السبت، 19 ديسمبر 2009

مايكل كوربن لـ «الراي»: الوضع في العراق تحسن كثيرا ولم نعقد حوارات مع بعثيين يرفضون الاشتراك في العملية السياسي

واشنطن - من حسين عبد الحسين

يعتقد نائب مساعد وزيرة الخارجية الاميركية لشؤون العراق، مايكل كوربن، ان العلاقة بين الكويت والعراق ستستمر معقدة نتيجة اجتياح صدام حسين للكويت، ونتيجة المزايدات السياسية الداخلية في كل من البلدين، رغم ان الحكومتين ابدتا استعدادا للتعاون وحل الامور العالقة.

ويعتبر صاحب اعلى مرتبة ديبلوماسية للشأن العراقي في واشنطن ان «الوضع في العراق تحسن كثيرا مقارنة بالعامين 2006 و2007، ليس على الصعيد الامني فحسب، بل على الصعيدين السياسي والاقتصادي». وشدد كوربن على «الدور العراقي المتنامي والاستقلال العراقي في هذه الشؤون، خصوصا في الشؤون الامنية وفي امور العلاقات الثنائية والدولية».

وعلى مدى ساعة، استضاف اثناءها «الراي» في مكتبه في وزارة الخارجية، تحدث المسؤول الاميركي عن دور «ايران وحلقات سورية» في دعم الارهاب في العراق، وحض السعودية على ارسال سفير الى بغداد، وقال ان بلاده «لم تعقد اي حوارات مع بعثيين يرفضون الاشتراك في العملية السياسية، ولا مع البعثيين الموجودين في سورية ممن تطالب الحكومة العراقية بتسليمهم اليها».

واكد ايضا ان بلاده «تدعم مجهود الامم المتحدة في الكشف عن المتورطين في تفجيرات العراق، وفي المساعدة على منع التدخلات الخارجية في شؤونه». وفي ما يأتي نص اللقاء:

• هل تعقد الولايات المتحدة حاليا اي حوار مع البعثيين؟

- لا. لكن عليك ان تعرف معنى كلمة بعثيين. لدينا بعثيون جدد، والعديد من البعثيين السابقين ممن يشتركون بطريقة بناءة في العراق الجديد. اعتقد انك بسؤالك تعني البعثيين الجدد ممن لا يشاركون في العملية السياسية. اذا كان هذا تعريفك للبعثيين، فنحن ليس لدينا اي حوار معهم. لدى حكومة العراق سياسة مد اليد الى اولئك ممن لا يشاركون في العملية السياسية، اكانوا من الشيعة ام من السنة... النائب محمد سلمان، عضو لجنة المصالحة البرلمانية، مسؤول عن انضمام هؤلاء للنظام السياسي.

في الماضي، تحاورنا مع متمردين. اذا كنت تقصد هل تحدثنا مع متمردين، نعم بالطبع تحدثنا معهم، مثل «الصحوة». لكن مرة اخرى، نعود الى التعريف بالبعثيين. اذا كنت تقصد محمد يونس الاحمد او ابراهيم عزت الدوري، فلا.

• بالحديث عن الاحمد والدوري، صرح الجنرال ديفيد بترايوس بانهما في سورية، وان سورية لم تعمل على منع تسلل المقاتلين عبر حدودها الى العراق، بل ان نجاح القوى الامنية الاميركية والعراقية هي التي حدت من تدفق هؤلاء؟

- اعتقد ان العراقيين قالوا انهم يريدون العمل مع سورية ثنائيا على هذا الموضوع، وليس للولايات المتحدة دور في هذا. هذا موضوع ثنائي بين العراق وسورية، وهم يتحاورون في هذا الشأن. نحن نعتقد انه منذ الاجتياح في العام 2003، كان على السوريين ان يفعلوا ما في وسعهم لوقف تدفق المقاتلين الاجانب وعدم السماح للعناصر المتمردة بالعبور عبر سورية. وبرأينا ان السوريين قاموا ببعض الجهود، لكن (حركة العبور) استمرت... العراقيون قدموا للسوريين اثباتات على ما يحصل. لكن نحن لا دور لنا في الموضوع. حاولت تركيا ان تلعب دورا، ولكن لا دور لها اليوم. المسألة بين العراقيين والسوريين.

• العراق حاول ان يأخذ الموضوع الى المؤسسات الدولية مثل الامم المتحدة؟

- لقد دعمنا العراقيين في ذلك. ساعدنا الامم المتحدة كذلك. طبعا الامم المتحدة لعبت الدور القيادي في تسمية مبعوثها الخاص، اوسكار تارانكو، الذي زار بغداد منذ نحو 5 اسابيع والذي يتفحص ما اذا كان هناك تدخلات خارجية في العراق.

• هل ستدعم الولايات المتحدة قيام محكمة دولية خاصة لمعالجة الموضوع؟

- يعود للامم المتحدة تقرير الآلية المناسبة. بدورنا، نحن ندعم كل الجهود العراقية لوقف التدخلات الخارجية. اما بالنسبة للالية، فنحن لا نختارها، بل نحن ندعمها.

• هل لدى الولايات المتحدة «مونة» على سورية من خلال العلاقات الثنائية بين البلدين؟ وهل تحاول اميركا القيام باي وساطة بين العراق وسورية؟

- نحن لا نتواسط بين العراقيين والسوريين. هذا موضوع ثنائي بين البلدين، وهذا احد المواضيع الايجابية التي نراها في العراق، في ما ان العراقيين قادرون على ادارة علاقاتهم مع دول العالم... انظر الى تركيا، علاقتهم (العراقيون) مع الاتراك يديرونها بانفسهم، ومع سورية كذلك، ومع مصر، لقد بدوا حوارا استراتيجيا مع مصر، وعاد السفير المصري الى بغداد بعدما تم اغتيال سلفه في العام 2005، على ما اعتقد. اذا العراق قادر الآن على ادارة علاقاته الثنائية مع الدول، وهذه رسالة مهمة علينا ان نظهرها للعالم.

• سبق للجنرال ريموند اوديرنو ان اعتبر ان الخط بين البعثيين وتنظيم «القاعدة» في العراق صار غير واضح، فيما قام معظم اركان الدولة العراقية من رئيس ورئيس حكومة ووزراء خارجية وداخلية ودفاع وجنرالات باتهام البعثيين بالوقوف خلف التفجيرات. ما هو تعليقك؟

- مرة اخرى، الاجابة تعتمد على التعريف بالبعثيين. هناك مجموعات متمردة في وجه الحكومة، بعضها سني والآخر شيعي، وهم يرفضون المشاركة في العملية السياسية. لقد نجحت حكومة العراق في اضعاف تنظيم «القاعدة» في العراق، واضعاف المجموعات المتمردة الاخرى. على الارجح بدأت هذه التنظيمات في دعم بعضها البعض لان عملها صار صعبا.

• السبب وراء السؤال الاخير هو محاولة فهم كيف تتوزع المسؤولية في التفجيرات بين الداخل العراقي، او الخارج، او ربما الاثنين...؟

- حتما هناك لاعبون محليون، وحتما هناك دعم للمتمردين يأتي من الخارج... ايران وحلقات المقاتلين الاجانب السورية معروفون جدا.

• عن العلاقات العراقية - السعودية، البعض يتحدث عن اتفاق سعودي - سوري، على حساب لبنان، في مقابل التنسيق بين السعوديين والسوريين لمواجهة الحكومة العراقية...؟

- اعتقد ان هذه مجرد تكهنات. كما اعتقد ان العلاقات بين العراق وباقي دول المنطقة تنضج، وان العراق يلعب دورا ايجابيا في المنطقة...

• لكن هل هناك افتراق اميركي - سعودي حول العراق، فنحن حتى الآن لم نر سفيرا سعوديا في بغداد؟

- نحن نحب ان نرى السعودية ترسل سفيرها الى هناك... لقد قمنا بحض كل الدول على ذلك... لكني لا اعتقد ان هناك افتراقا.

• كيف ترى دور ايران في العراق اليوم؟

- نحن نعتمد على الحكومة العراقية كي تطلعنا على تطورات هكذا موضوع، فالعراق يدير علاقاته مع ايران، بصورة ناجحة جدا... لكننا نعتقد انه ما زال هناك مسائل عالقة بين العراق وايران، احداها هو اذا كان هناك دعم (ايراني) للمجموعات المتمردة في العراق المسؤولة عن الارهاب.

نحن ما زلنا نراقب الوضع بدقة على الارض، لكن العراق يقود الموضوع، وهو ما يعيدنا الى المقدرة العراقية في ادارة العلاقات الثنائية، وهو ما لم يكن ممكنا في عامي 2006 و2007 عندما كان الصراع الطائفي جديا واجبر الحكومة على التفرغ للداخل. هنا اقول ان ايران اليوم هي من يتفرغ لشؤونها الداخلية اثر الانتخابات (الرئاسية) فيها.

• افهم الموضوع الثنائي، لكن لاميركا قوات في العراق، واي امداد ايراني لمجموعات ما، يمس أمن الجنود الاميركيين، اليس كذلك؟

- لن اقول كيف يستهدف الايرانيون جنودنا. نحن نعلم على وجه التأكيد ان بعض المجموعات الشيعية المتمردة هاجمت قوات الامن العراقية والحكومة العراقية. هذه الهجمات لا تستهدف جنود الولايات المتحدة فحسب، فنحن انسحبنا من المدن في يونيو الماضي، صرنا نعمل بالاشتراك مع القوات العراقية.

نحن كاهداف... لقد كثف المتمردون والارهابيون من جهودهم لاستهداف المدنيين في المدن، اقصد ان اميركا لم تعد في وسط الهجمات، وكما يدير العراق علاقاته الثنائية، فهو يدير كذلك شؤونه الامنية. قد يقول البعض ان هناك التفجيرات داخل المدن، ولكن كرقم، مقارنة بالعامين 2006 و2007، الرقم اصغر بكثير. هذا لا يقلل من ان الهجمات مروعة، ولكننا تركنا المدن في يونيو، ولم تحصل اي تفجيرات حتى 19 اغسطس، واضيف هنا ان الهجمات ابدلت تركيزها من قواتنا وقوات التحلف، ثم القوات العراقية، فالجوامع والكنائس، فالبنية التحيتة الاقتصادية، واليوم يشنون هجمات عشوائية خارج الوزارات. هذا لا يظهر قوة، بل يشير الى تزايد في الضعف.

• كيف ترى العلاقات بين العراق والكويت؟

- ستستمر العلاقات معقدة بين الكويت والعراق نتيجة اجتياح صدام حسين للكويت. الحكومة العراقية جعلت من الواضح ان لا ارتباط لها بسياسات صدام حسين. كذلك ستعلو الاصوات السلبية من الجهتين، لكن الحكومتين ابدتا الاستعداد للعمل على المواضيع العالقة. سيكون هناك تقدم في امور من دون اخرى، وهذا سيأخذ بعض الوقت.

اليوم، بدأت الحملات الانتخابية في العراق، وهذا وقت مناسب لتعالي بعض الاصوات السلبية. كذلك في الكويت، هناك امور مع البرلمان، ما يعني اننا سنسمع بعض السلبية. اذا، على الجهتين، هناك سياسات داخلية تعقد الحلول الخارجية الطويلة الامد. لكني اعتقد ان علينا ان ننظر الى المدى البعيد الايجابي، لا القصير، الذي قد يكون سلبيا في بعض الاحيان.

• اعتبر البعض ان التأخير في اقرار قانون انتخابات مجلس النواب العراقي ادى الى تأخير الانسحاب الاميركي. ما رأيك في ذلك؟

- لا تأخير في الانسحاب الاميركي. نحن ملتزمون التزام الرئيس باراك اوباما الانسحاب، ونحن نراقب الوضع على الارض عن كثب. سيكون هناك انتخابات في مارس بأمن وامان، وسيكون هناك اناس من الداخل والخارج ممن سيحاولون جعل العملية الانتخابية صعبة. انتخابات المحافظات جرت في يناير العام 2009، والبرلمانية ستجرى في مارس العام 2010... ما زال جدول الرئيس للانسحاب قائما. • ماذا عن العلاقات العربية - الكردية؟ - نحن نعمل دوما مع العرب والكرد، وهذا يتصدر اولوياتنا، ولدينا علاقات جيدة مع الطرفين. عندما تنظر الى اغسطس العام 2008، عندما كان هناك امكانية صراع بين القوات الكردية ووحدات من الجيش العراقي في خانقين، ثم تنظر اليوم، لا بد ان تلاحظ ان التوتر اقل بكثير. طبعا ما زالت هناك امور اساسية عالقة، مثل وضع كركوك والمناطق المتنازع عليها. لكننا نعمل مع (اليونامي)، بعثة الامم المتحدة، ومع الاطراف المعنية على الارض. القوات الاميركية تعمل كذلك مع البيشمركا والقوات العراقية بنجاح كبير. • هل تنحاز الولايات المتحدة الى جانب الكرد وتعطيهم ضمانات ما؟ - لم نعط ضمانات للكرد وسياستنا لم تتغير. نحن ندعم المادة 140 (اجراء استفتاء حول مصير كركوك)، وما قدمته اليونامي. نحن ندعم الطرفين للتوصل الى الحل، والدستور العراقي يقدم اساس لذلك... لم نقدم ضمانات للكرد، رغم الاشاعات المتداولة. • كلمة اخيرة؟ - اعتقد انه من المفيد ان ننظر الى المسافة التي قطعها العراق منذ العام 2007. بعد الانتخابات البرلمانية في العام 2005، كانت قوى الامن ضعيفة... كان الوضع السياسي يؤدي الى مواجهات طائفية يومية... كان الوضع الاقتصادي صعبا. عندما تنظر اليوم، لقد انهى العراقيون لتوهم الجولة الثانية من المناقصات النفطية، فيما تتم دعوة الشركات العالمية للاستثمار في نفط العراق، وهو صاحب ثالث اكبر احتياطي في العالم. نحن امام وضع وافقت فيه الاحزاب السياسية على قانون انتخابي، وهذا كان صعبا نظرا للتعقيدات التي تم التعامل معها... لديك وضع أمني ما زال صعبا، ولكنه افضل بما لايقاس بالعامين 2006 و2007... لدينا وضع يتمكن فيه العراق من اقامة علاقات ثنائية ودولية. نحن ملتزمون الاتفاقية الامنية... والعراق سيتسلم الامن. لكن رغم الايجابيات، ستستمر التفجيرات، وان قليلة، لان نسبة صغيرة من المتمردين ستواصل مهاجمة الدولة، لكن لا يجب ان يكون هذا المقياس الوحيد للنجاح في العراق.

• اذا انت متفائل ولا تعتقد ان اميركا تشيح باهتمامها عن العراق في اتجاه افغانستان؟

- الولايات المتحدة تبقى ملتزمة العراق، ونحن نريد ان نرى عملية انتقال ناجحة من تعاوننا العسكري الامني، الى شراكة مدنية في مجالات التنمية، والصحة، والتعليم، والثقافة كافة، وهذه طريقة ايجابية جدا لبناء العلاقا

ليست هناك تعليقات:


Since December 2008