الأربعاء، 7 سبتمبر 2011

أوباما «المتهالك» شعبياً يكافح للبقاء

| واشنطن - من حسين عبد الحسين |
جريدة الراي

على بعد 14 شهرا من موعد الانتخابات الرئاسية الأميركية، يقف مساء اليوم الرئيس باراك اوباما، المتهالك شعبيا، امام جلسة مشتركة في الكونغرس، في اطلالة نادرة، للادلاء بخطاب خصصه لمعالجة ازمة البطالة المستشرية في البلاد، والتي تفوق التسعة في المئة. وكان استطلاعان للرأي اظهرا تراجعا كبيرا في شعبية الرئيس الاميركي، واحتمال فشله في الفوز بولاية ثانية.
الاستطلاع الاول، اجرته شبكة «ان بي سي» بالاشتراك مع صحيفة «وال ستريت جورنال» وجاء فيه ان اوباما «لم يعد في طليعة المرشحين للفوز بالانتخابات الرئاسية المقبلة»، وان «42 في المئة فقط يعتقدون انه يمتلك مواصفات قيادية».
وفي سيناريو متصور، اظهر الاستطلاع انه «لو اجريت الانتخابات غدا»، لتمكن اوباما من الحاق الهزيمة بالمرشح الجمهوري حاكم ولاية تكساس ريك بيري بـ 47 مقابل 42 في المئة، كذلك اظهر السيناريو فوز اوباما على المرشح الجمهوري الآخر ميت رومني بـ 46 مقابل 45 نقطة. بيد ان الاستطلاع اظهر ايضا ان هامش الفارق لمصلحة اوباما تقلص بواقع خمس نقاط مئوية منذ شهر يونيو الماضي.
الاستطلاع الثاني اجرته صحيفة بوليتيكو بالتعاون مع جامعة جورج واشنطن، واظهر ان اكثرية الاميركيين باتوا لا يوافقون على كيفية تعاطي اوباما مع المشاكل التي تواجهها الولايات المتحدة. وجاء في الاستطلاع ان 50 في المئة لايعتقدون ان الرئيس الاميركي يبلي بلاء حسنا وهو في الحكم، فيما يعتقد 45 في المئة انه يفعل ذلك.
بيد ان الاستطلاع نفسه اظهر ايضا ان اكثرية 74 في المئة من الاميركيين «يوافقون على اوباما كشخص»، وهذه النسبة هي الاعلى للرئيس الاميركي منذ فترة انتخابه، ما يعني انه على الرغم من ابداء الاميركيين لامتعاضهم من طريقة ادارة اوباما للازمة الاقتصادية، الا انهم ما زالوا يؤمنون بشخصه، وعلى الأرجح يميلون الى اعادة انتخابه.
في الحالتين، يبدو ان «صورة انتخابات 2012 مقلقة جدا لاوباما وحزبه الديموقراطي، وانما ليس ميؤوسا منها بعد»، حسب استاذ العلوم السياسية في «جامعة جورج واشنطن» كريستوفر ارترتون، الذي اعتبر ايضا انه «على الديموقراطيين ان يشنوا هجوما ساحقا على شكل حملة دعائية واعلانية سلبية ضد خصومهم الجمهوريين لتحسين موقعهم في الانتخابات المقبلة».
وسيحاول الديموقراطيون ابقاء اوباما في البيت الابيض، والمحافظة على الاكثرية في مجلس الشيوخ، وفي الوقت نفسه، انتزاع الاكثرية في مجلس النواب من الجمهوريين.
الا ان المحافظة على مجلس الشيوخ قد يكون مهمة صعبة للديموقراطيين، اذ ان 21 من مقاعدهم مطروحة لاعادة الانتخاب، في مقابل 10 مقاعد جمهورية فقط، ما يجعل عدد المعارك الانتخابية في دوائر الديموقراطيين اكثر، وفرصة محافظتهم على الاكثرية اقل.
اما في مجلس النواب، فيحتاج الديموقراطيون الى انتزاع 25 مقعدا في الانتخابات التي تشمل المقاعد جميعها والبالغ عددها 435، وهو امر معقول ولكنه يعتمد على مدى شعبية اوباما في وقت الانتخابات في نوفمبر 2012.
ويجمع النقاد على ان الموضوع الفصل الذي سيرجح كفة اي من الحزبين في الانتخابات المقبلة سيكون موضوع الاقتصاد الاميركي، فان ابدى هذا تحسنا، يعطي فرصة لاوباما للبقاء في منصبه وربما لحزبه ليستعيد اكثرية الكونغرس. اما في حال استمرار الركود الحالي او تدهور الاوضاع اكثر، فان حظوظ اوباما والديموقراطيين ستتقلص وستسنح ربما الفرصة امام الجمهوريين لاقتناص اكثرية مجلس الشيوخ، واضافتها الى اكثرية مجلس النواب، واخراج اوباما من البيت الابيض، واستبداله برئيس جمهوري، رغم ان المرشحين الجمهوريين للرئاسة غير مقنعين شعبيا حتى الآن ومازالوا يظهرون ضعفا وعدم اهلية لمنصب الرئاسة.
وتعتبر الباحثة الاستراتيجية في الحزب الديموقراطي سيليندا لايك، ان «نقاط قوة اوباما مازالت متوافرة، وهي تتمثل بتأييد الطبقة الوسطى له، ونجاحه في حماية اميركا من الارهاب... كذلك نجاحه في كيفية التعاطي مع موضوعي الرعاية الصحية والضمان الاجتماعي».
واظهرت احداث الخطاب الذي ادلى به اوباما في ديترويت، ميشيغان، بمناسبة عيد العمل يوم الاثنين، ان الحاضرين، ومعظمهم عمال واعضاء في النقابات العمالية، يهتفون له مرارا «اربع سنوات اضافية... اربع سنوات اضافية»، وهو ما يشير الى انه على الرغم من تردي الاوضاع الاقتصادية، فان الرئيس الاميركي مازال يتمتع بدعم النقابات العمالية بشكل عام.
وقالت لايك ان اوباما «يتعادل في الاستطلاعات مع الجمهوريين في موضوعي سوق العمل والاقتصاد، ولكن للرئيس افضلية في هذا المضمار بين اصوات المستقلين»
حسبما تظهر الاستفتاءات الخاصة التي تجريها ماكينة الحزب الديموقراطي الانتخابية.
الا ان الجمهوريين يصرون على ضعف اوباما. «الراي» سألت احد المقربين من «ثعلب» الحزب الجمهوري والمستشار الرئاسي السابق كارل روف، عن حظوظ اعادة انتخاب الرئيس الحالي، فزودنا برسم بياني يظهر مقارنة في معدل 
الاستطلاعات بين اوباما والرؤساء الثلاثة الذين سبقوه، اي جورج بوش الاب وبيل كلينتون وجورج بوش الابن. ويظهر الرسم انه في خمسة حقول هي «القبول بشكل عام» و«الرضا» و«الموافقة على الاداء الاقتصادي» و«الموافقة على الاداء في السياسة الخارجية» و«انتخابه رئيسا»، يتأخر اوباما عن هؤلاء الرؤساء في ارقام شهر اغسطس الذي يسبق الانتخابات بعام.

ثم ان في انتخابات 2012 عنصرا لم يكن متوافرا في جميع الانتخابات الرئاسية في تاريخ الولايات المتحدة من قبل، وهو امكان تقديم الشركات التجارية تبرعات مالية للحملات الانتخابية من دون سقف، ومن دون اجبار الشركات المتبرعة على كشف هويتها. هذه السابقة، التي جاءت بحكم من المحكمة الفيديرالية العليا صدر في يناير 2009، بعد اقل من اشهر قليلة على وصول اوباما الى الرئاسة، قد تشكل عنصرا حاسما في الانتخابات المقبلة، خصوصا ان الشركات المتمكنة ماليا غالبا ما تدعم حملات الجمهوريين الانتخابية.
كل هذه العوامل تقف في وجه اعادة انتخاب باراك اوباما وحزبه، واذا ما فشل الرئيس الاميركي في احداث تغييرات ملموسة على صعيد البطالة والوضع الاقتصادي في البلاد عموما، فان حظوظ اعادة انتخابه تبدو ضعيفة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق