الثلاثاء، 24 نوفمبر 2020

ترامب يقرّ بنصف هزيمة... والأضواء تهجره

واشنطن - من حسين عبدالحسين

دقّ المجلسان الانتخابيان في ميتشيغن وبنسلفانيا، مسماراً آخر في نعش أحلام دونالد ترامب في البقاء رئيساً لولاية ثانية بعد مصادقتهما، على فوز المرشح الديموقراطي جو بايدن في الانتخابات الرئاسية في الولايتين.

ومع تقهقر حظوظ ترامب الرئاسية، تراجعت إدارة الخدمات العامة - التي كان عيّن ترامب رئيستها اميلي مورفي قبل أعوام - عن رفضها بدء العملية الانتقالية إلى إدارة بايدن.

وفي أول إقرار غير مباشر له بهزيمته، أعطى ترامب مساء الإثنين الضوء الأخضر لحصول فريق بايدن على الدعم الفيديرالي اللازم للبدء بعملية نقل السلطة، فيما بدأ الرئيس المنتخب بتسمية أعضاء إدارته الجديدة.

ورغم تخليه عن موقفه الرافض منذ أسبوعين للإفراج عن الدعم، في خطوة غير مسبوقة في التاريخ الأميركي، إلا أن الرئيس الجمهوري لم يعترف بعد مباشرةً بفوز الديموقراطيين.

وتوعد في تغريدة بمواصلة «المعركة»، فيما يستمر بتقديم الشكاوى القضائية لإثبات حصول تزوير في الانتخابات التي عقدت في 3 نوفمبر، لكن من دون جدوى. وكتب ترامب «أعتقد أننا سننتصر».

لكنه قال إنه «من أجل مصلحة بلدنا، أوصي» الوكالة الحكومية المكلفة نقل السلطة بالقيام «بما يجب القيام به في ما يتعلق بالبروتوكولات الأوّلية، وقد طلبت من فريقي أن يفعل الشيء نفسه».

وسارع فريق بايدن إلى الترحيب بهذه الخطوة الضرورية لحصول «انتقال سلس وسلمي للسلطة».

تقليدياً، تقوم هذه الادارة بعملية نقل السلطة في اللحظة التي يتنازل فيها الخاسر في الانتخابات الرئاسية ويهنئ الرابح، لكن ترامب لم يتنازل، وما زال يكرر بشكل شبه يومي أنه فاز، وهو ما دفع مورفي الى الإحجام عن بدء العملية الانتقالية، فدفع ذلك الغالبية الديموقراطية في مجلس النواب في الكونغرس إلى مطالبة حضور المسؤولة أمام اللجان المعنية بحسن سير الإدارة للتحقيق في جلسة استماع.

وبعد تمنعها عن الموافقة على حضور الجلسة، أصدرت مورفي تعليماتها إلى الإدارات الفيديرالية بالتعاون مع فريق بايدن الانتقالية لضمان حسن سير العملية الانتقالية.

تعيينات ومع اتساع دائرة الجمهوريين المطالبين ترامب ببدء العملية الانتقالية، ومع تراجع مورفي، كان لافتاً غياب تغريدات ترامب على مدى يوم كامل، في وقت رصد الإعلام قيام الرئيس بممارسة هوايته في لعب الغولف.

هكذا، هجرت الأضواء ترامب وتسلطت على بايدن، الذي راح يعلن أسماء من ينوي تعيينهم في أرفع المناصب في إدارته، والذين كانت آخرهم جانيت يلين، مديرة الاحتياطي الفيديرالي السابقة، التي رفض ترامب ترشيحها لولاية ثانية على جاري عادة الرؤساء ممن سبقوه.

وسجل بذلك نقطتين: أولهما أن يلين ستصبح أول امرأة تشغل منصب وزيرة خزانة، وثانيها أن بايدن أعاد ليلين اعتبارها الذي سلبه إياها ترامب، وهو ما يؤشر إلى أن الرئيس المقبل قد يسعى الى إعادة إيفاء مسؤولين سابقين كثر، ممن طردهم ترامب من مناصبهم الحكومية تعسفاً، حقهم في مناصبهم أو في مناصب أرفع منها.

كذلك أعلن بايدن تعيين صديقه منذ الزمالة التي جمعتهما على مدى عقود في مجلس الشيوخ، وزير الخارجية السابق جون كيري مبعوثاً رئاسياً خاصاً لشؤون البيئة.

وكيري هو الذي ورث منصب رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشيوخ بعد انتخاب بايدن نائباً للرئيس. وبعد ذلك بأربعة أعوام، أصبح وزيراً للخارجية. على أن تعيين بايدن، لكيري لا يشي بأن الأخير سيلعب دوراً في السياسة الخارجية، خصوصاً أنه ما زال يتمتع بصداقة مع وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف. بل أن منصب كيري سيكون أكثر رمزية وهدفه تسليط الأضواء على موضوع التغيير المناخي.

ويريد بايدن، المخضرم في الساحة السياسية تشكيل حكومة «تشبه» الأميركيين، بإعطائه مساحةً أكبر للنساء والأقليات.

وعلى رأس وزارة الأمن الداخلي، سمى بايدن للمرة الأولى إسباني الأصل اليخاندرو مايوركاس (60 عاما) المولود في هافانا والذي سيشرف خصوصا على قضايا الهجرة.

وستكون الأميركية من أصل أفريقي ليندا توماس غرينفيلد (68 عاما) التي شغلت منصب مساعدة وزير الخارجية لشؤون أفريقيا، سفيرة لدى الأمم المتحدة، وأفريل هاينز (51 عاماً) مديرة للاستخبارات الوطنية، لتكون أول امرأة تتولى هذا المنصب، وجايك سوليفان (43 عاماً) مستشاراً للأمن القومي.

لكن إنكار الرئيس المنتهية ولايته لهزيمته، يحرم الرئيس المنتخب من الوصول إلى معلومات مصنفة سرية في المجال الأمني، لا سيما مسائل شديدة الحساسية متعلقة بالأمن القومي، بينما أعلنت وزارة الدفاع، أن مجموعة العمل الانتقالية في الوزارة سترتب وتنسق بين كل جهات الاتصال بالبنتاغون وبين فريق بايدن الانتقالي، مبدية استعدادها لتقديم خدمات ودعم ما بعد الانتخابات بشكل مهني ومنظم وفعال يتناسب مع التزامها بالأمن القومي.

انحسار الأهمية الإعلامية ومع انحسار الأهمية الإعلامية التي يحوزها ترامب منذ ترشيحه للرئاسة قبل أربعة أعوام، راحت بعض الوسائل اليمينية الأكثر تطرفاً تتسابق لنيل الحظوة بين ترامب وطائفة مؤيديه، التي لاتزال كبيرة بين الجمهوريين، واقتنصت شبكة «نيوزماكس»، التي كان عدد مشاهديها لا يتعدى الخمسين ألفاً كل ليلة، جزءاً كبيراً من مشاهدي «فوكس نيوز»، التي يقارب عدد مشاهديها الأربعة ملايين يوميا.

ولأن «فوكس نيوز» سارت في خطى سائر المحطات وأعلنت فوز بايدن بالرئاسة، غضب ترامب عليها، وراح يحض مؤيديه علناً على التحول إلى «نيوزماكس»، فصار عدد مشاهديها يقارب المليون في اليوم.

لكن حتى شبكات مثل «نيوزماكس»، لم يسعها إلا تقديم عدد من السيناريوهات المتوقعة لمستقبل ترامب بعد خروجه من البيت الأبيض في 20 يناير المقبل. وأشار الكاتب اليميني المتطرف مارك خوداكيوتز، الى أن الشبكة قدمت لترامب عرضاً ليقدم برنامجاً سياسياً مسائياً يطلّ فيه على مؤيديه.

وقال خوداكيوتز إن بقاء ترامب في البيت الأبيض صار من الأمور شبه المستحيلة بسبب «تآمر كل القوى ضده»، لكنه اعتبر أنه حتى بعد خروجه من البيت الأبيض، سيبقى زعيماً للحزب الجمهوري، ويمكنه أن يترشح في العام 2024، لكن عمره سيكون قد بلغ 78 عاماً، وقد لا يكون لترامب الطاقة المطلوبة لقيادة الجمهوريين وعودتهم إلى البيت الأبيض، وهو ما يتطلب أن يقوم بتسمية خليفة له داخل الحزب.

طامحون بالخلافة




واقترح خوداكيوتز أن يسمي ترامب، السيناتور توم كوتون لمواصلة «قيادة الحركة القومية الشعبوية» التي أطلقها ترامب. واعتبر أن النجم الصاعد داخل الحزب، سيعبّر بطريقة أفضل عن مواقف هذه الحركة.

وكتب: «سيقوم كوتون بتوضيح الأفكار التي يجب أن تحفز الأميركيين لتحقيق نصر جمهوري مذهل، فترامب وسم التمرد الشعبي الذي حمله إلى أعلى منصب في البلاد باسمه، لكنه فشل في التعبير بشكل متسق عن سبب هذا الغضب الشعبي، ونحن بحاجة إلى رسالة إيجابية للقومية الشعبوية الأميركية التي يمكن لتوم كوتون إيصالها».

وكوتون ليس وحيداً في السباق لخلافة ترامب في قيادة الحزب الجمهوري، اذ إن منافسة قوية ستأتي من وزير الخارجية مايك بومبيو، وهو أحد الوجوه البارزة في اليمين المسيحي الأميركي. وسبق له، كما لكوتون، أن انتسب للجيش وقاتل في الحروب الخارجية: بومبيو شارك في حرب الخليج الأولى، وكوتون في الثانية.

وأشارت صحيفة «واشنطن بوست» إلى أن الجولة الخارجية التي قام بها بومبيو، وشملت دولاً في الشرق الأوسط منها السعودية، كانت أطول زيارة خارجية له، وأطلق فيها كل المواقف اليمينية التي تؤكد أنه يلتزم خط ترامب وسياسة «أميركا أولا»، وكذلك سياسة التباين مع الحلفاء الأوروبيين.

أما الخليفة الأكثر وضوحاً لترامب، وصاحب أكبر حق في خلافته حسب تقاليد الحزبين، فهو نائب الرئيس مايك بنس، وهو مثل بومبيو، من اليمين المسيحي، ويمكنه الإشارة إلى دوره كنائب رئيس لمنافسة الخبرة في الشؤون الخارجية، التي سيشير إليها بومبيو كأحد أقوى أوراقه.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق