الخميس، 24 أكتوبر 2019

الأسد مادّة للنقاش بين المرشّحين للرئاسة الأميركية

واشنطن - من حسين عبدالحسين
جريدة الراي

يحتل الرئيس السوري بشار الأسد حيّزاً كبيراً في النقاش بين المرشحين الديموقراطيين للانتخابات الرئاسية المقرر إجراؤها العام المقبل.
أما سبب حضور الأسد في النقاش الأميركي فغالباً من باب المذمّة التي توجهها غالبية المرشحين الديموقراطيين للرئاسة، الحاليين والسابقين، لعضوة الكونغرس الديموقراطية عن ولاية هاواي، تولسي غابارد، التي زارت الرئيس السوري والتقته في دمشق، في مطلع العام 2017، عن طريق بيروت، حيث التقت كبار مسؤوليها.
وفي المناظرة الأخيرة للمرشحين الديموقراطيين للرئاسة، حلّ اسم الأسد في المراتب العشرة الأولى الأكثر تغريداً، حسب جداول موقع التواصل الاجتماعي «تويتر».
ويشير المرشحون الديموقراطيون الى زيارة غابارد الى دمشق، ودفاعها عن الأسد وعن بقائه في الحكم، كإدانة ضدها وضد سياستها الخارجية.
وعلى موقعها على الانترنت، كتبت غابارد ان «حقوق الانسان في سورية سيتم سحقها بالكامل إذا ما تمّت الاطاحة بالأسد».
وتردد غابارد أن سبب زيارتها كان «مهمة استطلاعية» لاكتشاف فرص السلام في سورية لأنها عضوة في لجنتي الشؤون الخارجية والدفاع في الكونغرس.
لكن الزيارات من هذا النوع لا تتم بالشكل السري الذي قامت به المرشحة الديموقراطية للرئاسة، فللرحلات الخارجية لاعضاء الكونغرس موازنات مرصودة، وهي غالباً ما تتألف من أعضاء الكونغرس من الحزبين، وتتم بعلم ورعاية وزارة الخارجية والسفارات الأميركية والبعثات.
أما غابارد، فهي اصطحبت زوجها في زيارتها التي تكفّل تكاليف تذكرتها وإقامتها أخوان أميركيان من أصل لبناني، وهما عضوان في «الحزب السوري القومي الاجتماعي»، الموالي للأسد. والرجلان نفسهما يتبرعان للحملات الانتخابية لعضو الكونغرس الديموقراطي السابق، والمرشح للرئاسة في الماضي ولمنصب محافظ اليوم، دينيس كوسينيتش، وهو سبق أن زار الأسد والتقاه في دمشق في 2006 و2011، كما في 2017 حيث كان برفقة غابارد وزوجها.
ولأن القوانين الأميركية تفرض التصريح عن أي أموال يتلقاها أي سياسي أميركي من مصادر غير أميركية، كان المطلوب من غابارد التصريح للكونغرس عن رحلتها وعن ممولي الرحلة، إلا انها لم تفعل ذلك إلا بعد انكشاف أمر زيارتها سورية ولبنان بسبب التغطية الإعلامية التي حظيت بها هناك، وهو ما دفع غابارد للتصريح بمفعول رجعي، مع اعتذار ضمني عن السهو.
وغابارد تنتمي للطائفة الهندوسية، وبعض أفراد هذه الطائفة في الكونغرس يؤيدون الأسد والنظام الإيراني، وأبرزهم عضو الكونغرس الديموقراطي عن ولاية كاليفورنيا، رو خانا، الذي لا يعطي تصريحات متواصلة عن ضرورة مصادقة النظام الإسلامي في إيران فحسب، بل إن اسمه يرد في كل مقالة في الإعلام الأميركي تقريباً من التي تهاجم الدول الخليجية.
على أن المشكلة في صداقة غابارد بالأسد أنها تجعل من مواقفها متضاربة، فهي، على غرار الديموقراطيين، هاجمت الرئيس دونالد ترامب لسحبه القوات الأميركية من شمال شرقي سورية والسماح لتركيا باجتياح المناطق الكردية.
لكن غابارد، في الندوة الرئاسية نفسها، هاجمت وجود القوات الأميركية في سورية ووصفتها بالاحتلال، واعتبرت أن الحلّ الأفضل هو دعم الأسد لاستعادة السيادة على كل الاراضي السورية، أي أن غابارد عارضت سحب القوات الأميركية من سورية وفي الوقت نفسه عارضت بقاء القوات الأميركية في سورية، وهو موقف متضارب أثار السخرية ضدها على مواقع التواصل الاجتماعي.
ولوهلة، بدت غابارد وكأنها ضد الحزب الديموقراطي بأكمله، إذ هي هاجمت وسائل الاعلام الأميركية التي ألمحت إلى استماتة موسكو في دعم غابارد عبر وسائل التواصل الاجتماعي والإعلام الموالي لروسيا. وهجوم غابارد كان يشبه هجمات الرئيس دونالد ترامب على وسائل الإعلام والإعلاميين الأميركيين ممن ينتقدونه، وهو ما زاد في التماهي بين غابارد وترامب، الذي تعتقد غالبية الديموقراطيين انه من أزلام نظيره الروسي فلاديمير بوتين.
وساهمت المرشحة الديموقراطية السابقة للرئاسة هيلاري كلينتون في المزيد من تأجيج المواجهة بين غالبية الديموقراطيين، من ناحية، وغابارد وأصدقاء روسيا من الجمهوريين، من ناحية ثانية، عندما ألمحت وزيرة الخارجية السابقة الى ان غابارد هي أداة بيد بوتين، وتوقعت كلينتون أن تقوم غابارد بترشيح نفسها كطرف ثالث في حال فشلت في الحصول على ترشيح الحزب الديموقراطي لانتخابات العام المقبل.
وتتمتع غابارد بتأييد واحد في المئة فقط من الديموقراطيين، وهو ما حرمها المشاركة في الندوة الثالثة، قبل أن ترخي اللجنة المركزية في الحزب من شروط مشاركة المرشحين في الندوة الرابعة الأخيرة.
غابارد زارت الأسد، وتدافع عنه، وهي كذلك تطلق مواقف مشابهة لترامب وصديقة لروسيا، وهو ما يدفع غالبية الديموقراطيين للنظر إليها كحصان طروادة روسي داخل الحزب الديموقراطي، بعدما نجحت روسيا في ايصال حصان طروادتها بين الجمهوريين إلى البيت الابيض في الانتخابات الرئاسية الأخيرة، او هذا على الأقل ما تعتقده غالبية من الديموقراطيين، وجزء كبير من المستقلين والجمهوريين.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق