واشنطن - من حسين عبدالحسين
تستعر حرب الاستخبارات الخفية بين الولايات المتحدة واوروبا، من ناحية، وإيران، من ناحية ثانية، في وقت تنتشر تقارير، لم يمكن التأكد من صحتها، مفادها بان واشنطن تسعى لاستهداف قائد «فيلق القدس» في الحرس الثوري قاسم سليماني، وان الرئيس دونالد ترامب «وافق» على اي عملية تستهدف المسؤول الايراني.
وما عزز هذه التقارير، مقالة بقلم الجنرال المتقاعد ستانلي ماكريستال قال فيها، انه اثناء عمله في العراق، كاد ان يستهدف موكب سليماني، الذي كان متجها من إيران الى كردستان العراق، ولكنه قرر ألا يفعل ذلك، وان ذلك ربما لم يكن القرار الصحيح.
وفي سياق الحرب الاستخباراتية المتصاعدة بين الطرفين، قام عملاء مكتب التحقيقات الفيديرالي (اف بي آي) باعتقال المذيعة في تلفزيون «برس تي في» الايراني، مرضية هاشمي، ابان وصولها الى مطار سانت لويس في ولاية ميسوري الجنوبية، قبل اسبوعين. ولم تعلن الجهات القضائية عن سبب التوقيف، وهو صمت يحظره القانون الاميركي، باستثناء في الحالات المتعلقة بالأمن القومي. ومثلت مرضية ثلاث مرات امام هيئة محلفين، فيما قال مسؤولون قضائيون انها تمثل بصفة شاهد.
ومرضية من مواليد الولايات المتحدة، وتحمل جوازين: اميركي وايراني. لكن عملها في التلفزيون، الذي تموله الحكومة الايرانية، يسمح للسلطات الأميركية باعتباره عملا في منصب حكومي لدى حكومة اجنبية، وهو ما يتطلب اجبارها التخلي عن جوازها الاميركي. وكان الكونغرس اصدر، قبل شهرين، قانونا طلب فيه باجبار تسجيل اي صحافي - اميركي او مقيم في أميركا - ممن يعمل في وسائل اعلامية تمولها حكومات اجنبية، على انه «عميل»، ما يتوجب تصريحه الى وزارة العدل عن اي اموال يتقاضاها من عمله هذا.
ومن غير الواضح سبب اعتقال مرضية، لكنه اعتقال اثار حفيظة طهران، التي استدعت قنصل سويسرا لدى ايران، الذي يمثل بدوره المصالح الأميركية في الجمهورية الاسلامية، وابلغته احتجاجا رسميا على اعتقال المذيعة.
وسبق لواشنطن ان احتجت رسمياً عبر القنوات نفسها على اعتقال اميركيين من اصول ايرانية، فما كان من طهران الا ان ردت بالقول ان الاميركيين من اصول إيرانية هم إيرانيون، وانه لا يحق لاميركا الاحتجاج على كيفية معاملتها لايرانيين. وبالذريعة نفسها ردت واشنطن على اعتقال مرضية، بالقول انه لا يمكن لطهران الاحتجاج على كيفية تعامل الولايات المتحدة مع مواطنة اميركية.
لكن خلف الجدال الرسمي يبدو ان هناك حرباً استخباراتية بين البلدين، وان اعتقال المذيعة، جزء من هذه الحرب.
وفي السياق نفسه، قامت المانيا بوقف رحلات خطوط طيران «ماهان» الايرانية الى اراضيها. وتذرعت برلين باسباب امنية. وعلمت «الراي» من مصادر اميركية ان القرار سببه اعتقاد الماني ان طهران استخدمت رحلات «ماهان» الى المانيا لدعم «تنظيم ثلاث عمليات ارهابية»، هي محاولة تفجير عبوات في باريس في مكان انعقاد المؤتمر السنوي لتنظيم «مجاهدين خلق» الايراني المعارض، ومحاولة اغتيال معارضين ايرانيين في النمسا، ومحاولة اغتيال معارض ايراني في الدانمارك.
والحرب الاستخباراتية بين ايران والغرب تجري بالتزامن مع حرب فعلية تشنها القوة الجوية الاسرائيلية على اهداف في سورية تابعة لايران، و«حزب الله»، وقوات تابعة للرئيس بشار الأسد وتساند الايرانيين والحزب اللبناني.
وكان لافتا في هذا السياق، خروج اسرائيل عن صمتها، للمرة الاولى منذ سنوات، وقولها علناً انها شنت هجمات ضد اهداف ايرانية في سورية، وهو ما يعتبره المسؤولون الاميركيون جزءا من الحملة العالمية المتصاعدة ضد الجمهورية الاسلامية.
والى الحروب الاستخباراتية والحرب فوق اراضي سورية، يبدو ان الادارة الأميركية جدية في مواجهة ايران، لا في حرب عسكرية تقليدية في الخليج، ان تطورت الامور في هذا الاتجاه، بل في حرب خفية تستهدف كوادر وقادة ايرانيين، مثل سليماني، الذي يبدو انه يتصدر لائحة الايرانيين المستهدفين.
ووصف ماكريستال، سليماني بـ «محرك الدمى الايراني القاتل»، وقال ان «فيلق القدس» هو مزيج من القوات الخاصة الأميركية ووكالة الاستخبارات المركزية (سي آي اي)، وانه على مدى فترة توليه قيادة هذا الفيلق، منذ العام 1998، نجح الجنرال الايراني في تعزيز قدراته، وان«براغماتية سليماني حولت الفيلق الى لاعب رئيسي في الاستخبارات والمال والسياسة ابعد من حدود ايران».
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق