الأربعاء، 23 ديسمبر 2020

ترامب يشتعل غضباً على فريقه... ويستخدم ألفاظاً نابية بحق كوشنر

 واشنطن - من حسين عبدالحسين

جريدة الراي


تؤكد كل التقارير المتواترة من البيت الأبيض، أن الرئيس دونالد ترامب يستشيط غضباً بشكل متواصل، وأنه يصب جام غضبه على كل واحد من أفراد فريقه، الذي يحاول أركانه تقنين زياراتهم للجناح الرئاسي في البيت الأبيض.

ويقول العارفون إن ترامب، الذي طرد وزيري الدفاع والعدل منذ خسارته الانتخابات، يشتعل غضباً ضد نائبه مايك بنس، وصهره كبير مستشاريه جارد كوشنر، وزعيم الغالبية الجمهورية في مجلس الشيوخ ميتش ماكونيل.

وكانت حملة «مشروع لينكولن» - التي أسسها ستيف شميت الذي سبق وأن أدار الحملة الانتخابية الرئاسية للسناتور الجمهوري الراحل جون ماكين العام 2008 - بثت إعلاناً سياسياً مدفوع الثمن، أشارت فيه إلى ابتعاد بنس عن ترامب وتفاديه زيارة البيت الأبيض.

وبنس يحمل في جيبه آخر ورقة للمصادقة على انتخاب جو بايدن، رئيساً، في الجلسة، الشكلية عادة، التي يعقدها الكونغرس بغرفتيه في السادس من يناير المقبل.

ويترأس بنس الجلسة كون نائب الرئيس، هو الرئيس حكماً لمجلس الشيوخ.

ترامب مازال متمسكاً برواية فوزه بانتخابات الثالث من نوفمبر الماضي، ويعتقد أنه «تمت سرقتها منه»، وهو لذلك مازال يسعى لتدبير خطط لنسف نتائجها وقلبها.

ويمكن لبنس أن يحوّل الجلسة الى حفلة تهريج تنسف المصادقة.

وسبق لترامب، عبر سلسلة من التهديدات عبر موقع «تويتر»، أن أجبر 125 من أعضاء مجلس النواب الجمهوريين البالغ عددهم 203، بمن فيهم زعيمهم كيفن ماكارثي، على التوقيع على الدعوى التي رفعها وزير عدل ولاية تكساس أمام المحكمة الفيديرالية العليا للطعن بنتائج انتخابات ولايات بنسلفانيا وميتشيغن وويسكونسن ونيفادا واريزونا وجورجيا، وهو ما يعني أن هؤلاء النواب تبنوا، رسمياً، رواية ترامب القائلة بحصول تزوير في الانتخابات.

لكن المحكمة العليا رفضت الاستماع للدعوى بعد اعتبارها بلا أسس قانونية.

يأمل ترامب أن تؤدي مشاغبة الجمهوريين في الكونغرس، فضلاً عن تمرد بنس أثناء قيادته الجلسة، الى الإطاحة بعملية المصادقة، وتالياً وقف عملية نقل السلطة منه الى بايدن.

لهذا السبب، يبتعد بنس عن الأضواء، إذ هو يسعى لتفادي التعليق على مواقف الرئيس الرافضة للنتائج، وفي الوقت نفسه يحاول تفادي الاعتراف بالنتائج علناً، حتى لا يثير حنق ترامب ضده.

لكن المسايرة لا ترضي الرئيس المنتهية ولايته، إذ هو يتوقع من كل أفراد فريقه ولاءً مطلقاً وتأييداً له، في كل ما يقوله أو يفعله.

وسبق لترامب أن طرد وزير العدل بيل بار، الذي خاض مواجهة معقدة ضد الديموقراطيين أثناء محاولتهم خلع الرئيس الجمهوري في الكونغرس، لمجرد أن بار قال إن وزارته لم تعثر على أي تزوير من شأنه أن يؤثر في نتائج الانتخابات.

وبعد خروجه من الحكم، واصل بار تصريحاته التي تثير غضب ترامب، فقال إنه لا يعتقد أن هنتر، نجل الرئيس المنتخب جو بايدن، ارتكب جرائم مالية تستحق تعيين محقق خاص للنظر بها.

والى غضبه على بنس وبار، تشير التقارير الى أن ترامب غاضب كذلك على صهره كوشنر، الذي وجد في موضوع رعاية عملية السلام في الشرق الأوسط، والتوصل لاتفاقات تطبيع مع إسرائيل، عذراً وجيها للبقاء في الخارج، وخارج واشنطن خصوصاً.

وكوشنر حالياً، في عداد الوفد الأميركي الذي شارك في مراسم افتتاح مكاتب تنسيق وارتباط بين إسرائيل والمغرب.

ونقل بعض العاملين في البيت الأبيض، أن ترامب استخدم ألفاظاً نابية بحق صهره، وسأل عن مكان تواجده بالقول «أين هو ابن كذا وكذا»؟

ثالث أهداف غضب ترامب، هو ماكونيل، وهذا على عكس بنس وكوشنر، مسؤول منتخب في ولايته، ولا يدين في منصبه للرئيس الأميركي.

مع ذلك، قام ترامب بارسال جدول الى ماكونيل يُظهِر شعبية زعيم الجمهوريين في مجلس الشيوخ على مدى الأسابيع التي سبقت انتخابه في 3 نوفمبر.

وأظهر الجدول أن ماكونيل كان متقدما على منافسه بـ 11 نقطة مئوية، ثم بعدما صرّح ترامب، في تغريدة، بأن ماكونيل هو من الأساسيين في حملة «جعل أميركا عظيمة مرة ثانية»، ارتفعت شعبية السناتور الجمهوري بواقع سبع نقاط، وابتعد في الصدارة عن منافسه الديموقراطي بواقع 18 نقطة مئوية.

وسط غضبه العارم على أقرب المقربين إليه، يعزّي ترامب نفسه باحاطة نفسه بقيادات صف ثاني وثالث، ممن يوافقونه في كل آرائه، ويصفقون له، ويدعونه للمضي قدماً في نظرياته عن التزوير الانتخابي وعن إمكانات مواجهتها.

في هذا السياق، تبنّى ترامب تصريحاً منسوبا للجنرال السابق مايكل فلين، مستشاره السابق للأمن القومي، الذي أصدر الرئيس الأميركي عفواً خاصاً عنه ضد التهم التي كانت تقوده الى السجن.

ومما قاله فلين إنه على القيادة العسكرية مصادرة ماكينات التصويت في الولايات التي يزعم ترامب أنها تعرضت للتزوير، وفحص الماكينات، وربما إعادة إجراء الانتخابات، وهي دعوة رفضتها علنا المؤسسة العسكرية، التي أكدت بأنها لا تتدخل في الانتخابات، بأي شكل من الأشكال.

كما يعتقد ترامب أنه يمكنه الإيعاز لوزارة الأمن القومي للقيام بالدور نفسه، أي مصادرة الماكينات الانتخابية، وفحصها لتأكيد عملية التزوير، وهو ما ينسف الانتخابات ونتائجها، ويفرض إعادتها، على الأقل في الولايات التي يزعم ترامب أنها قامت بالتزوير الانتخابي أو تعرضت له.

لكن النظريات التي يتمسك بها ترامب تدور في فلك أقصى اليمين المتطرف، الهامشي، الذي لا يعدو كونه أكثر من ضوضاء بعيدة عن الحياة اليومية، ولا يؤثر في الديموقراطية الأميركية أو العملية الانتخابية، وهو ما تدركه غالبية المسؤولين في الحزب الجمهوري، بعضهم من أظهر شجاعة في إدارة ظهره لترامب وتقديم التهنئة لبايدن، وبعضهم ممن لا يزال يساير ترامب خوفاً من أن يسلّط عليهم الرئيس - الذي تنتهي ولايته في 20 يناير المقبل - غضب قاعدته الجماهيرية، وهو ما قد يكلفهم منصبهم في الدورة الانتخابية المقبلة.

لكن الى متى يحافظ ترامب على مقدرته على الإمساك بجزء لا بأس به من القاعدة الشعبية للحزب الجمهوري؟ رهان الحزبيين هو أن نجم ترامب سيخفت حتماً لحظة خروجه من البيت الأبيض، لكن في حال لم تخفت هذه النجومية، فإن ترامب سيواصل عملية تحطيم الحزب الجمهوري الى أن يخرج من يقف في وجهه ويتسلم القيادة بدلاً منه.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق