريح يعتقد بعض الأميركيين أنه شجّع الأسد على القيام بشن هجومه الكيماوي. 
لكن حتى قبل أن تلتئم الوكالات الحكومية الأميركية المعنية لتدارس كيفية الرد على هجوم دوما الكيماوي، كان ترامب قد نشر عدداً من التغريدات التي وصف فيها الرئيس السوري بـ «الحيوان»، وحمّل فيها طهران وموسكو مسؤولية دعمه، وأعلن أن الأسد وداعميه سيدفعون «ثمناً باهظاً».
هكذا، تداعى العاملون في فريق ترامب لتحديد الخيارات التي يمكن أن تشكّل «ثمناً باهظاً» يدفعه الأسد، تماشياً مع تغريدة ترامب، لكن المسؤولين أنفسهم يخشون من أن ينقلب ترامب على نفسه، كعادته، إذ ذاك عمدوا إلى تدبير خيارات أخرى تحسباً لمزاج الرئيس وما قد يصدر عنه.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق