السبت، 20 فبراير 2010

واشنطن تعزّز تنسيقها مع دمشق وارتفاع أصوات أميركية معارضة

واشنطن - من حسين عبد الحسين

بعد ترشيح روبرت فورد سفيرا اميركيا لدى سورية، وقيام وكيل وزارة الخارجية، الاربعاء الماضي، بارفع زيارة من نوعها لدمشق، منذ العام 2004، علمت «الراي» ان وفدا يعنى بمكافحة الارهاب، زار العاصمة السورية في اليوم التالي لزيارة وليام بيرنز، وضم كلا من منسق وزارة الخارجية لشؤون مكافحة الارهاب دان بنجامين، وديفيد هايمن، من وزارة الامن القومي، ومورا كونولي، من مكتب الشرق الادنى في الخارجية، ومديرة مجلس الامن القومي ميغان ماكدرموت.

الا ان ارتفاع مستوى التنسيق بين البلدين، لم يمنع من ارتفاع اصوات معارضة لانفتاح واشنطن على دمشق. وترافقت مع ورود تقرير الوكالة الدولية للطاقة الذرية، من فيينا، جاء فيه ان سورية لم تتعاون حتى الان مع الوكالة في الكشف عن برنامجها النووي في مفاعل دير الزور، الذي قصفته المقاتلات الاسرائيلية في اكتوبر العام 2007.

صحيفة «واشنطن بوست»، اليسارية المقربة من ادارة الرئيس باراك اوباما والتي يعمل في اسرة تحريرها احد ابرز مؤيدي الانفتاح على دمشق الكاتب ديفيد اغناطيوس، كتبت في افتتاحيتها، امس، تحت عنوان «طريق مسدود في دمشق»، ان «فكرة انه يمكن، بطريقة ما، حرف الديكتاتور السوري بشار الاسد بعيدا عن تحالفه مع ايران ورعايته للارهاب، هي احدى اجرأ الافكار حول الشرق الاوسط».

واضافت: «بعد قيامه بحملة اغتيالات سياسية في لبنان، بما فيها قتل رئيس حكومة، يصر السيد (الرئيس بشار) الاسد على (فرض) فيتو على الحكومة اللبنانية». وتابعت: «لا يبدو ان اي عدد من المبادرات الديبلوماسية الفاشلة يمكنها الانتقاص من بريق هذه الفكرة».

واوضحت انها لا تمانع اعادة السفير او ايفاد بيرنز الى دمشق، لكن بيرنز سبق ان «فعل هذا من قبل في 2004»، مبعوثا من ادارة الرئيس السابق جورج بوش، حيث اجتمع مع الاسد.

وعددت الشخصيات التي سبق ان «انخرطت» مع الاسد، وهي تضمنت «رئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي، رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ جون كيري، عدد من الشخصيات الاوروبية من ضمنها الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي، حتى (رئيس حكومة اسرائيل السابق) ايهود اولمرت عقد مفاوضات شاملة مع الاسد من خلال وساطة تركية».

وتابعت ان «عددا غير قليل من هؤلاء خرجوا متفائلين، في البدء»، الا ان «اي من الزيارات هذه لم تثمر اقل تغيير في تصرفات السيد الاسد، او في طموحاته غير المقبولة». واضافت: «يريد السيد الاسد من الولايات المتحدة ان ترفع العقوبات، ويريد من الاتحاد الاوروبي ان يمنحه امتيازات تجارية، ويريد من اسرائيل ان تنسحب من الجولان وان تمنح سورية الضفة الشرقية من بحيرة طبريا، ويريد سيطرته على السيادة اللبنانية ان تكون مقبولة».

وكتبت: «في مقابل ذلك يعرض (الاسد)، ليس الكثير، كما يحصل في كل مرة، وهو ابلغ مجموعة من الزوار الغربيين انه لن يقطع علاقاته مع ايران كما لا تقطع الولايات المتحدة علاقاتها مع اسرائيل. وقال ان موضوع رعاية سورية لحزب الله وحماس ليس على الطاولة، ووعد بوقف الانتحاريين المتوجهين الى العراق، لكنه لم يفعل ذلك ابدا».

وختمت الصحيفة: «جرب هذه الفكرة عدد من الديبلوماسيين والسياسيين الغربيين اكبر من ان يحصى، والنتائج كانت دائما واضحة: لن تعمل».

على صعيد متصل، كتب الخبير في «معهد واشنطن لسياسات الشرق الادنى» ديفيد شنكر، في صحيفة «لوس انجليس تايمز»، اول من امس، ان «الولايات المتحدة تزيد من انخراطها مع سورية، لكن دعم دمشق لايران، وغياب اتفاقية سلام مع اسرائيل، لا تعطي الا القليل من الامل بان العلاقات الثنائية الاميركية السورية قد تتحسن في شكل ملحوظ».

وقال: «هناك تقارير تحدثت عن ان كوريا الشمالية استأنفت شحناتها من التكنولوجيا العسكرية الحساسة الى سورية، وهي الاولى منذ قصفت اسرائيل المفاعل النووي العسكري لنظام الاسد في 2007».

واعتبر الخبير الاميركي ان تطوير اسلحة دمار شامل، فضلا عن الدعم السوري المتواصل للارهاب، لا يظهران ان «النظام يحاول تحسين علاقاته الثنائية مع واشنطن، لكن تحت الضغوط الاقتصادية، وفي ظل جفاف كبير، لا شك ان دمشق تأمل في اغاثة جراء رفع العقوبات الاميركية المزمنة عليها». اضاف: «لكن بالنظر الى تصرفات سورية، من المستبعد رفع العقوبات في المستقبل القريب».

شنكر اعتبر ان بالنظر الى عدم اقتراب رفع العقوبات الاميركية، يحاول الاسد اليوم ابراز «فكرة المفاوضات مع اسرائيل كالسبيل المفضل للتقارب الكامل مع واشنطن، وسرت، في هذا السياق، اشاعات مفادها بان الاسد اكد لجورج ميتشيل، المبعوث الاميركي الى الشرق الاوسط، انه مستعد للحديث عن اتفاقية مع اسرائيل». وقال: «مع ان رسالة السلام هذه جذابة، الا انها لا تتمتع بمصداقية».

وختم شنكر بان اسرائيل لم تعد مهتمة «بالارض مقابل السلام، بل في اتفاقية حول الارض مقابل اعادة تموضع استراتيجية (لسورية)... وهذا يتطلب ابتعاد سوري، ممكن اثباته، عن تحالف استراتيجي عمره 30 سنة مع ايران».

الى ان يحصل ذلك، حسب شنكر، لن تتحسن العلاقات الثنائية بين واشنطن ودمشق.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق