السبت، 9 يناير 2021

الديموقراطيون يسعون لحرمان ترامب من الرئاسة... للأبد

واشنطن - من حسين عبدالحسين

انكسرت الجرة بين كل المؤسسة الحاكمة والرئيس دونالد ترامب، وراح زعماء الكونغرس من الديموقراطيين، وبعض الجمهوريين، يتهمون الرئيس الأميركي بأنه غير سوي عقلياً، وبأن عدم اتزانه هذا يشكل خطراً على أميركا والأميركيين، وهو ما يجبر السلطة التشريعية على إخراجه من البيت الأبيض في أسرع وقت ممكن لتفادي ما يمكن أن يقوم به في الأيام المتبقية له في الحكم.

لم تمر محاولة ترامب استخدام بلطجية «التفوق الأبيض» الموالين له في ترويع خصومه السياسيين من دون ردود فعل قاسية وغاضبة، تصدرها إبلاغ رئيسة الكونغرس الديموقراطية نانسي بيلوسي، نيتها التصويت على خلع ترامب، للمرة الثانية في مجلس النواب، يوم الأربعاء، أي قبل أسبوع بالتمام من انتهاء صلاحياته الدستورية.

وكانت الغالبية الديموقراطية أقرّت خلع ترامب في ديسمبر 2019، وتحول قرارها الى ادعاء اتهامي ذهب الى مجلس الشيوخ ذي الغالبية الجمهورية، الذي تحول الى محكمة برئاسة رئيس المحكمة الفيديرالية العليا جون روبرتس، وتحول الشيوخ الى هيئة محلفين، وكان إخراج ترامب من البيت الأبيض يحتاج 60 من أصوات الشيوخ المئة، لكنه لم ينل إلا 49 صوتاً كانت عبارة عن كتلة الديموقراطيين ومعهم السناتور الجمهوري عن ولاية يوتا ميت رومني.

هذه المرة، تسعى بيلوسي لإعادة الكرة، وهي تضمن أن القرار ستتم المصادقة عليه في مجلس النواب، الذي تسيطر عليه غالبية ديموقراطية، وتعتقد أن في مجلس الشيوخ 12 سناتوراً على الأقل ممن سينضمون الى الكتلة الديموقراطية ويصادقون على إخراج ترامب من البيت الأبيض، قبل أيام، أو حتى ساعات، من انتهاء ولايته دستورياً منتصف يوم 20 يناير.

أما أسباب إصرار الديموقراطيين على خلع ترامب في آخر أسبوع له في البيت الأبيض، فمنها أن الديموقراطيين سيضمّنون قرار الخلع بنداً يحرم ترامب من الترشح للانتخابات الرئاسية في حياته، فضلاً عن أن الخلع، لو تم إنجازه، سيكون الأول في التاريخ الأميركي، وسيضمن تلطيخ صورة ترامب - بين رؤساء الولايات المتحدة الـ 45 المتعاقبين - بشكل غير مسبوق.

وفي رسالة وجهتها بيلوسي الى الأعضاء الديموقراطيين في مجلس النواب، قالت إن «هناك زخماً متزايداً حول خلع ترامب باللجوء الى التعديل الخامس والعشرين من الدستور، والذي من شأنه أن يسمح لنائب الرئيس وغالبية أعضاء مجلس الوزراء بإقالة الرئيس لتحريضه على التمرد وبسبب الخطر الذي لا يزال يمثله».

وتابعت بيلوسي: «قمت أنا وزعيم (الديموقراطيين في مجلس الشيوخ تشاك) شومر بإجراء مكالمة مع نائب الرئيس بنس، ومازلنا نأمل أن نسمع منه في أقرب وقت ممكن إجابة إيجابية حول ما إذا كان هو ومجلس الوزراء سيحترمان اليمين الدستورية والشعب الأميركي».

وأضافت بيلوسي، أنه «منذ نحو 50 عاماً، وبعد سنوات من تمكينهم رئيسهم المارق، أخبر الجمهوريون في الكونغرس الرئيس (السابق ريتشارد) نيكسون أخيراً أن الوقت حان للرحيل».

اليوم، حسب بيلوسي، «بعد أعمال الرئيس الخطيرة والمثيرة للفتنة، يتعين على الجمهوريين في الكونغرس اتباع ذلك المثال، ودعوة ترامب لمغادرة مكتبه، على الفور، وإذا لم يترك الرئيس منصبه بشكل سريع وبرضاه، فإن الكونغرس سيمضي» في عملية الخلع.

وتحدثت زعيمة الديموقراطيين عن نيتها «منع رئيس غير مستقر (عقلياً) من استخدام رموز (الترسانة) النووية». وقالت إنها تحدثت مع رئيس هيئة الأركان المشتركة الجنرال مارك مايلي لمناقشة «الاحتياطات المتاحة لمنع رئيس غير مستقر من بدء الأعمال العدائية العسكرية أو الوصول إلى رموز الإطلاق والأمر بضربة نووية».

وختمت: «لا يمكن أن يكون وضع هذا الرئيس المختل أكثر خطورة مما هو عليه، وعلينا أن نفعل كل ما في وسعنا لحماية الشعب الأميركي من اعتداءاته وخطر انعدام توازنه على بلدنا وديموقراطيتنا».

كما أحدث موت الضابط في شرطة الكابيتول براين سيكنيك، متأثراً بجروحه على أثر مواجهات يوم الأربعاء، صدمة في الأوساط الأميركية، وأعلن الديموقراطيون نيتهم ملاحقة كل المتورطين في التحريض على أعمال العنف وممارستها، وهي التي أدت الى وفاة خمسة أشخاص، كان آخرهم سيكنيك، وهي ملاحقة أكدت أوساط الرئيس المنتخب جو بايدن أنها ستستمر في عهده الرئاسي الذي يبدأ يوم 20 يناير الجاري.

وسبق لبايدن أن أعلن نيته تعيين ميريك غارلاند، وزيراً للعدل.

وغارلاند هو القاضي الذي كان الرئيس السابق باراك أوباما رشحه في العام 2015 لملء مقعد شاغر في المحكمة الفيديرالية العليا، لكن جمهوريي مجلس الشيوخ، بزعامة ميتش ماكونيل، رفضوا عقد جلسات استماع أو مصادقة على التعيين، بحجة أن الانتخابات كانت ستجري بعد عام، وأن الأفضل انتظار من سيختاره الشعب رئيساً، وهي الحجة نفسها التي تخلى عنها الجمهوريون لدى ملأهم المقعد الذي شغر بوفاة القاضية روث بايدر غينسبرغ في سبتمبر الماضي.

وبسبب عزم الديموقراطيين على ملاحقة المحرضين والمتورطين في الهجوم على مبنى الكونغرس، عقد محامو ترامب جلسات مكثفة معه لإقناعه بأن ما قاله للمتظاهرين موجود على الفيديو، وهو بمثابة تحريض يعرّضه ويعرّض نجله دونالد جونيور ومحاميه رودي جولياني لمحاسبة قضائية قد تفضي الى سجنهما الثلاثة.

وبسبب هذا الخوف، تباحث ترامب مع محاميه وخبراء دستوريين حول إمكانية إصداره عفواً رئاسياً «استباقياً» عن نفسه وعن أفراد عائلته.

وفرض ذعر ترامب عليه التراجع، فأطل في خطاب مسجل، بثه عبر موقع«تويتر»، دان فيه الهجوم على مبنى الكونغرس، وقال إنه سيعمل على انتقال السلطة سلمياً.

لكنه رفض الاعتراف بالنتائج، ووعد محازبيه بأن ما شاهدوه حتى الآن مازال البداية، لكنها بداية قطعت حدود المقبول في عالم السياسة الأميركية، بين الديموقراطيين وحتى الجمهوريون، الذي راحوا ينفضّون حول ترامب، وكان أولهم نائبه بنس، الذي لم يتحدث مع ترامب منذ أسبوعين.

هذا الغضب العارم، السياسي والشعبي، ضد ترامب ومجموعة بلطجيته، هو الذي دفع الديموقراطيين للاعتقاد أن الإطاحة بترامب بشكل يمنعه من الترشح لأي منصب سياسي هو الخيار الأفضل في هذه المرحلة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق