السبت، 16 فبراير 2019

وارسو يمرّ بلا مصافحات «الصدفة» بين الخليجيين والإسرائيليين

واشنطن - من حسين عبدالحسين

في الجلسات التي عقدتها وكالات الحكومة الأميركية وحلقات الكونغرس المعنية بالسياسة الخارجية لتقييم مؤتمر «السلام والأمن في الشرق الاوسط» في وارسو، توصلت غالبية المجتمعين الى نتيجة مفادها بان اللقاء الدولي الذي حضره ممثلو 60 حكومة، لم يرق الى التوقعات التي كانت واشنطن تعقدها عليه، وان تطبيع العلاقات بين الحكومات العربية - والخليجية خصوصاً - واسرائيل، ما زال متعذراً.
وفي الاسابيع التي سبقت انعقاد اللقاء، انحصرت الجهود الاميركية باقناع حكومات خليجية بضرورة قيام رؤساء وفودها بمصافحة رئيس حكومة اسرائيل بنيامين نتنياهو علنا. لكن حكومات الخليج رفضت الطلب الاميركي، ما حدا بواشنطن الى محاولة فرض «مصادفة»، من قبيل تواجد نتنياهو في الغرفة نفسها مع وزراء عرب ومروره بهم، ما يفرض عليهم مصافحته، على الأقل من باب الأدب.
ونقل بعض المشاركين في جلسات تقييم المؤتمر ان «الوزراء العرب المشاركين في وارسو كانوا يسيرون في القاعات والممرات وكأن لديهم عيون اضافية خلفية، فحافظوا على مسافة من المسؤولين الاسرائيليين، ولم يفلح اعضاء الوفد الاميركي في فرض أي مصادفة».
ودفع فشل واشنطن في التوصل الى مصافحة اسرائيلية - خليجية الى تبادل الاتهامات حول على من تقع مسؤولية الفشل. واتهم بعض العاملين في الكونغرس من الديموقراطيين «انعدام الخبرة» لدى مستشار الرئيس دونالد ترامب وصهره جارد كوشنر، الذي يبدو انه دفع المعنيين في واشنطن للاعتقاد بأنه يتمتع بحظوة لدى المسؤولين الخليجيين، اكثر من الواقع.
لكن الجمهوريين دافعوا عن كوشنر بالقول انه كوّن انطباعاته حول التصرفات العربية مما سمعه من المسؤولين الاسرائيليين، ومن سفير الولايات المتحدة في اسرائيل. ولطالما دأبت الحكومة الاسرائيلية، وفي طليعتها رئيسها نتنياهو، على تصوير علاقات اسرائيل بالحكومات الخليجية على انها امتن بكثير مما هي عليه.
في الخلاصة، فشل مؤتمر وارسو في تحقيق الهدف الرئيسي المرسوم له: تحقيق مصافحات خليجية - اسرائيلية تحت عنوان مواجهة ايران، واستخدام المصافحات كحجر زاوية لبدء عملية التطبيع بين اسرائيل والخليج، بغض النظر عن مفاوضات السلام المتعثرة بين الفلسطينيين والاسرائيليين.
وأجمع المعنيون الاميركيون على ان مصافحة من هذا النوع كانت ستكون بمثابة انجاز سياسي كبير لترامب، يمكنه ان يشير اليه امام الاميركيين بصفته «صانع صفقات». كذلك، كانت المصافحة ستكون هدية انتخابية ثمينة لنتنياهو، الذي يستعد لانتخابات عامة في ابريل المقبل.
هكذا، خابت الامال الاميركية والاسرائيلية، فمستوى الوفدين الاميركي والاسرائيلي كانا أعلى بكثير من مستوى الوفود العربية المشاركة، التي تراوح قادتها في مستوياتهم بين وزير ووكيل وزير خارجية.
في المقابل، التقى نتنياهو وزير خارجية عُمان يوسف بن علوي، في وارسو لكنه لقاء كان متوقعاً، خصوصا ان نتنياهو سبق ان زار مسقط العام الماضي. ونُقل عن وزير خارجية البحرين الشيخ خالد بن أحمد آل خليفة ان «اختراقاً» سيحدث في علاقات الجانبين، عندما يحين الموعد المناسب، لكنه سيتحقق في نهاية المطاف.
في ظل الفشل الاميركي والاسرائيلي في فرض «مصادفة المصافحة» بين نتنياهو ومسؤولين خليجيين، حاول نائب الرئيس الأميركي مايك بنس التغطية على الفشل بالقول ان المسؤولين الاسرائيليين والعرب تناولوا وجبة العشاء في الغرفة نفسها و«تشاركوا الخبز».
«اضاعة تامة للوقت» كان تعليق احد العاملين في لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب حول مؤتمر وارسو. «اما إيران، فهي مستمرة في التوسع والتمدد».

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق