الأربعاء، 2 نوفمبر 2011

هل تكون أولى بوادر «زلزال» الأسد موجة اغتيالات لسياسيين وإعلاميين لبنانيين؟

اغتيال رفيق الحريري: 14 شباط فبراير 2005

| واشنطن - من حسين عبدالحسين |

أبدت مصادر ديبلوماسية غربية في واشنطن مخاوفها من ان تكون اولى بوادر «الزلزال» الذي توعد به الرئيس السوري بشار الاسد المنطقة والعالم هي عودة موجة اغتيالات السياسيين والصحافيين التي اجتاحت لبنان بين الاعوام 2004 و2008.
وقالت هذه المصادر لـ «الراي» ان المعلومات المتوافرة لدى اجهزة الاستخبارات الاوروبية في بيروت التقطت مؤشرات عن تحرك مجموعات لرصد تحركات عدد من السياسيين اللبنانيين، يتصدرهم رئيسا الحكومة السابقان سعد الحريري وفؤاد السنيورة، والنواب وليد جنبلاط، ومروان حمادة واحمد فتفت.
وقالت المصادر انها تداولت هذه المعلومات مع المسؤولين الاميركيين والعرب والاتراك، وان هناك عددا كبيرا من التقاطعات التي تؤكد بدء الاستعدادات للقيام بهذه الاغتيالات، بانتظار الاشارة النهائية من المراجع السياسية التي تحرك مجموعات الاغتيال.
وكانت مصادر اميركية كشفت لـ «الراي»، في شهر مارس الماضي، وجود مخطط لاغتيال الحريري، وقامت اجهزة الاستخبارات العربية حينذاك بالطلب منه مغادرة لبنان فورا، وهو لم يعد الى بيروت منذ ذلك التاريخ.
من يعمل على اعداد هذه الاغتيالات؟ يجيب الديبلوماسيون الاوروبيون: «الجهات نفسها التي حاولت نشر الارهاب في صفوف معارضيها في الماضي». ويضيفون: «من وجهة نظر تحالف طهران ودمشق، هناك تشابه كبير في الظروف السياسية بين العام 2004 واليوم».
وتابعوا: «في العام 2004، اعتبرت كل من ايران وسورية انهما في خطر وجودي بسبب الحرب الاميركية في العراق، فاتخذتا قرارا بالتكافل والتضامن للمواجهة ضد اميركا والسعودية وحلفائها، خصوصا في العراق ولبنان».
واعتبرت المصادر نفسها ان «الاغتيالات التي شهدها لبنان في حينه لم تكن عقابا على تصريح او موقف سياسي ما، بل كانت محسوبة في ميزان مواجهة اعتقدتها ايران وسورية حاسمة، وتم اتخاذ القرار بتصفية عدد من المسؤولين اللبنانيين، ولكل واحدة من هاتين الدولتين مجموعات موالية لها في لبنان مستعدة دوما لتنفيذ قرارات الاعدام».
الرئيس السوري بشار الاسد وايران اليوم، حسب المصادر، يعتبران ان سعد الحريري «السياسي السني المعتدل، قد يشكل إلهاما للسنة في سورية، الذين ينتفضون حاليا للمطالبة باسقاط نظام الاسد... بينما هذا الاخير لا يرغب في رؤية نماذج سنية معتدلة، بل يعمل على تعزيز روايته القائلة ان في غياب حكمه، البديل الوحيد هو المجموعات الاسلامية المتطرفة».
ثم ان الحريري، كما تضيف المصادر، «عبّر عن وقوفه الى جانب ثوار سورية علنا، وهو ما يعزز من اعتقاد دمشق بضرورة ابعاده، وان قسرا ان اضطرت الى ذلك».
اما «النائب وليد جنبلاط، زعيم الدروز في لبنان وسورية، فهو لم يلب طلب الاسد بقيامه بتحريك دروز سورية للانضمام الى ما يعتقده الاسد تحالف الاقليات ضد السنة في سورية».
وتابع المسؤولون الاوروبيون: «لا يناسب الاسد اصرار جنبلاط على وقوف الدروز على الحياد قدر الامكان في لبنان وسورية، وعدم انجرارهم الى المواجهة الاقليمية بين ايران وسورية، من جهة، والدول العربية الاخرى من جهة ثانية».
يريد نظام الاسد، يقول هؤلاء المسؤولون، ان «يحدث بلبلة تؤدي الى خوف الاقليات في سورية ولبنان، ما يدفعها الى التورط في النزاع الى جانب الاسد وتحالف الاقليات الذي يحاول بناءه للاختباء خلفه والبقاء في الحكم».
اما النائبان حمادة وفتفت، فتقول المصادر، ان للاول «مصداقية كافية في حال حاول جنبلاط العودة الى تحالفه مع الحريري واحياء تحالف 14 مارس، اما فتفت فهو واحد من المسؤولين السنة في الشمال، وابعاده مطلوب لإخافة هؤلاء، وضعضعة قيادة الحريري في شمال لبنان المحاذي لسورية، فضلا عن اسباب متعددة اخرى».
وعن سبب التوقيت الكامن خلف عودة هذه الاغتيالات، توضح المصادر، ان سبب توقفها في الماضي جاء على خلفية تحسن العلاقات بين دمشق وعدد من العواصم الاوروبية والعربية، خصوصا باريس والرياض. «اليوم، مع انقطاع العلاقة معنا (الاوروبيين)، ومع انهيار التسوية بين الاسد وجامعة الدول العربية، يعتبر الاسد نفسه في حل من كل الاتفاقات السابقة، وتاليا يعتبر ان المواجهة والاغتيالات عادت مشروعة، وطهران تؤيده في ذلك».
وسألت «الراي» عن التباين بين معلومات الاوروبيين ورؤيتهم لنوايا دمشق وطهران في لبنان، وبين التصريحات المتكررة من الاسد وحلفائه اللبنانيين والقائلة إن «الاسد نجح في إلحاق الهزيمة بالانتفاضة ضد حكمه»، اذ لا يجوز ان يذهب الاسد في مواجهة دولية اقليمية مسرحها لبنان في وقت يعتبر نفسه في موقع المنتصر، فأجابت المصادر: «لم تتوقف التظاهرات في سورية... لم تتوقف الانشقاقات في الجيش... لم يتوقف نزيف العملات الصعبة في المصرف المركزي السوري، لم يهزم الاسد الا نفسه حتى الآن».
واكدت المصادر الديبلوماسية الاوروبية ان «الانتفاضة في سورية لن تستمر لتبلغ عيدها السنوي الاول (في 15 مارس 2012)». هل هذا بسبب ان الاسد سيلحق بها الهزيمة؟ يجيب المسؤول الاوروبي بابتسامة: «كل شيء في وقته».

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق