الخميس، 21 مايو 2020

«الموجة الزرقاء» تهدّد فرص فوز ترامب بولاية ثانية

واشنطن - من حسين عبدالحسين

أظهرت أحدث استطلاعات الرأي، تقدماً شاسعاً وغير اعتيادي للحزب الديموقراطي ومرشحيه، بمن فيهم مرشح الرئاسة الأميركية جو بايدن، على الحزب الجمهوري ومرشحه دونالد ترامب، الذي يسعى للفوز بولاية رئاسية ثانية. 
تقدم الديموقراطيين دفع المراقبين الى وصفه بـ «الموجة الزرقاء» (الأزرق لون الديموقراطيين والأحمر لون الجمهوريين). 
وقال المراقبون إن نسبة الفارق بين الديموقراطيين والجمهوريين تشبه الفارق الذي سبق انتخابات 2018 الفرعية، والتي شهدت «موجة زرقاء» انتزعت مجلس النواب من أيدي الجمهوريين لمصلحة الديموقراطيين.
وفي ندوة عقدها موقع 538 المتخصص بالإحصاءات، خصوصا الانتخابية منها، قالت سارة فروستنسن، خبيرة الشؤون السياسية، إنه «قبل ستة أشهر تقريباً من يوم الانتخابات»، المقررة في الثالث من نوفمبر المقبل، «يبدو أن الأجواء الانتخابية هي لصالح الديموقراطيين مرة أخرى». 
وأضافت: «تأملوا تفوق الديموقراطيين على الجمهوريين في إحصاءات الكونغرس العامة، بواقع ثماني نقاط مئوية، وهو أقل بنقطة واحدة فقط عن تقدمهم عشية انتخابات 2018، كما أن نائب الرئيس السابق جو بايدن يتقدم كذلك بنحو ست نقاط مئوية على ترامب على الصعيد الوطني، وهذا التقدم يبدو أكبر في بعض الولايات، خصوصا المتأرجحة».
مع ذلك، تتابع فروستنسن في ندوة عبر الإنترنت، «يمكن أن تتغير الأجواء الانتخابية، اذ نحن وجدنا، على سبيل المثال، أنه في الأشهر الستة الأخيرة قبل أي انتخابات في الماضي، انخفض الفارق بمعدل أربع نقاط، وهو ما يعني أنه حتى لو تقلص الفارق، سيبقى الجمهوريون متأخرين، وستبقى فرص حدوث (موجة زرقاء) مرتفعة».
يقول ناثانيال راكيش، الخبير في الانتخابات، إن«علامات قدوم الموجة الزرقاء تبدأ باستطلاعات الرأي... حيث يبدو أن الديموقراطيين يتمتعون بمستوى قوي، تقريباً مستوى 2018 نفسه». 
ويضيف: «أعلم أن هذا عرضة للتغيير على مدار الدورة الانتخابية، ولكنه تفوق يبدو ثابتاً حقاً، بالإضافة إلى تقدم استطلاعات بايدن، فضلاً عن استطلاعات الرأي التي تظهر تقدما مفاجئاً للديموقراطيين في انتخابات مجلس الشيوخ». 
ويسيطر الجمهوريون على الغالبية في مجلس الشيوخ بـ 52 من مقاعده المئة.
يتابع راكيش: «هناك بالتأكيد وقت لتتغير الأمور، ولكني أعتقد أنه لا يمكنك الشعور بالرضا عن هذه الأرقام إذا كنت جمهوريا». 
ويقول: «حتى لو تغيرت الأجواء الانتخابية وأرقام استطلاعات الرأي، لست متأكداً أنها ستتغير لصالح الجمهوريين، وما يعزز فرضية حدوث موجة زرقاء، هو أننا دخلنا في أزمة اقتصادية، فيما الرئيس الحاكم، ومعه حزبه، يندر أن يبليان بلاء حسنا في الأوقات التي يكون فيها الاقتصاد في وضع سيئ، فمعدل البطالة يبلغ حالياً 14.7 في المئة، وأعتقد أن معظم الخبراء يتوقعون أن يزداد الأمر سوءاً».
أما جيفري سكيلي، وهو خبير في إحصاءات الانتخابات، فيؤكد ما سبقه إليه زميلاه، ويقول إن «أرقام الرضى عن كيفية تعامل الرئيس مع أزمة فيروس كورونا هو الآن تقريباً مثل أرقام شعبيته الإجمالية، أي 43.5 في المئة ينظرون بإيجابية لكيفية تعامله مع الفيروس، فيما يؤيد 43.7 في المئة، الرئيس على أدائه الوظيفي الشامل، وهذه معدلات تدعم النظرية القائلة إن الأرقام حالياً ليست في مصلحته أو مصلحة الجمهوريين». 
أمام المأزق الانتخابي الذي تؤشر إليه كل إحصاءات الرأي، اعتمد ترامب أساليبه السياسية المفضلة، التي يعزو إليها الفضل في فوزه بولايته الرئاسية الأولى قبل أربع سنوات، تتصدرها تغريداته التي يطلق فيها إشاعات ومعلومات مضللة حول خصومه. 
هذه المرة، عمل ترامب على جبهتين: الأولى عبر وزارة العدل، حاول عبرها إقناع الأميركيين بأن سلفه باراك أوباما كان يستخدم أجهزة الدولة، خصوصا الوكالات الاستخباراتية، لا للتجسس على ترامب وحملته الانتخابية فحسب، بل لإجراء تحقيقات لا أسس لها بهدف إيقاع قادة حملة ترامب في حبال العدالة، وأن هذا ما فعله أوباما وأعضاء إدارته الذين قاموا بالإيقاع ظلماً بالرجل الذي عينه ترامب في ما بعد مستشاره للأمن القومي، مايكل فلين، ليقوم الرئيس بالتخلي عنه بعد أسابيع قليلة بعدما تبين أن فلين قام بإجراء اتصالات سرية مع سفير روسيا في واشنطن، حتى قبل تسلم إدارة ترامب الحكم. 
وبعدما أسقطت وزارة العدل، الادعاء بحق فلين، مضى ترامب في محاولة تسويق شعار «أوباما غيت» للإيحاء بأن ما قام به أوباما يرقى ليكون فضيحة، وأن المطلوب اجراء تحقيقات مع الرئيس السابق قد تؤدي ربما الى سجنه. 
هكذا، راح مؤيدو ترامب يتداولون هاشتاغ «اقفل عليه الزنزانة»، في استعادة للهتاف الذي كانوا يطلقونه ضد مرشحة الديموقراطيين في الدورة الماضية هيلاري كلينتون.
ولما لم ينجح ترامب ومؤيدوه في تحويل «أوباما غيت» الى قصة متداولة على صعيد البلاد، عاد الرئيس ليوجّه سهام هجومه ضد منافسه بايدن. 
وكان ترامب حاول توظيف قيام موظفة سابقة في الكونغرس باتهام بايدن بالتحرش بها في العام 1993، لكن القصة انهارت بعدما ظهرت كتابات للسيدة تعبّر فيها عن حبها للرئيس الروسي فلاديمير بوتين، في وقت حاول الجمهوريون إقناع ترامب أنه من بين كل الفضائح التي يمكن له ان يثيرها ضد بايدن، لا يبدو أن فضائح التحرش الجنسي ستكون في مصلحة ترامب، المشهور بفضائح من هذا النوع.
آخر حلول ترامب قضت بحمله مجلس الشيوخ على شن حملة ضد خصمه الرئاسي. هكذا، صوتت لجنة الأمن الداخلي والشؤون الحكومية في مجلس الشيوخ على تفويض أمر لاستدعاء نجل بايدن، هانتر، كجزء من تحقيق يقوده الجمهوريون ضد ما يزعمون انه تورط هانتر في عملية استغلال نفوذ في أوكرانيا أثناء عمل والده جو نائباً للرئيس. 
وعبّر الديموقراطيون، من جهتهم، عن اعتراضات قوية، واتهموا الجمهوريين بالعمل على خط التضليل الروسي نفسه، وباستخدام موارد مجلس الشيوخ بشكل غير صحيح لتعزيز فرص إعادة انتخاب ترامب لولاية ثانية.

ليست هناك تعليقات:


Since December 2008