واشنطن - من حسين عبد الحسين
واشنطن - من حسين عبد الحسين
واشنطن - من حسين عبد الحسين
دمشق - من جانبلات شكاي
واشنطن - من حسين عبد الحسين
واشنطن - من حسين عبد الحسين
تدخل اليوم، ازمة احتمال تزويد سورية «حزب الله» بصواريخ «سكود»، يومها التاسع عشر، منذ اثارتها «الراي» للمرة الاولى في التاسع من الشهر الجاري، مع استمرار اختلاط المعلومات الاستخبارية بالتحليلات الصحافية والمزايدات السياسية.
في هذه الاثناء، قام بعض المسؤولين الاميركيين والعرب، بالقاء اللوم على الصحافة واتهامها باثارة ازمة غير مبررة، رغم ثبوت صحة جزء كبير من المعلومات الصحافية.
لكن ما هو الصحيح، وما هو المختلق؟ وما الذي يدخل تحت تصنيف التراشق بالاتهامات السياسية على حساب دقة الخبر، في وقت تمر فيه المنطقة الممتدة من بحر قزوين الى ضفاف المتوسط بحرب استخبارية معقدة جدا اندلعت منذ دخول القوات الاميركية بغداد في العام 2003.
في هذا السياق، تأتي ازمة «سكود» المفترض ان سورية زودتها الى «حزب الله».
منذ اليوم الاول لاندلاع الازمة، لم تؤكد «الراي» في اي من تقاريرها من واشنطن، وصول هذا النوع من السلاح الى ايدي مقاتلين «حزب الله»، بل شددت على تضارب المعلومات المتوافرة في العاصمة الاميركية.
اما الطريقة الافضل لفهم المعلومات الاميركية المتضاربة، فتقضي باجراء مقارنة بين ازمة «سكود»، وبين اختراق اسرائيل الاستخباري العام 2008، الذي دمرت مقاتلاتها على اساسه، ما اكدت تل ابيب وواشنطن لاحقا انه مفاعل نووي سوري في الكبر. في ذلك الحين، قصفت اسرائيل المفاعل والتزمت الصمت، ثم ظهرت القصة في الكونغرس والاعلام الاميركي.
الاميركيون ممن عاشوا عملية قصف اسرائيل للمفاعل السوري، يروون ان المسؤولين الاسرائيليين دخلوا على نظرائهم الاميركيين مع صور من الاقمار الاصطناعية ودلائل تثبت ان الموقع كان مفاعلا نوويا، واعطت واشنطن تل ابيب الضوء الاخضر لقصفه، وهذه القرائن تم تقديمها لاحقا الى الكونغرس والرأي العام ووكالة الطاقة الذرية، التي ما زالت تشكو من عدم الشفافية السورية في التعامل مع الموضوع، حسب اخر تقرير صادر عنها.
«ازمة صواريخ السكود مثل موضوع قصف المفاعل النووي السوري»، يقول لنا مسؤول اميركي على اطلاع على تفاصيل الازمة، «مع فارق يكمن في ان اسرائيل لفتت نظر اميركا ولم تطلب توجيه ضربة، فيما لم تلتزم كل واشنطن، سرية الموضوع».
ويعيد لنا المسؤول ما اورده لنا في السابق، وما يدخل في باب المعلومات المؤكدة، والتي نشرتها «الراي» اولا في منتصف يناير، ثم في 9 ابريل.
المعلومة الاولى المؤكدة، ان الاستخبارات الاسرائيلية رصدت، الصيف الماضي، تدريب سورية لمقاتلين من «حزب الله» على استخدام عدد من الصواريخ الموجودة في الترسانة السورية، وهي تتضمن صواريخ ارض - جو مضادة للطائرات، وصواريخ باليستية متوسطة وبعيدة المدى تطال معظم ارجاء اسرائيل.
تلك المعلومات دفعت وزير الدفاع الاسرائيلي ايهود باراك، الى الحديث عن انظمة دفاع جوي لدى «حزب الله». رافق حديث باراك انذارات اسرائيلية الى سورية، وتم التوصل الى ما يشبه «الخطوط الحمر» الضمنية، مثل التي رسمتها اميركا بين البلدين لتحديد نفوذ كل منهما داخل لبنان في 1976. بموجب خطوط العام 2009 بين سورية واسرائيل، امتنعت سورية عن تزويد «حزب الله» صواريخ ارض جو او صواريخ باليستية.
في وقت ما من الاشهر القليلة الماضية، التقطت الاستخبارات الاسرائيلية صورا لصواريخ رجحت انها «سكود - د» في شاحنات قريبة من الحدود السورية - اللبنانية. وعلى غرار ما فعلت في موضوع المفاعل النووي، حملت الاستخبارات الاسرائيلية معلوماتها الى الاميركيين الذين توافرت لديهم معلومات متطابقة، فوعدت واشنطن تل ابيب بان «تتعامل مع الموضوع».
واستدعت وزارة الخارجية الاميركية السفير السوري عماد مصطفى، لارسال تحذير الى دمشق من مغبة الحسابات السورية الخاطئة. ومع ان «الراي» وصحف غربية اوردت حدوث الاجتماع، الا ان مصطفى نفى حدوثه، وهو ما اكدته الخارجية لاحقا وافادت، في بيان، بان مجموع الاستدعاءات الاميركية لديبلوماسيين سوريين في واشنطن بلغ اربعة، منذ 26 فبراير الماضي.
المعلومات عن تدريب سورية لمقاتلي «حزب الله»، ووجود صواريخ على الحدود من جهة سورية، واستدعاء اميركا لديبلوماسيين سوريين لتحذيرهم من عواقب تمرير هذه السلاح الى «حزب الله»، كلها معلومات في حكم المؤكدة داخل واشنطن.
وفي وقت ما من فبراير، اختفت الصواريخ، ولم تنجح الاستخبارات الاميركية في اقتفاء اثرها، ما ادى لاحقا الى توتر اسرائيلي تسبب بارتباك اميركي، اوردته «الراي» في 9 ابريل.
الاحتمالات عديدة، وتتضمن، اما ان يكون السوريون اعادوا هذه الصواريخ الى مخازنهم، واما ان يكونوا مرروها بالفعل الى «حزب الله»، وهو «ليس امرا خياليا مع حزب في ترسانته الاف الصواريخ التي وصلته عبر سورية»، حسب المصادر الاميركية.
الحيرة حول مصير الصواريخ الباليستية هي مصدر الازمة، وهي ما ادت الى تصعيد وانذرت باحتمال اندلاع حرب.
الولايات المتحدة سارعت الى التحرك على مستويين، فقامت بتحذير «استباقي» للسوريين من عواقب «امكانية» وصول اي سلاح من هذا الطراز الى يد «حزب الله»، وعلى مستوى آخر، فتحت واشنطن كل القنوات الممكنة مع دمشق للحصول على اجابة سورية واضحة حول مصير السلاح.
جاءت الاجابات السورية الاولية عن طريق السناتور جون كيري، الذي طار الى دمشق والتقى الرئيس بشار الاسد، الذي نفى بدوره نفيا قاطعا تزويده «حزب الله» بهذا النوع من الصواريخ.
اعتبر كيري اجابة الاسد كافية ومررها الى الادارة الاميركية على شكل معلومات مصنفة سرية. الا ان اجابة الرئيس السوري لم تقطع الشك باليقين، واستمر المشككون في اميركا بالاشارة الى الاحتمالية الثانية، اي وصول الصواريخ الى «حزب الله».
ما هي الخطوة المقبلة؟ الاجابات مبعثرة في واشنطن، ولكن الى جانب التصعيد السياسي والتحذيرات الديبلوماسية المتطايرة في كل اتجاه، يبدو ان الحرب الاستخبارية بين اسرائيل وخصومها مستمرة، فيما تسعى واشنطن بكل قوتها الى منع اندلاع اي نوع من الحروب غير الاستخبارية على مايبدو في الشرق الوسط، رغم تململ بعض حلفاء واشنطن من سياسة «ضبط النفس».
في ضوء اصرار واشنطن على منع المواجهة المفتوحة، من المرجح ان يستمر التصعيد سياسيا، وهو ما يخلق تخوفا بالانزلاق نحو مواجهة، او ما تسميه واشنطن «حسابات خاطئة»، لدى اي من الاطراف. وفي خضم التوتر السياسي، تتحول الصحافة والصحافيين من حين الى آخر الى كبش محرقة لفشة خلق سياسية هنا او هناك، فيما تدور الحرب الاستخبارية في الخفاء.
يروى عن ملك فرنسا لويس الرابع عشر، وهو صاحب اطول حكم في التاريخ استمر 72 عاما حتى وفاته في العام 1715، انه قال يوما "انا الدولة". حديث الملك الفرنسي جاء 75 عاما قبل نشوب "الثورة الفرنسية"، التي اجتاحت البلاد مع افكار التنوير عن المساواة بين المواطنين، والديموقراطية، والحرية.
ثم انتقلت عدوى الديموقراطية الى مستعمرات بريطانيا في اميركا الشمالية، فثارت المستعمرات على حكم الملك الانكليزي، وانشأت اتحادا اطلقت عليه اسم الولايات المتحدة الاميركية، التي خاضت حربا للاستقلال مع بريطانيا.
ومنذ العام 1789 ومواطني الولايات المتحدة يذهبون كل اربع سنوات، من دون انقطاع في اوقات الحرب كما في اوقات السلم، لانتخاب رئيس لهم من خلال صناديق الاقتراع.
ويروى عن رئيس اميركا الاول وبطل استقلالها جورج واشنطن ان المحيطين به عرضوا عليه – نظرا لشعبيته – ان يتحول ملكا على البلاد، لكنه رفض ذلك معللا رفضه بان من ثار على الملك لا يمكنه ان يصبح ملكا. كما يروى عن البطل الاميركي، الذي توفي بعد عامين على خروجه من البيت الابيض، ان نجاحه يكمن في استمرار الديموقراطية الاميركية من بعده، وهذه نبوءة تحققت.
من المفهوم ان يقول الملك الفرنسي لويس الرابع عشر انه هو فرنسا. فهو ابن زمانه، وعاش قبل عصر التنوير والديموقراطية. ومن المفهوم ايضا ان يرفض ابن عصر التنوير رئيس اميركا الاول جورج واشنطن الحكم الى الابد، فيكتفي بدورتين رئاسيتين استمرتا ثمانية اعوام، ويذهب بعدها الى التقاعد، وتستمر اميركا.
من المفهوم كذلك ان عصر التنوير هذا لم يمر على العراق، ولا على معظم القياديين العراقيين، فصدام حسين اعطى العالم دروسا عن كيف يتحول بلد بأكمله ملكا لشخص واحد وعشيرته. حتى ان صدام لم يخجل من التماهي مع حكام ما قبل التاريخ، من امثال حمورابي، فالزمن لدى صدام، وهو كان عديم الثقافة، لا يختلف بين عصر ما قبل الحداثة او ما بعدها.
حكام ما قبل الديموقراطية، مثل لويس الرابع عشر وصدام حسين ورئيس سورية الراحل حافظ الاسد، كانوا يعتقدون ان التاريخ يتذكر الحاكم لشخصه. وكانوا يعتقدون كذلك ان ميزات الحكم جينية وراثية تنتقل الى اولادهم، وعلى هؤلاء ان يسيروا في خطى الآباء. وهكذا، يصبح لويس الرابع عشر هو فرنسا، ويصبح العراق "عراق صدام حسين"، وتصبح سورية "سورية الاسد".
اما حكام الديموقراطية فيدركون ان دخولهم التاريخ مرهون بنجاح البلاد واستمراريتها – بمؤسساتها لا بوريث الحاكم من سلالته – بعد خروجهم من السلطة.
عراق ما بعد صدام حسين يقف على مفترق طرق: اما ان تنجح الطبقة السياسية في انشاء مؤسسات غير مشخصنة تنجح في ادارة البلاد، واما يبقى العراق مربوطا بميزان لمجموعة من الشخصيات، وفي طليعتها رئيس الحكومة الحالي نوري المالكي والسابق اياد علاوي. والطامة الكبرى ان معظم الشخصيات العراقية تعتقد نفسها لويس الرابع عشر، وتعتقد ان حكم العراق الى ما لا نهاية هو حق لها، ومكافأة لنضالاتها الماضية ولدهائها السياسي.
الا ان المالكي وعلاوي وحكام العراق الحاليين يدركون صعوبة التبجح علنا بطموحهم حكم العراق الى الابد، فيستبدلون الحديث عن رغباتهم البقاء في السلطة بالحديث عن حاجة العراق المزعومة اليهم، اذ ذاك يصبحون قادة "ضرورة". من دونهم في الحكم، حسب اعتقادهم، يدخل العراق في دوامة عنف، وهم بهذا يختصرون المؤسسات المطلوب اقامتها باشخاصهم، فان ذهبوا هم، ذهب العراق، تماما كما حصل للبلاد التي نزلت في نفس الحفرة مع صدام حسين بعد انهيار حكمه.
وهؤلاء "القادة الضرورة"، لا يكفون الحديث عن "رؤيتهم" للعراق وعن برامجهم المزعومة.
في مقابلة اجرتها معه صحيفة "لوس انجلس تايمز"، قال المالكي بالاجابة عن رغبته في البقاء في منصبه: " ليس المنصب مهما بذاته بالنسبة لي (...) انما قد تكون اهميته لأني بدأت عملية اصلاح وبناء وتغيير في مختلف المجالات الأمنية والسياسية و الاقتصادية، ولاستكمالها ربما يحتاج الى ان تبقى رئاسة الوزراء (بعهدتي)".
لنتأمل عملية الاصلاح والبناء والتغيير هذه، والتي يبدو لنا ان اولى معالم فشلها انها ترتبط بشخص مطلقها. لنفرض ان الحكم تعذر على المالكي لاسباب صحية او جسدية او غيرها. من يكمل مسيرة الاصلاح والبناء التي بدأها رئيس الحكومة المنتهية ولايته؟
ان نجاح الديموقراطية في العراق يرتبط بقيام مؤسسات تدير شؤون البلاد بشكل مستدام، مع المالكي او علاوي او بدونهما، فينحصر دور اي حاكم للعراق باطلاق سياسات، يحصل عليها على موافقة الاكثرية البسيطة في البرلمان. واذا ما صادف ان السياسات الجديدة تشبه قانون الرعاية الصحية، الذي خاض الرئيس الاميركي باراك اوباما معركة سياسية من اجل اقراره حتى تعمل بموجبه مؤسسات الدولة، فنطلق عليه اسم سياسة تغييرية.
اما عندما يبقي اوباما روبرت غايتس وزيرا للدفاع، فهذا يعني انه لم يكن بصدد تغيير السياسة الدفاعية بعد ان نجحت في تثبيت وضع العراق، وفي طريقها الى الخروج من افغانستان.
لكن حكام العراق لم تجتاحهم العقلية الديموقراطية بعد، وهم يعتقدون ان الحكم شخصي، فيأتي كل منهم بجماعته الى الحكم، ولا يلتزم بمؤسسات او قوانين تمت المصادقة عليها في عهد من سبقه، فيقوم كل حاكم عراقي ببناء الدولة على ذوقه، فيذهب وتذهب الدولة معه.
ثم ان اعتقاد رئيس حكومة العراق انه من الممكن له ان "يستكمل" عملية "الاصلاح والبناء والتغيير" التي بدأها يشي بأن السيد المالكي لا يدرك انه لا يمكن لاي حاكم على وجه الارض "استكمال" البناء في اي دولة. فالبناء والتغيير هما عملية مستمرة وتراكمية، وينجح فيها حاكم اكثر من غيره، ولكنها عملية مستمرة، لا نهاية لها ولا "استكمال".
وحتى يفهم حكام العراق معنى الديموقراطية وتداول السلطة، نصيحتنا الوحيدة لهم هي ان يحرصوا على مغادرة السلطة، مع او من دون "استكمال" مشاريعهم، فالجزء الاساسي من نجاح الديموقراطية في العراق، يرتبط بتداول السلطة واتاحة المجال امام الافكار الجديدة والدم الجديد في الحكم.
اما اذا اصر كل واحد من حكام العراق على استكمال ما بدأه، فسيبقى العراق مرهونا بالاشخاص، وسيبقى العراق في القرن الثامن عشر، من دون اي أمل في رؤيته يدخل القرن الواحد والعشرين في المستقبل المنظور.
* كاتب ومراسل "العالم" في الولايات المتحدة
واشنطن - من حسين عبد الحسين
واشنطن - من حسين عبدالحسين
واشنطن – حسين عبد الحسين
العراق هو احد سبعة دول «فاشلة» تسعى الولايات المتحدة الى مساعدة حكوماتها على بسط سلطاتها على اراضيها، لمواجهة العنف الذي يتهددها، كجزء من حماية الامن القومي الاميركي، حسب وزير الدفاع روبرت غيتس.
الوزير الاميركي كتب في مقالة بعنوان «مساعدة الاخرين في الدفاع عن انفسهم»، من المتوقع صدورها اليوم الاربعاء، في دورية «فورين افيرز» الشهيرة، حصلت «العالم» على نسخة مبكرة منها، ان «التهديد القاتل لسلامة وامن الولايات المتحدة – على شكل مدينة اميركية ملوثة تحولت ركاما اثر هجوم ارهابي – ينبع على الارجح من دول لا تقدر على حكم نفسها على نحو كاف، او تعجز عن تثبيت امن اراضيها».
ومع ان غيتس لم يوجه اصابع الاتهام الى بغداد بشكل خاص، الا ان العراق كان واحدا من الدول السبعة التي ورد ذكرها في المقالة، كدول حليفة تحاول الولايات المتحدة مساعدتها، بالاضافة الى كل من لبنان، وافغانستان، وباكستان، واندونيسيا وماليزيا والفيليبين.
وكتب غيتس «يبقى التعامل مع دول منقسمة او فاشلة كهذه التحدي الامني الابرز، في وقتنا الحالي». واضاف «من المستبعد ان تكرر الولايات المتحدة، في اي وقت قريب، مهمات على حجم ما فعلت في افغانستان والعراق، اي فرض تغيير للنظام، يليه بناء الدولة في وسط النار».
لكن غيتس لم يستبعد ان تواجه اميركا سيناريوهات حول العالم تتطلب تدخلا اميركيا، وان «على مقياس اصغر». في حالات كهذه، يقول الوزير الاميركي، «تصبح فعالية الولايات المتحدة ومصداقيتها من فعالية ومصداقية واستمرارية شركائها المحليين».
ويتابع غيتس ان «هذه الحقيقة الاستراتيجية تتطلب ان تصبح الولايات المتحدة افضل في ما يسمى بناء مقدرات الشركاء، اي مساعدة دول اخرى في الدفاع عن نفسها، او – ان تطلب الامر – القتال الى جانب القوات الاميركية»، وهذا حسب غيتس، يحتاج الى تزويد اميركا لحلفائها بـ «المعدات والتدريب، او اشكال اخرى من المساعدات الامنية».
ويقول غيتس ان بلاده لطالما قدمت الدعم الامني لدول مختلفة على مدى الخمسة وسبعين عاما الماضية، بدءا بتسليح بريطانيا والاتحاد السوفياتي اثناء الحرب العالمية الثانية في المواجهة مع دول المحور بقيادة المانيا النازية. وذكر غيتس ان اميركا قدمت في الاربعينات اكثر من 31 بليون دولار لبريطانيا و11 بليونا للاتحاد السوفياتي، ولاحقا قامت بدعم دول في مواجهة السوفيات وحلفائهم اثناء «الحرب الباردة».
واعتبر انه منذ «الحرب الباردة، تغيرت بيئة الامن العالمي بشكل راديكالي، واصبحت اكثر تعقيدا اليوم، ويصعب التكهن بها، وحتى مع غياب قوة عظمى منافسة (لاميركا)، اصبح العالم اكثر خطورة».
واضاف انه بشكل عام، «يستمر الصراع على الشرعية والولاء والقوة عبر العالم الاسلامي بين القوى التحديثية المعتدلة، ومنظمات العنف المتطرفة مثل القاعدة والطالبان».
هكذا، حسب غيتس، «يصبح بناء الحكومات والمقدرات الامنية لدى الدول الاخرى من العناصر الحساسة في استراتيجية الامن القومي للولايات المتحدة».
لكن غيتس يعترف ان «ادوات القوة الاميركية – العسكرية والمدنية – تم بناؤها في عصر مختلف لمجابهة تهديدات مختلفة جدا». ويقول ان «الجيش الاميركي تم تصميمه لهزيمة جيوش وقوى بحرية وجوية اخرى، لا تقديم النصائح وتدريب وتسليح هذه القوى».
كذلك الامر، يعتبر غيتس ان ادوات اميركا المدنية تم تصميمها لادارة علاقات اميركا مع الدول الاخرى، «لا المساعدة في بناء الدول الاخرى من داخلها».
ويقول لان تدريب قوات نظامية في دول اخرى لا يسهم في الترقيات داخل الجيش الاميركي، قام الجيش – في المرحلة الاولى – بالاستعانة بضباط متقاعدين وشركات امنية خاصة للقيام بالمهمة.
غيتس يكشف انه نظرا للحاجة الملحة للمساعدة في بناء جيوش لدى شركاء اميركا، قام الجيش الاميركي بانشاء وحدات متخصصة حملت اسم «الوية للاستشارات والمساعدات».
وختم بالقول ان «مساعدة الدول الاخرى على التعامل الافضل مع امنها سيشكل اختبارا اساسيا للقيادة العالمية للولايات المتحدة، وجزءا ساسيا من حماية اميركا كذلك، لذلك، يجب ان يكون تحسين الطرق التي تقوم الحكومة الاميركية من خلالها بتطبيق هذه المهمة من الاولويات القومية الهامة».
واشنطن – الراي
اعتبر تقرير صادر عن «مكتب المفتش العام» في وزارة الخارجية الاميركية، ان موظفي فضائية «الحرة» و«راديو سوا»، يخشون امكانية انتقام مسؤوليهم منهم، في حال عبروا عن آرائهم حول اداء المحطة. كذلك اتهم التقرير المسؤولين عن الفضائية والراديو، اللذين يمولهما الكونغرس، بتوظيف اقاربهم.
التقرير، الذي صدر الاسبوع الماضي في 78 صفحة، وصف مدير اخبار المحطة اللبناني دانيال ناصيف، بانه «مدير محبوب، ولكنه متقلب الآراء باستمرار، ويفضل ألا يعطي اجابات، او ان يعطي اجابات غامضة، بدلا من ان تكون حاسمة، لأسئلة تتعلق بالعمل».
ناصيف، وهو من مؤيدي النائب اللبناني ميشال عون، حسب تقارير اميركية سابقة، متزوج من احدى مذيعات الاخبار في «الحرة»، التي يشرف على عملها، وهو ما لفت نظر «مكتب المفتش العام» الذي اورد ان في المحطة «14 زوجا»، من تابعيات عربية مختلفة، يعملون في التلفزيون المذكور.
وشكك التقرير في مؤهلات بعض العاملين في «الحرة»، وقال ان «الصحافيين العاملين ممن لديهم خبرة على الارض، وخبرة كافية في الادارة، وممن يفهمون رسالة (الفضائية)، ويتحدثون الانكليزية والعربية في الوقت نفسه، عددهم محدود».
التقرير قلل من اهمية الارقام التي غالبا ما يتباهى بها القيمون على «الحرة» و«راديو سوا»، ورأى ان هذه الارقام لا تشير الى «مدى تأثير» هاتين الوسيلتين الاعلاميتين على الجمهور العربي، اذ غالبا ما يكرر مسؤوليون في «الحرة» و«سوا»، ان الوسيلتين تصلان الى ما مجموعه 35 مليون مشاهد ومستمع عربي اسبوعيا.
وطالب التقرير، «مجلس أمناء البث»، الهيئة التي يعينها الكونغرس للاشراف على اداء الفضائية والراديو، بـ «تحديد سلطة» ناصيف، و«تطبيق آلية للتأكد من انه يمارس سلطته بحزم وشفافية». كما طالب بـ «توضيح، ثم نشر سياسة الفضائية حول المحاباة في توظيف الاقارب».
وختم بالمطالبة بفرض جلسات تدريب الزامية للعاملين في المحطة والراديو في مجالي «حل النزاعات، والتوعية حول التنوع».
وفي اول ردود الفعل الاميركية على التقرير، اعتبر موقع «بروبابليكا»، الذي حاز الاسبوع الماضي على «جائزة بوليتزر» العريقة عن افضل التحقيقات الصحافية في الولايات المتحدة، ان تقرير «مكتب المفتش العام» يأتي من «ضمن تتابع التقارير السلبية عن محطة الحرة الفضائية وراديو سوا».
ولفت الى ان تقرير «مكتب المفتش العام» لم يتفحص المادة التي تبثها «الحرة»، والى انه تغاضى عن شكاوى تقدم بها عضو الكونغرس الجمهوري عن ولاية آيوا تشارلز غراسلي عن مخالفات مالية داخل المحطة. وجدد الموقع اتهامه لناصيف بافتقاره للخبرة الاعلامية، اذ لم يسبق له ان عمل في اي وسيلة اعلامية قبل ان يصبح مديرا لـ «راديو سوا»، ومن ثم تعيينه مديرا لـ «الحرة». وكان الموقع اتهم في الماضي، رئيس المحطة الاميركي برايان كونيف بافتقاره الى الخبرة الاعلامية كذلك. ويعزو الموقع «قلة مؤهلات» القيمين على الفضائية والراديو الى ضعف اداء الوسيلتين وانعدام تأثيرهما في الرأي العام العربي.