الأربعاء، 24 أبريل 2019

تقرير مولر يقسّم الديموقراطيين ويضعضع شعبية الرئيس الأميركي

واشنطن - من حسين عبدالحسين

انقسم قادة الحزب الديموقراطي حول كيفية التعامل مع تقرير مولر، الذي لم يعثر على تواطؤ مقصود بين دونالد ترامب وموسكو، في الانتخابات الرئاسية الاخيرة، من دون ان ينفي امكانية محاولة ترامب عرقلة مجرى العدالة في التحقيقات في علاقته مع الروس... على ان مولر لم يوجه اي ادعاء ضد الرئيس الأميركي، معللاً احجامه عن ذلك بالقول إنه جاء وفقا لتعليمات وزارة العدل، التي كانت كلفته التحقيق، على شرط عدم الادعاء ضد الرئيس. 
ولأن تحقيق مولر كشف عدداً من ارتكابات ترامب التي تشكل تجاوزا للقوانين الاميركية، انقسم الديموقراطيون الى فريقين: واحد يطالب بالبدء باجراءات عزل الرئيس، وهي اجراءات يمكن لمجلس النواب، الذي تسيطر عليه غالبية من الديموقراطيين، اقرارها، لكنها ستسقط حتما في مجلس الشيوخ، الذي تسيطر عليه غالبية من الجمهوريين، وفريق آخر بقيادة رئيسة الكونغرس الديموقراطية المخضرمة نانسي بيلوسي، التي ترى ان انسداد افق العزل، وتكلفته الشعبية المرتفعة من دون نتائج تذكر، هو بمثابة انتحار سياسي قد يكلف الديموقراطيين الغالبية التي يتمتعون بها في انتخابات العام المقبل. 
وكان احد اعضاء الكونغرس من الديموقراطيين شبّه تقرير مولر بالقول ان المحقق الخاص «ترك وراءه اثرا من فتات الخبر يؤدي الى الحقيقة، من دون ان يكشفها»، وهو ما يتطلب قيام الكونغرس بذلك. على ان العضو نفسه التزم الموقف الذي عممته بيلوسي، والقائل إن الديموقراطيين ما زالوا في طور القيام بالمزيد من التحقيقات، وانهم لم يتخذوا بعد قرار التصويت على عزل الرئيس. 
ويرى الديموقراطيون الفرصة سانحة لاستنزاف الرئيس، عن طريق مواصلة لجان الكونغرس تحقيقاتها المبنية على تقرير مولر، وعن طريق جلسات الاستماع، المفتوحة للعامة منها والمغلقة، مع ما يرافق ذلك من تغطية اعلامية من شأنها ان تبقي تجاوزات ترامب وفضائحه قيد التداول، وهو ما من شأنه ان يقلّص فرص اعادة انتخابه لولاية رئاسية ثانية، في وقت اظهرت استطلاعات الرأي تراجعا في شعبية الرئيس، بواقع خمس نقاط مئوية على الأقل، لتصل الى 47 في المئة، حسب مركز راسموسن اليميني، والى 39 في المئة - وهي الادنى منذ انتخابه - حسب استطلاع بوليتيكو - مورنينغ كونسلت، وهو استفتاء محسوب على جماعة الوسطيين من غير الحزبيين. 
وفي آخر تطورات تحقيقات الكونغرس، أعلنت لجنة العدل، برئاسة الديموقراطي جيري نادلر، نيتها استجواب محامي البيت الابيض السابق دون ماغان، الذي اظهر التقرير انه آثر الاستقالة على تنفيذ طلب ترامب والقيام باقالة مولر من منصبه، في خطوة صريحة لعرقلة مسار التحقيق الذي كان يطارد الرئيس ويقلقه. 
كما قام فريق محاميي ترامب بالادعاء ضد لجنة العدل نفسها، التي كانت اصدرت مذكرات قانونية تجبر ترامب على الكشف عن بياناته الضريبية للاعوام السبعة الماضية، بحجة انه يمكن لهذه البيانات اثبات فرضية ان الرئيس الاميركي مدين بأموال مصدرها حكومات اجنبية، منها الروسية، وهو ما يجعله عرضة للابتزاز. 
وفي السياق نفسه، سبق لمصرف «دويتشه بنك» ان اعلن تعاونه مع لجان الكونغرس في الكشف عن خطوط الائتمان التي سبق ان قدمها لأعمال ترامب. وكان المصرف نفسه توصل الى تسوية قضت بتسديده غرامة بقيمة 10 ملايين دولار لتورطه في تبييض اموال روسية. 
ويحاول فريق محامي ترامب اقناع المحاكم الاميركية ان في كشف الكونغرس عن بيانات الرئيس المالية مخالفة صريحة للحرية الفردية والخصوصية التي يكفلها الدستور. 
من جهتهم، سار الجمهوريون على خطى رئيسهم، وتظاهروا وكأن تقرير مولر جاء بمثابة صك براءة، وكرروا مقولة ان المحقق الخاص لم يوجه اي اتهامات لترامب، وانه لم يدّع ضده امام المحاكم، وهو ما يؤكد براءته. 
وتجاهل الجمهوريون واقع ان وكيل وزيرالعدل رود روزنستاين، الذي كان ترامب نفسه هو من عينه في منصبه، هو الذي حدد مهمة مولر، ورسمها على انها تحقيق من دون ادعاء يطول الرئيس، بسبب حصانة دستورية يتمتع بها. على ان هذه الحصانة لا ترد في اي من النصوص الدستورية الاميركية، وهو ما جعلها موضع جدل بين القانونيين والسياسيين من الحزبين.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق