الثلاثاء، 2 نوفمبر 2010

الكونغرس الأميركي في قبضة الجمهوريين والمواجهة مع أوباما سيقودها داريل عيسى

| واشنطن - من حسين عبد الحسين |

توجه الاميركيون، امس، الى صناديق الاقتراع لاختيار ممثليهم في الكونغرس، بمجلسيه النواب والشيوخ، وسط شبه اجماع، قبل اعلان النتائج النهائية، بحتمية تحقيق الجمهوريين انتصارا كاسحا، وتكبيدهم منافسيهم الديموقراطيين هزيمة كبيرة، على غرار ما فعلوا في العام 1994.

ووسط انعدام التوقعات بحصول مفاجآت تنقذ الديموقراطيين من مأزقهم، سيستعيد الجمهوريون مجلس النواب، الذي خسروه في انتخابات العام 2006، مع احتمال استعادتهم الاكثرية كذلك في مجلس الشيوخ، او على الاقل اقتسام مقاعده مناصفة مع الحزب الديموقراطي.

ويرى محللون ان الانتخابات جاءت بمثابة اقتراع على سياسات الرئيس الديموقراطي باراك اوباما، بعد عامين على اكتساحه الحزب الجمهوري ووصوله الى البيت الابيض بتفويض شعبي هائل.

اما اهم المسائل التي اظهرت استطلاعات الرأي انها دفعت الاميركيين الى التخلي عن اوباما، فتصدرها استمرار نسبة البطالة بمعدل يناهز العشرة في المئة، والمديونية الكبيرة التي تعانيها الحكومة الفيدرالية، والتي صارت تقلق معظم الاميركيين من الحزبين.

بيد ان هزيمة الديموقراطيين لا تعني بالضرورة خروج اوباما من الحكم في العام 2012، اذ ان تكرار سيناريو 1994 لم يؤد الى خروج الرئيس الديموقراطي من الحكم، فبعد انزال بيل كلينتون هزيمة نكراء بالجمهوري جورج بوش الاب في العام 1992، تراجعت شعبية كلينتون فخسر حزبه الاكثرية في الكونغرس في الانتخابات النصفية للعام 1994، ليعود كلينتون ويحقق انتصارا باهرا اثناء اعادة انتخابه في العام 1996، وينجح في تخفيض الدين العام، ويحجز لنفسه مقعدا في نادي اهم الرؤساء في تاريخ الولايات المتحدة.

اليوم ما زال مبكرا الحكم على رئاسة اوباما. الا ان ابرز ما تشير اليه هزيمة الديموقراطيين وخسارتهم الاكثرية في الكونغرس هو نفاد صبر الاميركيين، وخصوصا في خضم ازمة اقتصادية لم تشهد لها البلاد مثيل منذ الحرب العالمية الثانية.

ومن الواضح ان الاميركيين لم يفكروا مليا قبل اهدائهم الكونغرس الى الحزب الجمهوري على طبق من فضة، فبعيدا من الكيدية ومعاقبة الناخبين للحزب الحاكم، لا يبدو جليا كيف سينجح الحزب الجمهوري في «اعادة البلاد الى السكة الصحيحة».

هذه الكيدية ستكبد رئيسة الكونغرس نانسي بيلوسي منصبها، الذي سيقتنصه زعيم الاقلية سابقا، وعضو الكونغرس الجمهوري عن ولاية اوهايو، جون باينر. هذا المنصب، الذي سيؤول الى الجمهوريين، سيسمح لهم التمادي في تعطيل برنامج اوباما والديموقراطيين، وهذا التكتيك نفسه مارسه الديموقراطيون في وجه الرئيس الجمهوري السابق جورج بوش بعدما انتزعوا الاكثرية في الكونغرس في العام 2006.

ويعتقد الخبراء ان الشخص الذي سيلعب دورا محوريا في المواجهة التي سيخوضها الجمهوريون في مواجهة اوباما هو عضو الكونغرس من اصل لبناني، والجمهوري عن ولاية كاليفورنيا، داريل عيسى، الذي سيتولى رئاسة «لجنة مراقبة واصلاح الحكومة»، والتي تتمتع بدورها بصلاحيات واسعة، ابرزها استدعاء موظفي الحكومة الفيدرالية للتحقيق معهم والادلاء بشهاداتهم بتهم الفساد.

وسبق لعيسى ان اتهم اخيرا، اثناء مقابلة اجراها معه مذيع الراديو الجمهوري الشهير رش ليمبو، اوباما بانه الرئيس الاكثر فسادا في تاريخ الولايات المتحدة، وهذا ما ينذر بمواجهات سياسية حادة ينوي عيسى خوضها في مواجهة الادارة.

عيسى هو حفيد مهاجرين من لبنان، وما زال يعتنق مذهب الروم الاورثوذوكس، وهو ثاني اغني عضو كونغرس بثروة تقدر بمئتين مليون دولار، بعد السناتور عن ولاية ماساشوستس جون كيري، وهو الاغنى في الكونغرس.

اما في حال اظهرت النتائج النهائية، فوز الجمهوريين بالاكثرية في مجلس الشيوخ كذلك، فان الديموقراطيين سيصبحون في وضع اصعب، وسيجبر الجمهوريون ادارة اوباما على التراجع عن عدد اكبر من المواضيع، خصوصا في السياسة الخارجية، مثل سياسة الانفتاح تجاه بعض الدول مثل سورية وايران، اذ في حال خسر كيري مقعده في رئاسة لجنة الشؤون الخارجية لمصلحة الجمهوريين، فان جلسات مسائلة مسؤولي وزراة الخارجية من المتوقع ان يزداد عددها، وكذلك ترتفع وتيرة حدتها.

الولايات المتحدة ستحتاج الى ما يقارب الاسبوع حتى تنتهي تماما عملية الفرز، فيهدأ غبار المعركة الانتخابية، الاكثر انفاقا وتكلفة في التاريخ الاميركي، وينجلي حجم الخسائر الديموقراطية.

وفي اثر ذلك، سيجمع اوباما اركان ادارته وكبار حزبه للخروج باستراتيجية جديدة لادارة البلاد، في وقت يجمع المراقبون ان الخسارة الديموقراطية ستجبر اوباما على ممارسة الحكم «من الوسط»، بعدما امضى عامين مرر في اثنائهما كل التشريعات التي يعتبرها الاميركيون من الاجندة «اليسارية في البلاد».

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق