الأحد، 21 فبراير 2010

نفوذ إيراني متزايد يعيد العراق إلى نزاعه الطائفي

واشنطن - من حسين عبد الحسين

قبل اسبوعين من الانتخابات البرلمانية المقررة في 7 مارس المقبل، ما زال النفوذ الايراني المتزايد في العراق يثير قلق الادارة الاميركية، خصوصا في مرحلة ما بعد خفض القوات، الى نحو 50 الفا، مع حلول الخريف المقبل.

وكانت واشنطن شهدت اسبوعا عراقيا، كان بطلاه قائد القوات الاميركية الجنرال راي اوديرنو، والسفير الاميركي في بغداد كريستوفر هيل، حيث عقد الرجلان اجتماعات مع مسؤولين رفيعي المستوى، تصدرهم الرئيس باراك اوباما، ووزيري دفاعه بوب غيتس وخارجيته هيلاري كلينتون، اضافة الى عدد من الحلقات الحوارية في ارجاء العاصمة الاميركية.

النفوذ الايراني يبدأ من شخصية عراقية مرتبطة بايران، يطلق عليها بعض الخبراء لقب «مغنية العراقي»، تيمنا بمسؤول «حزب الله» الراحل عماد مغنية. النائب في كتلة «الائتلاف العراقي الموحد» عن محافظة بابل، والمرشح حاليا عن لائحة «الائتلاف العراقي الوطني»، جمال جعفر محمد الابراهيمي، يلعب - مثلما كان مغنية - دور صلة الوصل بين ايران وحلفائها العراقيين، ويشرف على اعمال عنفية، حسب المسؤولين الاميركيين. واسمه الحركي ابو مهدي المهندس.

والمهندس من مواليد العام 1954. انتسب الى حزب الدعوة الاسلامية في السبعينات، وشارك في ايران في تأسيس ميليشيا «لواء بدر»، التابعة لـ «المجلس الاسلامي الاعلى».

وتعتقد مصادر اميركية رفيعة المستوى، ان ابان عودته الى العراق في 2003، قام المهندس بتنظيم ما عرف لاحقا «بفرق الموت» والسجون السرية»، لاغتيال، واعتقال، وتعذيب بعثيين سابقين، وضباط عراقيين، ممن شاركوا في الحرب ضد ايران، بين 1980و1988.

اوديرنو، في حوار في «معهد دراسة الحرب»، الثلاثاء الماضي، اشار الى المهندس بصفته «اليد اليمنى» لقائد «فيلق القدس» التابع للحرس الثوري الايراني، قاسم سليماني. كما اتهم رئيس «لجنة المساءلة والعدالة» العراقية احمد الجلبي، ومديرها التنفيذي علي اللامي، بالارتباط الوثيق بالمهندس. وقال ان الرجلين عقدا اجتماعات متكررة مع المهندس في ايران، حسب معلومات اميركية استخباراتية مؤكدة.

وقال اوديرنو: «نعتقد انهم (الايرانيين) متورطون حتما في التأثير على نتائج الانتخابات (العراقية)، وانه لمن المقلق انهم استطاعوا (التغلغل) على مدى فترة من الزمن».

وتحدث عن ظروف اعتقال الاميركيين اللامي في 2008، والافراج عنه في اغسطس الماضي، وقال ان اللامي، الذي ينتمي الى «تيار الصدر»، كان «متورطا في تفجير استهدف مدنيين وعسكريين اميركيين كانوا خارجين من اجتماع مع مسؤولين عراقيين في مدينة الصدر».

واضاف ان «من المخيب للآمال ان يتم تسليم احدا من امثاله (اللامي) مسؤولية ادارة لجنة اجتثاث البعث».

كذلك اتهم الجنرال الاميركي، ايران بالاستمرار بتمويل وتدريب وتسليح مجموعات عنفية داخل العراق، وان بدرجة اقل من السابق، مضيفا ان طهران صارت تعتمد اكثر في تدخلها في الشؤون العراقية على وسائل سياسية ومالية لزيادة نفوذها داخل البلاد.

بدوره، ايد هيل، اوديرنو، اثناء مؤتمر صحافي عقده في «نادي الصحافة الاجنبية»، وقال: «انا اتفق تماما مع الجنرال اوديرنو في هذا... ان هذين الرجلين هما حتما تحت التأثير الايراني». واضاف: «هذان، او في هذه الحالة الجلبي، تمت تسميته من قبل مدير سلطة التحالف الموقتة بول بريمر، في العام 2003، على رأس لجنة اجتثاث البعث، التي انتهى وجودها منذ عامين، وتم استبدالها بـ «لجنة المساءلة والعدالة».

وقال: «كل واحد (من لجنة اجتثاث البعث)، فهم ان مدته انتهت مع انتهاء صلاحية اللجنة، باستثناء السيد الجلبي، الذي تولى بنفسه منصبا في اللجنة الجديدة (المساءلة والعدالة) لم يسمه اليه احد».

هيل عبر عن تأييده لعملية اجتثاث البعث، لكنه حذر من امكانية تسييس هذه العملية، معتبرا انها تحتاج الى آلية واضحة. واضاف: «وهنا السؤال عن تصرفات السيد الجلبي، وانا لست بحاجة كي اشرح لكم او لاي احد حقيقة ان هذا الرجل فشل، على مدى السنوات، في اظهار انه شخص مستقيم».

«هكذا»، يقول هيل، «انا اتفق تماما مع الجنرال اوديرنو في تعليقاته، خصوصا في ما يتعلق بهذين الشخصين، كما اتفق معه في اننا نبقى قلقين من تصرفات ايران تجاه جيرانها... على ايران ان تتمتع بعلاقات حسنة مع جارها (العراق)، لكن عليها احترام سيـــــادة هذا الجــــار».

في هذه الاثناء، اصدر «معهد دراسة الحرب» وثيقة حذر فيه من النفوذ الايراني المتنامي في العراق. وجاء فيها: «مع ان منع مرشحين سنة معروفين من الترشح سيتحول الى رمز لدى السنة عن مدى حرمانهم في العراق الجديد، وسيكون لذلك عواقب على انتخابات 7 مارس البرلمانـــية، الا ان نزعة اخطــــــــر ظهـــــــرت (اخيرا)».

هذه النزعة، حسب مركز الابحاث الاميركي، تكمن في قيام «الحكومات المحلية (في العراق) بتنفيذ عمليات تطهير بعثيين خاصة بهم، غالبا ما تكون في الواقع عمليات ازاحة لخصومهم السياسيين». وهذا، حسب الدراسة، يحصل في عموم العراق. وتختم الوثيقة بان هذه الاجراءات «المتطرفة، تعيد العراق الى النزاع الطائفي نفسه، الذي خرج منه اخيرا».

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق