الخميس، 24 سبتمبر 2020

ادارة ترامب تعزل الأمم المتحدة وتواصل أقصى الضغط على ايران

| واشنطن - من حسين عبدالحسين |

سعى أصدقاء إيران في العاصمة الأميركية إلى تعميم الخطاب الذي تبنته إيران وروسيا، ومعهما المرشح الديموقراطي للرئاسة نائب الرئيس السابق جو بايدن، وهو خطاب يعتبر أن الأحداث الأخيرة في مجلس الأمن أظهرت أن ادارة الرئيس دونالد ترامب معزولة دولياً، وأن سقوط مشروع القرار الأميركي لتمديد حظر السلاح الأممي على طهران هو إشارة واضحة أن العالم يقف صفّاً واحداً ضد واشنطن.

وفي خطاب عبر الإنترنت إلى الأمم المتحدة، كرّر الرئيس الإيراني حسن روحاني مقولة إن سقوط القرار الأميركي في مجلس الأمن بتصويت كل الدول الأعضاء ضده، باسثناء أميركا وجمهورية دومينيكان، هو الدليل الأبرز على أن أميركا وحيدة في مواجهة إيران والعالم.

وتابع روحاني أن بلاده أظهرت قدرة على الصمود ستفرض على أي ادارة أميركية مقبلة التراجع.

لكن المسؤولين الأميركيين رأوا في كلام روحاني نوعاً من الدعاية السياسية، إذ اعتبروا أن إيران والعالم غير قادرين على الالتفاف على العقوبات الأميركية أو التخفيف من الأزمة الإيرانية.

ويقول مسؤول أميركي رفيع المستوى، اشترط عدم ذكر اسمه، أنه في الأسابيع الأولى التي تلت إعلان ترامب إعادة فرض عقوبات أميركية أحادية على إيران، «حاول الأوروبيون، ومعهم روسيا والصين، تجاوز هذه العقوبات، وقاموا بإعلان آلية تبادل تجاري، لكن الآلية لم تعمل، ولم توافق أي من الشركات الأوروبية الانخراط في أي نشاط تجاري مع إيران قد يعرضها لعقوبات أميركية».

ويشرح المسؤول تسلسل الأحداث الذي أدى إلى التصويت في مجلس الأمن، وتالياً سقوط مشروع القرار الأميركي، ويقول إنه مع اقتراب 18 أكتوبر المقبل، وهو موعد انتهاء صلاحية الحظر الذي كانت تفرضه الأمم المتحدة على تصدير واستيراد الأسلحة من وإلى إيران، عملاً بنص الاتفاقية النووية التي حددت مهلة خمس سنوات لانقضاء موعد الحظر، قامت واشنطن بالتواصل مع العواصم الأوروبية الثلاث، لندن وباريس وبرلين، وسمعت من الأوروبيين معارضتهم التامة لرفع الحظر ووعدهم بالعمل مع واشنطن على تمديده أو تمرير قرار جديد في مجلس الأمن لهذا الغرض.

لكن إيران اعترضت لدى الأوروبيين بشدة، وهددتهم بسحب العقود التي وقعتها شركات أوروبية، في حال هم وافقوا على سياسة ترامب وفاز بايدن في الانتخابات وقام برفع العقوبات الاقتصادية عن إيران.

وسبق لطهران أن وقّعت عقداً بقيمة 25 مليار دولار مع شركة «ايرباص» العملاقة لصناعة الطائرات، وهي شركة فرنسية - ألمانية تصنع محركاتها شركة «رولز رويس» البريطانية، كما وقعت شركة «توتال» الفرنسية للطاقة عقد تطوير الرقعة 11 من حقل بارس الإيراني، وهو أكبر حقل غاز في العالم، لإنتاج نحو 400 ألف برميل يومياً، وهو ما يوازي ربع ناتج الطاقة الإيرانية في أيام ذروته.

وبعد العقوبات الأميركية، خشيت الشركات الأوروبية خسارة السوق الأميركية، فجمّدت عقودها مع إيران حتى إشعار آخر، أي حتى يتم رفع العقوبات الأميركية، وهو ما يعني أن وصول بايدن إلى البيت الأبيض يعني استعادة الشركات الأوروبية عقودها الإيرانية الضخمة، هذا إن التزم بايدن بوعوده الانتخابية وقام فعلياً برفع العقوبات عن إيران.

هكذا، تراجع الأوروبيون عن وعودهم لإدارة ترامب بمساندة قرار تمديد الحظر الأممي للسلاح على إيران، بل تراجعوا عن وعود كانوا قطعوها لإقناع روسيا والصين بالموافقة على تمديد الحظر، واللافت أنهم اتخذوا موقفهم على الرغم من التهديد الأميركي بنسف الاتفاقية برمتها إن هم لم يدعموا القرار الأميركي لتمديد الحظر.

ويشرح المسؤول الأميركي أنه «كان يمكن لواشنطن أن تتراجع عن التصويت على قرار الحظر، لكنها أصرّت على وضعه بالحبر الأزرق (حتى يتم التصويت عليه) لتذكير الأوروبيين دائماً أن السبب الذي دفع الولايات المتحدة لتفعيل آلية الزناد التي تعيد العقوبات الأممية تلقائياً على إيران هو رفضهم الإجراء الأقل شدة، أي تمديد حظر السلاح».

على أن الأوروبيين أمعنوا في مواجهة أميركا، إذ هم تبنوا وجهة النظر الروسية القاضية بأن واشنطن خرجت من الاتفاقية، وتالياً لا يحق لها تفعيل أي من بنودها، «هل سمعتم قبلاً أن إحدى الدول الأعضاء الدائمة العضوية لا رأي لها في مواضيع تتعلق بالأمن والسلم الدوليين مثل اتفاقية نووية؟» يتساءل المسؤول الأميركي.

ويتابع المسؤول أنه، على كل حال، فإن إدارة الرئيس ترامب لا يهمها موقف مجلس الأمن، فالعقوبات الأميركية أظهرت أنه من دون واشنطن، لا قيمة للمجلس ولا للاتفاقية، وهي عقوبات أدت لانهيار الاقتصاد الإيراني، وأظهرت عدم قدرة العالم على إنقاذه، وهو ما يؤكد أن لا قيمة لاتفاقيات دولية لا تحظى باجماع القوى الكبرى.

«فعلياً، الأمم المتحدة هي التي صارت معزولة وغير قادرة على التأثير في وضع الاقتصاد الإيراني أو الاتفاقية، وبما يعنينا نحن في الولايات المتحدة، فلقد لجأنا إلى الآليات القانونية الواضحة لنسفها، وصارت باطلة قانوناً بالنسبة لوكالاتنا الفيديرالية، وهو ما نتوقع من مؤسسات الأمم المتحدة وحكومات العالم القيام به، تحت طائلة أن تطولها نفس العقوبات المفروضة على إيران في حال تعاملها مع الإيرانيين»، يختم المسؤول الأميركي كلامه.

وفي خضم النقاش، يدرك الأميركيون من الحزبين، الجمهوري والديموقراطي، أن ما يهم في الاتفاقية النووية هو موقف أميركا منها، لا البهلوانيات القانونية التي قد تتبناها بعض الدول الأعضاء في مجلس الأمن.

وصوّر بايدن قراره القاضي بالعودة إلى الاتفاقية بالقول إن أميركا معزولة دولياً بسبب موقفها من إيران والاتفاقية، لكنها عزلة لا يشعرها الأميركيون وسيحتاج بايدن إلى حجج أكثر اقناعاً للأميركيين قبل أن يقوم برفع عقوبات عن دولة يهاجم مسؤولوها الولايات المتحدة بشكل متواصل.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق