الجمعة، 25 مايو 2018

«تغيير جذري» في سياسة واشنطن تجاه لبنان: الحكومة مسؤولة عن أفعال «حزب الله»

واشنطن - من حسين عبدالحسين

في خضم المراجعات التي تقوم بها إدارة الرئيس دونالد ترامب في السياسة الخارجية للولايات المتحدة، سجلت الأوساط المتابعة في العاصمة الأميركية «تغييراً جذرياً» في الموقف الأميركي تجاه لبنان، من موقف مهادن يفصل بين الحكومة اللبنانية و«حزب الله»، ولا يُحمّل الحكومة مسؤولية الأعمال العسكرية التي يقوم بها الحزب في لبنان والعراق وسورية، إلى موقف يُحمّل دولة لبنان بأكملها مسؤولية أعمال ميليشيا «حزب الله» في المنطقة وحول العالم.
وتشكل الانعطافة الأميركية نهاية لسياسة المهادنة التي تبنتها إدارة الرئيس الأسبق جورج بوش الابن، منذ اتفاق الدوحة في مايو 2008، وواصلتها إدارة الرئيس السابق باراك أوباما، وهي سياسة كانت تتفادى تحميل بيروت مسؤولية أعمال «حزب الله» العسكرية، وتعتبر أن الحكومة اللبنانية أضعف من أن تضبط الحزب.
وساهم تحسن العلاقات بين واشنطن وطهران، بما في ذلك فتح قناة اتصال شخصي عبر البريد الالكتروني بين وزيري الخارجية الأميركي السابق جون كيري ونظيره الايراني جواد ظريف، في تحييد لبنان أكثر وأكثر عن مشاكل المنطقة. وتحوّلت قناة الاتصال هذه، إلى جانب قنوات الاتصال مع ما تعتبره العواصم الأوروبية «الجناح السياسي» في «حزب الله»، إلى قنوات اتصال غير مباشرة بين إدارة أوباما والحزب اللبناني.
ويوم سأل معارضون سوريون عن سبب شن واشنطن حرباً على تنظيم «داعش» الإرهابي واستثناء «حزب الله»، الذي تُصنّفه واشنطن إرهابياً كذلك، أجاب كيري ان «حزب الله لا يؤذي مصالحنا في الوقت الراهن».
لكن مع رحيل الإدارة السابقة وحلول إدارة جديدة في مكانها، انقلبت رؤية واشنطن تجاه لبنان وحكومته و«حزب الله»، وصارت واشنطن ترى أن الحزب ليس خارجاً عن إرادة دولة لبنان وحكومته، بل هو يعمل وسط تأييد ودعم من الحكومة اللبنانية وأركانها، في ظل تحالفات بين رئيس الجمهورية ميشال عون والحزب، يُضاف إلى تحالف الحزب مع رئيس مجلس النواب نبيه بري، ووجود وزراء من الحزب في الحكومة التي يترأسها سعد الحريري.
ووفقاً لمصادر أميركية مطلعة، فإن التغيير في السياسة الأميركية تجاه لبنان له عواقب عديدة، أولها أن واشنطن قد تمضي في تصنيف لبنان كدولة راعية للإرهاب، وقد تطلب من بيروت، عبر الأمم المتحدة، ضبط الحزب وتحمل مسؤولية مشاركته في الحرب السورية. 
أولى بوادر التغيير الأميركي تجاه لبنان انعكست في الرسالة التي وجهها أمين عام الأمم المتحدة انطونيو غوتيريس إلى مجلس الأمن حول تطبيق بيروت القرار 1559، الصادر في سنة 2004، والذي يطلب نزع سلاح كل «الميليشيات اللبنانية وغير اللبنانية». وأعرب فيها الأمين العام عن قلقه من «تورط حزب الله، وعناصر لبنانية أخرى، في القتال في مناطق (غير لبنان) في المنطقة، وهو ما يعرّض لبنان لمخاطر التورط في الصراعات الاقليمية، ويعرض استقرار لبنان والمنطقة للخطر». 
ومن نيويورك إلى واشنطن، تتصاعد الأصوات التي تعتبر أن أميركا خسرت لبنان. وفي هذا السياق، وصفت الباحثة في مركز أبحاث «أميريكان انتربرايز انستيتيوت» دانيال بليتكا، نتائج الانتخابات البرلمانية اللبنانية، التي جرت في السادس من الجاري، بـ«المثيرة للاكتئاب والمتوقعة». 
وفي شهادة لها أمام لجنة الشؤون الخارجية في الكونغرس، عزت بليتكا النتائج إلى «اختلال لبنان، والأداء الباهت لحزب رئيس الحكومة سعد الحريري»، مضيفة ان «الانتخابات الأخيرة تؤكد لنا ان الحكومة المقبلة سيديرها حزب الله... أنا أخشى أن المؤسسات الأخرى في لبنان ستكون (تحت سيطرة حزب الله) كذلك قريباً، ما يعني أنها (المؤسسات اللبنانية) ستُدار من طهران».
ومع التغيير الجاري في واشنطن، يقترب الموقف الأميركي من موقف إسرائيل تجاه لبنان، فالدولة العبرية كرّرت أنها، بعد حرب 2006، لم تعد ترى أي فارق بين «حزب الله» والحكومة اللبنانية، وانه في حال اندلاع حرب مستقبلاً، فهي ستعمد إلى ضرب أهداف الحزب ودولة لبنان في الوقت نفسه، على عكس سنة 2006. 
وفي السياق الأميركي، يعني إلغاء التمييز بين حكومة لبنان و«حزب الله» أن العقوبات المالية الأميركية لن تستهدف مؤسسات الحزب أو مسؤوليه فحسب، بل ستتوسع لتشمل مؤسسات ومسؤولي دولة لبنان كذلك، عملاً بالتصريح الذي يتناقله المعنيون عن لسان مسؤول كبير في البيت الابيض قال فيه انه «من الآن وصاعداً، تعتبر حكومة الولايات المتحدة أن حكومة لبنان مسؤولة عن حزب الله وكل أفعاله، في لبنان، وفي المنطقة، وحول العالم».

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق