الاثنين، 28 سبتمبر 2009

واشنطن لدمشق: تطبيع العلاقات لن يستأنف في غياب حكومة لبنانية

واشنطن - من حسين عبد الحسين

أججت أزمة تشكيل الحكومة اللبنانية، التوتر في العلاقة الأميركية السورية المتوترة اصلا، ففضلا عن صرف النظر عن تعيين سفير أميركي في دمشق حتى اشعار آخر، اذ ان الموضوع صار «مكلفا سياسيا» بالنسبة إلى الادارة في مواجهة الكونغرس، بسبب التصرفات السورية، علمت «الراي» ان واشنطن ابلغت دمشق، ان لا وفود أميركية - لا مدنية ولا عسكرية - ستزور سورية ما لم تتألف حكومة في لبنان.

إلا ان واشنطن مازالت مستمرة بمحاولة اقناع دمشق بـ «تغيير سلوكها»، وهو ما سيسمعه نائب وزير الخارجية فيصل المقداد، الذي بدأ امس، زيارة للعاصمة الأميركية. وقالت مصادر رفيعة المستوى، ان حتى قبل اسبوعين، لم تكن سورية متورطة في عرقلة تشكيل الحكومة اللبنانية، الا انها اصبحت كذلك بعد شبه الانهيار الذي شهدته العلاقة الأميركية السورية.

وتعتقد ان قبل دخول سورية على الخط، كان مصدر عرقلة تشكيل الحكومة، «حزب الله»، والى حد ما إيران. وتضيف: «هناك ضمانة يطلبها الحزب في موضوع معين، حاول (رئيس حكومة لبنان المكلف) سعد الحريري تقديم ضمانات اثناء لقائه الاخير الامين العام لحزب الله (السيد) حسن نصرالله، الا ان الأخير اعتبر ان ما قدمه الحريري لا يكفي وخرج على الملأ ليحذر من عواقب في هذا الامر او ذاك».

وتشرح المصادر ان «حلفاء سورية في لبنان عبروا دوما عن نيتهم تسهيل التشكيل، حتى جاء تكليف الحريري مرة ثانية بعد اعتذاره بعد شهرين ونصف الشهر من تكليفه الاول، فانقلب الموقف السوري». وبالنسبة للنائب ميشال عون، تعتقد المصادر، انه «يدير العرقلة باسم حزب الله، وهو لن يتوقف حتى لو تم توزير صهره (جبران باسيل) واعطائه حقيبة الاتصالات، إلى ان يطلب منه حزب الله ذلك».

التغيير في الموقف السوري، جاء لاعتبارات «غير لبنانية»، حسب المسؤولين الأميركيين، «فسورية تقف على قدمها الخلفية في مواجهة شبح محكمة دولية اخرى تطالب بها الحكومة العراقية، وعلاقتها مع واشنطن تتأزم، والقاهرة ما زالت حانقة على (الرئيس بشار) الأسد، ودور قطر الاقليمي بدأ يتراجع بطلب أميركي، فلم يبق لسورية غير تركيا».

«حتى انقرة»، تقول المصادر، «لا تساند الشعارات السورية بالمطلق وتحض دمشق دوما على تغيير تصرفاتها والانفتاح على الغرب... اما الوساطات التي تقودها تركيا باسم سورية في مواجهة دول العالم، فهذه ليست من دون شروط، والشروط لا تعجب السوريين عادة».

المصادر الأميركية تعتبر ان «الظروف العالمية والاقليمية دفعت الأسد إلى موقع لا يحسد عليه، وعلى غير عادته، لا يحمل بيده الكثير من الاوراق، فاستمرار تثبيت الأمن في لبنان، هو وعد سوري للفرنسيين، وفي العراق صارت اي نشاطات سورية محط اهتمام دولي إثر دعوة العراقيين إلى محكمة دولية، أما المجموعات التي يحثها السوريون على مواجهة اسرائيل، فهي مرتبطة اكثر بإيران وتربط اي مواجهة مقبلة ستخوضها بالملف النووي الإيراني، لا بوضع دمشق الدولي».

بناء عليه، «بدأت العرقلة السورية الفعلية في وجه تشكيل حكومة في لبنان، ثم طار الأسد إلى الرياض ليظهر استعدادا لحل الازمة اللبنانية، في مقابل سترة نجاة ترميها اليه المملكة العربية السعودية، بدورها، أبدت استعدادا كاملا لاحتضان سورية، شرط تشكيل الحكومة اللبنانية».

ويقول مسؤول أميركي: «أما نحن فلم نطلب من السوريين المساهمة في حل المشكلة في لبنان، لان هذا يشكل دعوة إلى التدخل في الشؤون اللبنانية، لكننا أعلمناهم ان تطبيع العلاقات بيننا لن يستأنف في غياب حكومة لبنانية، مع اننا لن تخلى عن الحوار معهم كذلك». ويضيف: «يمكن لحلفاء سورية الافتراق عن حلفاء إيران وفرض تشكيل حكومة في لبنان... اي افتراق كهذا، يشي بان السوريين في طريقهم إلى الابتعاد عن المحور الإيراني في المنطقة واقترابهم من السعودية والولايات المتحدة».

وتختم المصادر بالقول: «لا عداء بين الولايات المتحدة وسورية، والأمور العالقة بين البلدين سهل حلها... السوريون يعلمون ما يتوقعه العالم منهم في لعبهم دور ايجابي في المنطقة كجزء من تحسين الاوضاع في لبنان والعراق والاراضي الفلسطينية، هذه الادارة بادرت إلى الانفتاح على سورية، ولم نر أي تغيير حتى الآن من الجانب السوري، وهو ما يجعل موقف الادارة صعبا داخل واشنطن على هذا الصعيد، وهذا ما سنحاول تكراره أمام السيد المقداد».

المقالة في جريدة "الراي"

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق