الخميس، 2 أبريل 2020

الاستخبارات الأميركية تتهم بكين بإخفاء عدد الضحايا وترامب يرد... لست محاسباً صينياً

واشنطن - من حسين عبدالحسين

فيما ينشغل العالم بانتشار وباء كورونا المستجد، وفيما دعا الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس، إلى هدنة بين كل المتحاربين في أنحاء المعمورة للتركيز على مكافحة «الجائحة»، تستمر الحرب الدائرة في منطقة الحدود العراقية - السورية، وتواصل المقاتلات الإسرائيلية قصف قاعدة الإمام علي العسكرية، التي أنشأتها إيران والميليشيات الموالية لها في هذه المنطقة الحدودية.
ويعتقد الخبراء أن نجاح الولايات المتحدة في تصفية قائد «فيلق القدس» في الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني ومعه قائد ميليشيات «الحشد الشعبي» العراقية أبومهدي المهندس، سيؤدي الى فراغ ما لم ينجح خليفة سليماني، إسماعيل قاآني، في ملئه، إذ إن المنافسة بين الميليشيات الشيعية ستزداد، وهو ما يجعل محاولة طهران السيطرة على هذا المنطقة الحدودية الاستراتيجية أكثر صعوبة. وتأتي هذه التوقعات في الوقت الذي قام به قاآني بزيارة لبغداد، هذا الأسبوع، وسط حراسة أمنية مشددة. 
في هذا السياق، أصدر مركز أبحاث كارنيغي دراسة شيقة حول وضع المنطقة الحدودية، جاء فيها أن مسؤول في «كتائب حزب الله» ندد «بمحاولة القوات الأميركية تأمين السيطرة الكاملة على الحدود العراقية - السورية بذريعة منع الجمهورية الإسلامية من استخدام الحدود لدعم سورية وحزب الله، بدلاً من قول واشنطن إنها تسعى لتأمين سيطرة الدولة العراقية على حدودها». وتابعت الدراسة أن «الجماعات الموالية لإيران سعت أيضاً إلى وضع خطط بديلة لاستخدام نظام الطرق السريعة في العراق لتوسيع وترسيخ نفوذها على طول الحدود»، وأن «السكان المحليين يقولون إنه كانت هناك محاولات لتطوير طريق من كربلاء إلى منطقة القائم - البوكمال لتسهيل حركة الجماعات المنتسبة لقوات الحشد الشعبي والناس العاديين (خصوصاً أولئك الذين يتوجهون إلى دمشق في رحلة حج) بين الجنوب الذي يسكنه الشيعة، والحدود».
وتضيف الدراسة، أن أهمية معبر القائم - البوكمال تمليه، إلى حد كبير، مصالح إيران وحلفائها، لذا تمت إعادة افتتاحه رسمياً في أكتوبر 2019، على إثر استعادة السيطرة عليه من مقاتلي تنظيم «داعش» الارهابي. ويعتقد نائب سني من القائم، أن «فتح الحدود تم بشكل أساسي لمساعدة الاقتصاد السوري، وتخفيف النقص في النفط والوقود في سورية، وإتاحة الفرصة السورية لإحياء الإنتاج الصناعي في حلب». 
وفي 2018، زار وزير الداخلية السوري محمد الشعار، بغداد، وطلب فتح المعبر، و«مثله فعل العراقيون المتحالفون مع إيران، مثل محمد الهاشمي، الذي كان رئيس مكتب رئيس الحكومة وعضو تحالف مدعوم من إيران، اذ اهتم بشكل خاص بالقضية، وحض برلمانيي الأنبار على الموافقة على فتح المعبر».
وترى الدراسة أن معبر القائم - البوكمال اكتسب أهمية إضافية لأن المعبرين الرسميين الآخرين على الحدود العراقية - السورية، أي معبر التنف - الرابية واليعروبية لا يزالان مغلقين. إلا أن القوات الأميركية و«قوات سورية الديموقراطية» (قسد) منعت قوات نظام الرئيس بشار الأسد من الاقتراب من المعبرين. 
يقول الباحث حارث حسن، وهو أحد المشاركين في الدراسة، أن «التوترات بين المؤسسات العسكرية والأمنية والمدنية الرسمية في العراق وسورية، والميليشيات المدعومة من الحرس الثوري الإيراني، ستعيق قدرة طهران على إعادة تشكيل إدارة الحدود»، وانه «بالنظر إلى أن معظم الميليشيات هي جزء من الحشد، وهذه بدورها هيئة رسمية تسعى الحكومة العراقية للسيطرة عليها، فإن هذه الميليشيات بحاجة إلى التوفيق بين مصالحها ومصالح الدولة العراقية». 
ويتابع حسن أنه «رغم النفوذ الإيراني الكبير في بغداد ودمشق، هناك قوى داخل الحكومتين المركزيتين للبلدين وإدارات الدولة والسلطات المحلية تفضل السير في مسارات مستقلة أو تشكك في النوايا الإيرانية».
ويقول حسن، لـ«الراي»، إن الوجود الأميركي القريب من معبر القائم، ونفوذ روسيا الذي لا مثيل له في سورية، يضعان قيوداً إضافية على قدرة إيران على إملاء سلوك السلطات الوطنية والمحلية في العراق وسورية. 
ويعتقد الباحث العراقي الأصل أن «اغتيال سليماني ومهندس خلق فراغاً كبيراً في الهياكل القيادية للميليشيات المدعومة من الحرس الثوري الإيراني»، وأنه «إذا لم يستطع بديل سليماني أن يعيد فرض السيطرة الإيرانية، فقد يضعف التنسيق بين هذه الميليشيات، ما يعني أن كثرة الأطراف الناشطة في منطقة القائم - البوكمال، وأجنداتها المختلفة، سوف تطيل إعادة تشكيل ديناميكيات السلطة والهياكل الحاكمة، مما يفضي الى درجة كبيرة من عدم اليقين في مستقبل الحدود العراقية - السورية».
عدم اليقين هذا، وضعف المركزين في العراق وسورية، هو الذي دفع إسرائيل الى محاولة القيام بدور «شرطي» لمنع إيران والميليشيات الموالية لها من استغلال هذا الضعف لإقامة قواعد عسكرية، يتم فيها تدريب المقاتلين وتخزين الأسلحة والصواريخ بهدف نقلها بسرعة الى أي من المليشيات المنخرطة في معارك مختلفة في عموم المنطقة. هكذا، تشن إسرائيل ما معدله غارة جوية أسبوعياً، تستهدف فيها المناطق الحدودية التي تنتشر فيها قوات إيرانية وموالية لايران، كما تستهدف مناطق أخرى غير حدودية، كما فعلت ليل الثلاثاء - الأربعاء باستهدافها لقاعدة الشعيرات، القريبة من حمص. وغالباً ما تستهدف إسرائيل أهدافاً إيرانية في دمشق ومحيطها.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق