الجمعة، 28 أكتوبر 2011

الحصان الجمهوري الأسود


حسين عبد الحسين
المجلة


في كأس العالم لكرة القدم يتم إطلاق تسمية “الحصان الأسود” على اي فريق يعكس التوقعات ويصل الى مرحلة نصف النهائي. في الولايات المتحدة، لولا اللّباقة السياسية المطلوبة وخصوصا على خلفية مراعاة الحساسيات العرقية التاريخية، لفاز المرشح الجمهوري هيرمان كاين بلقب “الحصان الأسود” بجدارة لقلبه تأخّره في استطلاعات الرأي تفوّقا، مما يجعل من فرص اقتناصه ترشيح الحزب الجمهوري لمنافسة الرئيس باراك اوباما في انتخابات 2012 كبيرة جدا.
وما يجعل كاين منافسا جديا انه، على غرار اوباما، لديه قصة كي يرويها عن النجاحات التي حققها ليدرك “الحلم الأميركي” بالترقي من فقره الى بحبوحته، فهو ولد لأب كان يعمل فراشا وحلاقا للشعر وسائقا بالأجرة وأم كانت تعمل في تنظيف المنازل.
يقول كاين عن أبويه، اللذين نشآ في مزارع ترابية كان يعمل بها من تبقى من زمن العبودية، ان عائلته كانت فقيرة، ولكن مثابرة ومجتهدة في العمل، وفيها الكثير من الحب.
ولأن والد كاين كان مثابرا، فهو نجح بشراء منزل للعائلة، على الرغم من تواضع امكاناته، ثم أمدّ ولديه بالمال اللازم لدخول الكلية والتخرج منها بشهادات جامعية.
كاين عمل في البداية مهندسا للكومبيوتر في البحرية الاميركية، ومن ثم محاسبا في شركة كوكاكولا، لتستقدمه شركة بيتزا “العرّاب” ليترأسها، فنجح بقلب ادائها من شركة شبه مفلسة الى واحدة منافسة اخذت تتوسع بشكل مطرد.
وفي مرحلة لاحقة، عمل كاين مقدما لاحد البرامج الاذاعية التي حملت اسمه. وفي العام 2006، تم تشخيص اصابة كاين بسرطان الامعاء، الذي وصل الى كبده، ولكنه تعافى من مرضه الخبيث بعد علاج مضنٍ.
على ان عملية ترشيح كاين مازالت معقدة وفي بداياتها، فهو حتى لو استمر في تقدمه شعبيا، سيحتاج الى ان تقوم مؤسسة الحزب الجمهوري، التي يديرها “الثعلب” والمستشار الرئاسي السابق كارل روف، بتمويل هائل من المليارديرين الاخوين كوخ، الى تبنّيه.
يذكر ان الاخوين كوخ قاما حتى الآن بتمويل “حركة حفلة الشاي” اليمينية المتطرفة، وهما يقدمان “شيكا على بياض” لروف وجمعياته الانتخابية، المعلومة منها والمستترة.
تبني مؤسسة الحزب الجمهوري لكاين، الاسود، ستكون سابقة تاريخية، وقد نقل نفر من الاميركيين عن روف، في مجالسه الخاصة، قوله إنه لا يعارض شخصيا ترشيح كاين، لكنه يرى صعوبة فائقة في النجاح في تسويقه ليتم قبوله من القاعدة المحافظة للحزب التي يتألف معظمها من البيض الانجيليين، الذين غالبا ما يرفضون الاختلاط العرقي، بل يؤيدون تكريس الانقسام بين الاعراق، فيذهبون الى دور عبادة للبيض فقط، ويرسلون اولادهم الى مدارس للبيض حصريا كذلك.
وينقل عن روف انه ابدى انزعاجه من خلو “الملعب الجمهوري”، على حسب التسمية الرائجة في عالم السياسة الاميركية، من مرشحين يتمتعون بوزن سياسي وشعبي يذكر ويمكن المراهنة عليهم لمواجهة اوباما وإلحاق الهزيمة به.
ومع ان كثيرين اشاروا لروف الى وجود مرشحين جديين هما محافظ ولاية ماساشوستس السابق ميت رومني ومحافظ تكساس الحالي ريك بيري، فإن “عقل الحزب الجمهوري” روف اجاب ان الاول يتبع مذهب المرمون، وهو ما يعتبره عدد كبير من المحافظين الاميركيين بدعة وسيرفضون التصويت له. اما نقطة الضعف الثانية في رومني، حسب روف، فهي افتقاده للكاريزما وتقلب مواقفه منذ احترافه السياسة، وهو ما افقده المصداقية.
اما بيري، فهو من دون شك من المغضوب عليهم لدى روف لأن المؤسسة الجمهورية، وعمادها آل بوش الذين يعدون روف واحدا من عائلتهم، حانقون على بيري الذي بدأ مسيرته تحت جناح هذه العائلة، ثم تمرد عليها وطعنها في الظهر ليبني مسيرته السياسية مستقلا عنها، وهو ما لا يبدو ان روف مستعد لنسيانه، مما يعني حرمان بيري من الوصول الى مصادر التمويل الجمهورية الضرورية لتمويل اي حملة انتخابية رئاسية، والتي يتصدرها الاخوان كوخ وفي عدادها الكثير من كبار المتمولين الاميركيين الموالين للحزب والمستعدين لتسديد اي ثمن لاسقاط اوباما وحزبه الديمقراطي.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق