الجمعة، 14 ديسمبر 2018

صواريخ إيران... الشغل الشاغل للديبلوماسية الأميركية

حسين عبدالحسين

تحولت صواريخ إيران، المنتشرة في بعض دول المنطقة، الى الشغل الشاغل للديبلوماسية الاميركية، التي تسعى بكل ما أوتيت من عزم الى اقناع الاوروبيين بضرورة الانضمام الى الولايات المتحدة في فرض عقوبات اقتصادية على طهران. 
وبعد انظمة «جي بي اس» الايرانية التي زودتها طهران الى الميليشيات المتحالفة معها في لبنان واليمن، وبعد تقارير عن قيام ميليشيات موالية لإيران بنصب صواريخ في اراض عراقية بشكل يهدد المملكة العربية السعودية، وبعد تكرار إيران تجاربها على الصواريخ البالستية، لم يعد حديث اميركا يتمحور حول النووي الايراني، ولا الميليشيات الموالية لطهران في لبنان والعراق واليمن وسورية، بل تحولت الصواريخ الى «هاجسها الأول والاخير». 
وعلى اثر قيام طهران بتجاربها الصاروخية الاخيرة، وجدت واشنطن الفرصة سانحة لتجديد محاولاتها اقناع الاوروبيين بالانسحاب من المعاهدة النووية، التي سبق ان انسحبت منها الولايات المتحدة في مايو الماضي، خصوصا بعدما سمع الاميركيون من نظرائهم الاوروبيين استياء واسعاً مما رأته العواصم الاوروبية «استفزازات صاروخية ايرانية، في وقت تسعى اوروبا لاستنباط وسائل للالتفاف على العقوبات الاميركية». 
على انه على الرغم من استيائهم، لم يسر الاوروبيون في ركب الاميركيين، اذ ادانت الديبلوماسية الاوروبية الصواريخ الايرانية، ولكنها لم تعتبرها خرقا لقرار مجلس الأمن 2231، الذي يكرّس الاتفاقية النووية مع ايران. واستند الاوروبيون في احجامهم عن اعتبار التجارب الصاروخية اختراقا للقرار، بالقول ان نص القرار الأممي «يدعو» طهران الى عدم القيام بتجارب صاروخية، وان هذا ما يجعل التجارب الصاروخية الايرانية «غير متناسقة» وروحية القرار، من دون ان تخرقه تقنيا. 
ويعتقد الاوروبيون ان اتهام إيران باختراق القرار 2231، على غرار ما فعلت واشنطن، يتطلب نصا يرد فيه ان المجلس «يطلب» من، بدلاً من يدعو، طهران عدم القيام بتجارب، و«يطلب»... هي الكلمة التي لم ترد في النص. 
لكن العاملين في وزارة الخارجية الاميركية اعتبروا ان التعليل الاوروبي نوعا من «السفسطائية»، اي التلاعب بالكلام، وقالوا ان من عايشوا التوصل الى الاتفاقية النووية يعرفون ان الاتفاق كان يستند الى توافق شفوي على وقف ايران التجارب الصاروخية، من دون تدوين ذلك في النص صراحة، لحفظ ماء الوجه للايرانيين وسيادتهم. 
على ان الاختلاف التقني الاميركي - الاوروبي، حول نص القرار، لا يعني تباينا حول ايران، فالاوروبيين يعتقدون ان طهران تواصل «نشاطاتها المزعزعة للاستقرار»، ومنها صواريخها البالستية والدقيقة المنتشرة في المنطقة. كذلك علمت «الراي» من مسؤولين اميركيين انهم سمعوا من نظرائهم الاوروبيين استياء عارما على خلفية محاولة طهران، قبل اسابيع، اغتيال معارض مقيم في الدنمارك. 
وجاءت المحاولة بعد اشهر على كشف الفرنسيين محاولة ايرانية مشابهة لتفجير فندق في بايس كانت منظمة «مجاهدين خلق» تعقد مؤتمرا فيه. 
ويقول المسؤولون الاميركيون ان «الفرصة سانحة جدا لبناء تحالف عبر الأطلسي لفرض عقوبات على ايران، حتى من دون انسحاب الاوروبيين من الاتفاقية النووية». هذه الفرصة دفعت الديبلوماسية الاميركية الى تجديد حملتها الرامية الى تشديد العقوبات الاقتصادية على إيران. 
في سياق مشابه، سمعت «الراي» من مصادر في وزارة الطاقة الاميركية، ان وزيرها ريك بيري، الذي عاد لتوه من جولة قام بها في الخليج والعراق، رأى ان «الظروف تبدو مواتية لتصفير صادرات ايران النفطية». وقال مقربون من بيري انهم يتوقعون ان يرفع العراق انتاجه بواقع نصف المليون برميل سنوياً، مع حلول العام المقبل، ليصل عتبة 5 ملايين برميل. 
كذلك، تعتقد مصادر وزارة الطاقة ان خفض «اوبك» انتاجها بواقع 800 الف برميل يوميا يعني ان السوق يعاني من فائض، وان هذا الفائض يسمح باستبدال الصادرات الايرانية النفطية بنفط من مصادر بديلة، من دون التأثير في سعر السوق العالمي. 
وكانت واشنطن منحت استثناء مهلته 90 يوما لثماني دول تستورد النفط من ايران، بهدف اعطاء هذه الدول مهلة للعثور على مصادر بديلة، وكي لا يتسبب وقف الصادرات النفطية الايرانية للدول الثماني برفع سعر النفط عالمياً.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق