الخميس، 20 ديسمبر 2018

ترامب قد يتراجع عن قرار الانسحاب من سورية والمخرج يكمن في التحايل على الجدول الزمني

واشنطن - من حسين عبدالحسين

ثارت ثائرة الأميركيين بغالبيتهم، جمهوريين وديموقراطيين، سياسيين وخبراء ومحللين، ضد إعلان الرئيس دونالد ترامب - وحده دون وزارة الدفاع - انسحاباً فورياً لألفي جندي أميركي ينتشرون في مناطق سورية شرق الفرات. 
وسيطرت على البرامج الإعلامية دهشة حول القرار الرئاسي وخلفياته، وظهر إجماع مفاده بأنه، على عكس تغريدة ترامب، لم تصل الحرب ضد «داعش» الى خاتمتها. 
وتأتي تشكيكات الأميركيين في وقت نشر المحقق العام في وزارة الدفاع (البنتاغون) تقريراً أشار فيه الى انه رغم تراجع سيطرة «داعش» على الأراضي الى واحد في المئة مما كان يسيطر عليه التنظيم في أيام ذروته قبل اربع سنوات، الا ان عدد مقاتليه ما زال يراوح بين 20 و30 ألفاً، وهو عدد أكبر بكثير من التقديرات السابقة لوكالة الاستخبارات المركزية (سي آي اي). 
ولحساسية الموضوع وأهميته، اجتاح الحديث عنه البرامج الإعلامية الداخلية في ساعات الذروة، رغم أنه يندر أن تتطرق البرامج الأميركية المعتادة لشؤون السياسة الخارجية للبلاد. وقارن عدد كبير من الخبراء الأميركيين بين إعلان ترامب، في قوله إن إدارته فرغت من عملية القضاء على «داعش»، مع الصورة الشهيرة للرئيس الأسبق جورج بوش الابن، بعد أسابيع قليلة على دخول القوات الأميركية العاصمة العراقية بغداد في العام 2003، يوم وقف بوش على متن سفينة حربية أميركية، تحت لافتة كتب عليها «تمت المهمة». صورة بوش تلك تحولت الى فأل سيئ ما زال الخبراء يكررون الإشارة إليها في كل مرة يتحدثون عن أي إعلان تدلي به واشنطن حول إنجاز أي مهمة تكون غالبا غير منتهية. 
وفي مجلس الشيوخ، شن الأعضاء من الحزبين هجوما ساحقاً ضد ترامب وإدارته، واستدعوا نائب الرئيس مايك بنس، وصبوا عليه جام غضبهم. 
ومع نهاية اليوم، كان جلياً أن ترامب اتخذ قرار سحب القوات من سورية منفرداً، وعلى اثر مكالمة مع نظيره التركي رجب طيب أردوغان، ومن دون استشارة أي من اركان ادارته، ولا حتى إبلاغ أي منهم بقراره، بما في ذلك بريت ماكغورك، المبعوث الأميركي إلى التحالف الدولي للحرب ضد «داعش». كذلك، لم يتبلغ المبعوث المكلف الملف السوري السفير جيمس جيفري بالقرار، بل طالعه على «تويتر». 
وتوصلت غالبية المعنيين الى استنتاج مفاده بأن جناحاً واسعاً داخل الإدارة يعارض الانسحاب الأميركي من سورية، ويقوده مستشار الأمن القومي جون بولتون، الذي سبق أن صرح مراراً بأن القوات الأميركية باقية في سورية لضمان عدم عودة «داعش»، وكذلك لمواجهة تمدد النفوذ الإيراني. 
وسط الارتباك الواسع والامتعاض الذي واجه البيت الأبيض من كل زوايا واشنطن، علمت «الراي» من مصادر في الكونغرس أن ترامب قد يتراجع عن قراره، وإنما من دون الإعلان عن ذلك، وأن المخرج لهذه الأزمة يكمن في التحايل على موعد الانسحاب أو الجدول الزمني المطلوب لإتمامه. 
وكانت البنتاغون ألمحت إلى أن الانسحاب يستغرق بين 60 و100 يوماً، في أقل تقدير، ويمكن أن تمدد الوزارة المهلة المطلوبة لإتمام الانسحاب وربطها بأجل غير معلوم. 
وعلى برنامج رايتشل مادو التلفزيوني، الأكثر مشاهدة أميركياً، قالت مادو: «لا نعلم متى سيحصل الانسحاب، ان كان سيحصل». وأضافت أن حجة الرئيس غير صحيحة، «فداعش لم ينهزم بعد، وهذا ما أكدته تقارير وزارة الدفاع». 
وأشارت إلى أن خطوة ترامب سببها طلب أردوغان، وأن الأخير خاطب ترامب بالقول «انت يا ترامب، انسحب من سورية الآن»، وان ترامب أجاب أردوغان بالقول «أمرك سيدي». وختمت مادو: «هذا هو شكل الحكومة التي يتخذ رئيسها قراراته منفرداً، ويعلم بها الجميع عبر تويتر».

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق