الأربعاء، 22 مايو 2019

شانهان: أوقفنا إمكانية هجمات ضد أميركيين وهدفنا ردع إيران وليس خوض حرب ضدّها

واشنطن - من حسين عبدالحسين

بدأت إدارة الرئيس دونالد ترامب تتصرف وكأنها حققت الهدف الذي كانت تنشده بإرسالها مجموعة حاملة طائرات «لينكولن» الى الخليج، برفقة اربع قاذفات استراتيجية من طراز «بي 52»، وهو ما ادى، حسب وزير الدفاع بالوكالة باتريك شانهان في شهادة له امام الكونغرس، الى «تجميد امكانية الهجمات ضد اميركيين». 
وشارك كل من شانهان، ووزير الخارجية مايك بومبيو، ورئيس الاركان جو دنفورد، في جلسة استماع مغلقة، حاولوا فيها تقديم صورة عن تقارير الاستخبارات التي كانت دفعت واشنطن الى تعزيز قواتها في الخليج على وجه السرعة. 
وقبيل هذه الإحاطة، قدم كل من رئيس وكالة الاستخبارات المركزية السابق جون برينان وويندي شيرمان المسؤولة السابقة في وزارة الخارجية في عهد باراك أوباما إحاطة أخرى للمشرعين الديموقراطيين حول إيران. 
ولا يزال متعذراً حتى الآن معرفة الاسباب المباشرة التي دفعت الولايات المتحدة الى ارسال تعزيزات، مع استمرار الحديث عن صواريخ كانت ركزتها طهران على متن زوارق سريعة، وهو ربما ما خالته واشنطن محاولة ايرانية لتنفيذ تهديدات باغلاق مضيق هرمز في حال تصفير صادرات النفط الايرانية، حسب ما يعد المسؤولون الاميركيون. 
وقال شانهان للصحافيين، عقب تقديم إفادته: «لقد منعنا هجمات بإعادة نشر أصولنا، وحلنا دون وقوع هجمات محتملة على القوات الأميركية... تركيزنا الأكبر في هذه المرحلة هو منع سوء التقدير الإيراني». 
واعتبر أن اجتماع الكونغرس كان «في شأن الردع وليس الحرب»، مضيفا «لسنا على وشك الذهاب إلى حرب»، لكنه رأى أيضاً أن مستوى التهديدات الإيرانية ما زال عالياً. 
وعلى اثر اللقاء المغلق في الكونغرس، خرج المشرعون بانطباعات مختلفة، واحياناً متناقضة، بغض النظر عن انتمائهم الحزبي، فانقسم الجمهوريون بين من رأى ان ادارة الرئيس دونالد ترامب لم تقدم معلومات استخباراتية مقنعة تتطلب تعزيزات عسكرية في الخليج، ومن رأى ان الادارة فعلت عين الصواب على ضوء المعلومات الاستخباراتية المثيرة للقلق. 
وقال السناتور بيرني ساندرز، وهو مستقلّ يسعى لنيل ترشيح الحزب الديموقراطي للانتخابات الرئاسية، للصحافيين «أنا أخشى إلى حد بعيد أن نخلق عن قصد أو غير قصد وضعاً يسمح باندلاع حرب». 
وبعد إشارته إلى أنّ حربي العراق وفيتنام شنّتا بالاستناد إلى أكاذيب للإدارات السابقة، قال ساندرز «أعتقد أنّ حرباً مع إيران ستكون كارثية بالمطلق، وأسوأ بكثير من الحرب مع العراق».
أما السناتور الجمهوري ليندسي غراهام، فقال إن كبار المسؤولين أبلغوا أعضاء مجلس الشيوخ بأن الهجمات الأخيرة التي استهدفت عددا من ناقلات النفط وخط أنابيب تابعا لشركة «أرامكو» في السعودية، كانت بتعليمات من الحكومة الإيرانية. 
لكن ديموقراطيين أدلوا بتصريحات مناقضة لما قاله غراهام، ومنهم السناتور كريس مورفي، والنائب روبن غاليغو، حيث اعتبرا أن غراهام نشر رؤية «مشوّهة» للإعلام عما قدمه مسؤولو الاستخبارات. 
ونقل متابعون ان بومبيو حاول التطرق الى مواضيع إيرانية اخرى، فذكر ان سجل ايران سيئ جداً في اطار حقوق الانسان، وان طهران مسؤولة عن مقتل ألف جندي اميركي في العراق، وان تصرفاتها مزعزعة للاستقرار في المنطقة وتهدد حلفاء اميركا، لكن عددا من الديموقراطيين ردوا على بومبيو بالقول انهم لم يحضروا الجلسة ليستمعوا الى محاضرة عن مساوئ ايران، بل هم يسعون الى معرفة الاسباب التي دفعت واشنطن الى التصعيد، وقد تؤدي الى حرب مع الايرانيين. 
لكن الحرب لا يبدو انها تثير مخاوف الادارة، اذ ان شهادة مسؤوليها في الكونغرس، حسب بعض المشرعين من المشاركين في الجلسة، تمحورت حول تصوير وكأن العملية الاميركية ضد ايران انتهت، وانها حققت اهدافها بنجاحها بثني الايرانيين عن هجمات كانوا ينوون القيام بها. 
واشار مسؤولون في ادارة ترامب الى ان طهران نفذت فعليا بعض الهجمات، مثل تفجيرات ضد ناقلات في الفجيرة، وضد انابيب نفط في السعودية، وباطلاق صاروخ على مقربة من السفارة الاميركية في بغداد. هنا رد معارضو التصعيد من اعضاء الكونغرس، من الحزبين، بالقول ان هذه الهجمات الايرانية جاءت بعد وصول التعزيزات الاميركية، لا قبلها، ويحتمل انها رد ايراني، لا هجمات مخططة مسبقا ويمكن اعتبار ان الاستخبارات الاميركية كانت متنبهة ومتحسبة لها. 
وزاد في البلبلة الاميركية تصريحات الرئيس نفسه، غالباً عبر تغريدات، وهي تراوح بين أمله بأن واشنطن وطهران ستنخرطان في حوار، وبين اعلانه ان أي اعتداء على أي ما هو اميركي سيكون «النهاية الرسمية» لايران. 
الارتباك والبلبلة حول ايران مستمران في العاصمة الاميركية، لكن التغطية الاعلامية تراجعت، وكذلك اهتمام الرأي العام والكونغرس، فيما يبدو ان ادارة ترامب صارت تركز مساعيها على الخروج من العملية بطريقة تحفظ ماء الوجه، بما في ذلك اعلان ان التعزيزات الاميركية في الخليج حققت اهدافها، وان الموضوع صار من الماضي.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق