الأربعاء، 26 مايو 2010

الصايغ لـ «الراي»: واشنطن متشنجة لتعثر سياسة الانخراط مع دمشق

واشنطن - من حسين عبد الحسين

كثرت التكهنات عما دار في الاجتماعات المغلقة الاثنين والثلاثاء بين الوفد اللبناني، برئاسة رئيس الحكومة سعد الحريري، والمسؤولين الاميركيين الذين تصدرهم الرئيس باراك اوباما.

«الراي» التقت وزير الشؤون الاجتماعية ونائب رئيس «حزب الكتائب اللبنانية» سليم الصايغ الذي كان في عداد الوفد، وكان حوار عن مجريات الاجتماعات التي تطرقت الى احتمال اندلاع حرب، وتهريب الاسلحة الى «حزب الله»، وموقف لبنان وهو حاليا يترأس مجلس الامن من قرار العقوبات التي تنوي الدول الكبرى فرضها على ايران عقابا على عدم شفافية مشروعها النووي، والدور السوري في لبنان، والموقفين اللبناني والاميركي تجاه المحكمة الخاصة بلبنان.

ما الهدف الرئيسي لزيارة واشنطن؟

- الفكرة الرئيسية هي حماية لبنان من كل التطورات التي تحدث ان كان بعملية السلام، او التجاذبات الاقليمية، وعدم استتباب الوضع في العراق، وتطور الملف النووي، وتداعيات تعثر المفاوضات الفلسطينية - الاسرائيلية. كل ذلك يولد نزاعات وتشنجات اقليمية، عربية - عربية، وعربية - غير عربية، تجعل لبنان يدفع الثمن. هذا من ناحية. اما من ناحية اخرى، يقترب استحقاق المحكمة الدولية وضرورة دعم نتائجها، ايما كانت هذه النتائج، ودعم مسار هذه المحكمة سياسيا وقضائيا كي تعطي اشارة واضحة ان العدالة سائرة حتى النهاية، ولكن ايضا في السياسة قد يكون لها اثر معين خاصة اذا تبين ان هناك فرقاء عرباً او لبنانيين لهم اي صلة.

هكذا تصبح امكانية خربطة الوضع في لبنان من مصلحة هذه الاطراف، لذا من المطلوب حماية سياسية وديبلوماسية وتكثيف الحوار اللبناني - اللبناني لنزع الفتيل الذي قد ينفجر في حال (صدور قرارات من المحكمة الدولية).

لبنان هو الحلقة الاقليمية الاضعف وهو المكان حيث تصفى فيه الحسابات الاقليمية، لذا نعتبر ان الحركة التي يقوم بها الرئيس الحريري مطلوبة، وهي تلاقي الحركة التي يقوم بها الرئيس (ميشال) سليمان.

ماذا يمكن للولايات المتحدة تقديمه للبنان في ظل هذا المشهد الدولي والاقليمي الذي رسمته لنا؟

- اولا، لدينا الملف النووي الايراني وقضية العقوبات على ايران. لبنان يترأس مجلس الامن، ولبنان يسعى الى تحقيق موقف عربي موحد، يتم البناء عليه داخل مجلس الامن، في يد لبنان ورقة مهمة ايضا اي عضويته في مجلس الامن وعليه ان يستخدمها لخدمة مصالحه كذلك، وهذه الزيارة الى واشنطن لم تأت عن طريق الصدفة، بل في الشهر الذي يترأس فيه لبنان المجلس.

لبنان قادر على ان يلعب دورا عن طريق استخدام هذه الورقة للتأثير وخلافا لما قد نعتقد لبنان يستطيع من خلال موقعه ان يؤثر على عواصم القرار باتخاذ الموقف المناسب ازاء العقوبات، وهذا الموقف لم يتم اتخاذه حتى الان لغياب الاجماع العربي حوله.

نحن نقول ان افضل طريقة، وهذه نقطة شدد عليها الرئيس الحريري في كل اجتماعاته، هي التعاطي مع القضايا من منظور استراتيجي، وليس معالجة افرازات المشاكل وانما اسبابها، واولها قضية فلسطين، ودفع العملية السلمية نحو مسار متقدم، وهنا دور الادارة الاميركية ومسؤوليتها.

ما هو الموقف اللبناني من الموضوع النووي الايراني، وماذا سمعتم من الاميركيين بخصوص موقفكم هذا؟

- الاميركيون يتفهمون الموقف اللبناني، وهو حتى اليوم موقفا متريثا لا حاسما، لان الموقف اللبناني يقول، نحن مع النووي السلمي، وهذا حق لكل الدول، طالما هو مضبوط من الوكالة الدولية للطاقة الذرية. انما نحن ضد النووي العسكري، ولا بد ان ترتبط معالجة الملف الايراني بموضوع شرق اوسط خال من كل اسلحة الدمار الشامل، وهذا يعيدنا الى موضوع تقدم العملية السلمية. ولبنان ليس مضطرا ان يأخذ موقفا في تصويته اليوم ريثما تنتهي المشاورات العربية في هذا الشأن.

هل طلب الاميركيون موقفا لبنانيا معينا في موضوع الملف النووي الايراني؟

- الرئيس اوباما قال، اثناء الاجتماع الذي عقدناه معه، انه يتفهم الموقف اللبناني. هناك ادراك ان افضل موقف لحماية لبنان من التداعيات في المنطقة هو هذا الموقف الاميركي، وليس الطلب بان يعطي لبنان ما لا يستطيع ان يعطيه، مع التأكيد الاميركي المبدأي على التزام القرارات الدولية 1559 و1680 و1701، وهو ما ورد في بيان البيت الابيض.

هل طلب الوفد اللبناني بدوره من الاميركيين مواقف معينة؟

- الادارة الاميركية متشنجة نتيجة تعثر سياسة الانخراط مع سورية. هذه السياسة اصبحت شعارا ليس له ترجمة عملية. انا اعتقد، وموقفي هذا لا يلزم رؤية الرئيس الحريري، ان هناك نوعاً من القلق لدى الادارة الاميركية من تعثر سياسة الانخراط مع سورية، ومن عدم التزام سورية تعهداتها، وهنا تأتي ايضا قضية صواريخ «سكود».

لا يمكن الطلب من لبنان تقديم ما ليس لديه. لبنان يقول هاتوا اثباتا حول صواريخ «سكود»، وليس هناك من اثبات. • لكن هناك تقارير صادرة عن الامم المتحدة تعتبر ان تمرير السلاح ما زال قائما الى «حزب الله» حتى وان لم يكن «سكود»؟

- «سكود» هو ما يتحدثون عنه، اذا تحدثوا الى لبنان بخصوص موضوع «السكود»، هذا يعني ان لبنان في قلب اللعبة الديبلوماسية بعد ان كان تقريبا مهمشا وملحقا بالملفات الايرانية والسورية والفلسطينية. هناك تحركات من قبل رئيسي الجمهورية والحكومة، ونحن نقول لسورية اننا لا نريد الاذى لها، وهي ليس لديها مصلحة في ان يكون لبنان ساحة، لان ذلك سيرتد سلبا على لبنان وعلى سورية معا وعلى العالم العربي.

الاميركيون يريدون معرفة ان كان لبنان تحول الى دولة تابعة لسورية وايران تسرحان وتمرحان فيه كما تشاءان. لبنان قال انه ملتزم القرار 1701 بكل مندرجاته وفقا لما ورد في البيان الوزاري.

هل اثار اوباما موضوع «سكود» في شكل خاص اثناء الاجتماع ام عن السلاح في شكل عام؟

- ربما يتحدث الرئيس الحريري ان شاء عما تم الحديث عنه اثناء الخلوة الطويلة بينه وبين الرئيس اوباما. طبعا (اوباما) تحدث عن السلاح في شكل عام، ولم يكن هذا الموضوع هو تركيزه الاساسي. نحن قلنا بمزارع شبعا والرئيس اوباما تحدث عن تطبيق القرار 1701، وهذا القرار لا يتحدث عن مزارع شبعا بل يقول انها مرتبطة بعملية السلام وامن اسرائيل، ونحن لا نلتزم امن اسرائيل بل امن لبنان. افضل مدخل هنا هو التزام 1701 بكل مندرجاته بما فيها السلاح الآتي الى لبنان.

لكن اوباما طالب بأمور تبتعد حكومة لبنان عن اتخاذ مواقف في شأنها، مثل مطالبته بتطبيق القرار 1559 القاضي بنزع سلاح «حزب الله» والقرار 1680 الداعي الى ترسيم الحدود اللبنانية مع سورية؟

- نحن نقول ان القرار 1559 الذي يطالب بضبط السلاح على كل الاراضي اللبنانية، هذا جزء من حوار مع سورية لضبط السلاح في القواعد العسكرية الفلسطينية، نحن عبرنا عن وجهة النظر هذه، كل طرف عبر عن وجهة نظره، كان هناك تفهم اميركي لموقفنا، لم يكن محورا للنقاش، نحن نقول كلما تقدمنا بموضوع الحوار مع سورية، نخلص من السلاح الفلسطيني، وكلما تقدمنا في طاولة الحوار المعطلة في لبنان، نخلص من سلاح «حزب الله»، ونقول ان علينا، قدر الامكان، تقوية دور الدولة اللبنانية والجيش اللبناني ليقدر على تأمين الحماية اللازمة للبنان وعملية الاستراتيجية الدفاعية.

هناك استنفار ديبلوماسي اميركي حول قضية السلاح المهرب الى لبنان وحول قضية الصواريخ الموجودة في لبنان، والتي تهدد امن المنطقة وامن اسرائيل. الاميركيون قلقون من الموضوع، ولكنهم يعلمون انه لا يمكن للبنان ان يأخذ هذا الموضوع على عاتقه فهو اكبر من لبنان. هذا الموضوع هو سبب البرودة الاميركية مع سورية. لا يمكننا ان نطلب من لبنان اكثر من طاقته. سورية هي التي يمكنها ان تضبط الحدود من جهتها وقادرة على منع التهريب.

من الذي اثار موضوع المحكمة الدولية اثناء اجتماعكم مع اوباما؟

- نحن اثرنا ضرورة حماية لبنان من اي تداعيات ممكن ان تنتج من المحكمة.

لكن على الارض، كيف يمكن تطبيق ذلك، هل تعملون على تغيير مسار المحكمة او تغيير ردة الفعل المرتقبة؟

- تغيير ردة الفعل.

ولكن ردة الفعل ضد قرارات المحكمة في لبنان ليست بيد الاميركيين؟

- بامكان الاميركيين ممارسة الضغط على جميع الاطراف التي تعمل على افشال المحكمة. سورية تهمها العلاقة مع الغرب والعالم ولا يمكنها معاداة كل الناس وان تكون صديقة ايران فقط.

وكأن سورية تنتظر من الحريري ان يقول ان المحكمة مسيسة، وكأن المطلوب منه عدم اثارتها في المحافل الدولية؟

- في خطاب له، قال (الامين العام لحزب الله السيد) حسن نصرالله اذا المحكمة مشيت مثل ما اريد، تكون محكمة جيدة، والا تكون المحكمة مسيسة. هذا تحذير مباشر وهذا تسييس مسبق. فلنكن واضحين في هذا الموضوع، نحن لن نقبل ان تكون المحكمة عرضة للتسويات. السؤال الذي يطرح امامنا، حتى لو كلفت المحكمة تفجير لبنان، وكأنه نحن كلبنانيين نقرر بهذا لموضوع، المحكمة دولية، اللبناني لا يستطيع ان يوقف المحكمة حتى لو اراد.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق