الخميس، 13 فبراير 2020

الولايات المتحدة تريد تفتيش مواقع إيرانية نووية غير مُعلن عنها

واشنطن - من حسين عبدالحسين

ما هي المواقع النووية الايرانية التي ترغب وكالة الدولية للطاقة الذرية، في زيارتها والتي ترفض ايران السماح للوكالة بتفقدها؟ هذا هو السؤال المتداول في العاصمة الاميركية منذ أن زارها المدير العام للوكالة رفائيل غروسي، الاسبوع الماضي، والتقى فيها وزير الخارجية مايك بومبيو ومستشار الأمن القومي روبرت اوبراين، فضلا عن رئيس لجنة الاستخبارات في مجلس الشيوخ السناتور الجمهوري جيمس ريش ومعه نظيره الديموقراطي في اللجنة بوب مينينديز. 
وفي إطلالته العامة أمام حشد من المسؤولين والخبراء والمهتمين في مركز ابحاث كارنيغي، قال غروسي ان سبب زيارته، محاولة حشد التأييد الديبلوماسي والسياسي لفريق خبرائه العامل في ايران، والذي يراوح عدد أعضائه ما بين 130 و150 مفتشاً. وأضاف ان الوضع المتوتر بين ايران والمجتمع الدولي يحدّ من حركة المحققين. 
وكانت طهران اعتقلت مفتشة دولية في نوفمبر الماضي، لساعات، واتهمتها بمحاولة ادخالها «مواد خطيرة» الى منشأة ناتانز النووية.
ومنذ زيارة غروسي، عقد المسؤولون الاميركيون سلسلة من الجلسات المغلقة والدردشات مع الصحافيين. وأصدر السناتور ريش بياناً قال فيه ان العالم يمرّ بمرحلة «حرجة لمستقبل الانتشار النووي»، وان «المعلومات التي تقدمها الوكالة ضرورية لفهمنا لمخاطر الانتشار». 
وأضاف غروسي ان «عمل الوكالة مهم بشكل خاص الآن، في وقت تتخلى إيران عن التزاماتها بعدم الانتشار النووي».
ومما جاء في بيان ريش، ان «دليلاً برز على وجود مواقع وأنشطة نووية إيرانية محتملة غير معلنة». وتابع: «لقد طلبت من المدير العام غروسي الضغط بقوة من أجل الوصول الكامل لمفتشيه الى كل المواقع والحصول على إجابات كاملة من إيران».
ومنذ أعلنت اسرائيل حصولها على كمية من الوثائق الارشيفية الايرانية، خرجت إلى العلن مراسلات رسمية إيرانية تظهر المسؤولين الايرانيين وهم يتداولون في كيفية صناعة خمس قنابل نووية، بما في ذلك اقامتهم برنامجاً نووياً خاصة، وإجراء تجارب في عدد من المواقع، منها موقع بارشين العسكري، وموقع آخر في تورقوز آباد، تصرّ طهران انه مصنع للسجاد، لكنها ترفض فتح أبوابه للمحققين الدوليين.
وشكّل بارشين عقبة كبيرة، أمام التوصل للاتفاقية النووية بين العالم وايران، في العام 2015. وقضت التسوية بدخول مفتشين دوليين وإجراء تفتيش تم الاتفاق مسبقاً على شكله وما يتضمن. أما الاتفاقية النووية، فتضمنت إشارة الى فتوى للمرشد الاعلى علي خامنئي يحرّم فيها صناعة أسلحة دمار شامل، بما فيها الاسلحة النووية.
إلا ان الوثائق التي كشفها الاسرائيليون أظهرت عكس ذلك، وهو ما حمل واشنطن على مطالبة حلفائها الاوروبيين بمراجعة الاتفاقية النووية، مشيرة الى ان الاتفاقية كانت مبنية على اعتبارات كشف بطلانها، وفي طليعتها توافر النية الايرانية لصناعة السلاح النووي، ووجود مواقع لا تسمح ايران للمفتشين حتى اليوم بزيارتها. 
وفي هذا السياق، أصدرت مجموعة «اصدقاء اسرائيل»، التي يترأسها رئيس حكومة كندا السابق ستيفن هاربر، دراسة بقلم الجنرال الاسرائيلي يوسي كوبرواسر، قال فيها ان الأرشيف هو الذي «يقول الحقيقة حول المشروع النووي الإيراني، على عكس ما ورد في تقرير وكالة الطاقة الذرية في ديسمبر 2015، وهو التقرير الذي أتاح دخول الاتفاقية النووية حيز التنفيذ». 
وأورد كوبرواسر انه حسب الارشيف، «كان لإيران مشروع نووي عسكري قوي ومخالف لالتزاماتها في الاتفاقية، وانه يمكن لها اتخاذ الخطوات اللازمة لاستئناف العمل على الاسلحة النووية في الوقت الذي تختاره».
وتابع كوبرواسر، في الدراسة التي صدرت الشهر الماضي، ان إيران «كذبت على طول الطريق»، و«نجحت في خداع الوكالة والمجتمع الدولي»، وادعت زوراً انه «لم يكن لديها نية لإنتاج الأسلحة النووية، ولكن ذلك كان كذبة كبيرة».
وفي خضم النقاش المندلع في واشنطن، يتواصل المسؤولون الاميركيون مع نظرائهم الاوروبيين في محاولة لاقناعهم بالمضي قدماً في عملية دفع الاتفاقية النووية مع إيران في اتجاه التحكيم، وهو ما من شأنه تفعيل مواد إعادة العقوبات الدولية تلقائياً. لكن المانيا تبدو المعارضة الأبرز، في وقت يبدو أن واشنطن صارت تلقى آذاناً صاغية في لندن لنقض الاتفاقية وإعادة العقوبات الدولية، بعدما انسحبت أميركا من الاتفاقية وفرضت عقوباتها.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق